وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في قفص الاتهام.. جفاء مع المستهلك.. قلّة اكتراث بنشر الوعي وأخطاء تصل إلى حدّ التضليل

 

 

 

 

 

 

خاص – الخبير السوري:

لم تعد كافية الرقابة التموينية ولا الدوريات المستمرة لمعرفة المخالفات المتنوعة والعديدة المرتكبة يومياً في أسواقنا في ظل اقتصاد سوق مفتوح لكل ما هبّ ودبّ من السلع المستوردة والمنتجة محلياً، وبات نشر الوعي الاستهلاكي وتعريف المستهلك بحقوقه وواجباته أموراً إلزامية يجب رفعها طرداً مع تزايد تدفق المنتجات، قضايا تحمي المواطن من جميع أنواع الغش والتدليس والتقليد والاحتيال والخداع في جميع السلع والخدمات.

وإذا أردنا الخوض في البعد الاجتماعي لنظام اقتصاد السوق الاجتماعي فلا مناص من توجيه أصابع الاتهام إلى جهة بعينها لتحميلها المسؤولية الأكبر في عدم سماعنا بدعوى قضائية واحدة حتى الآن ناتجة عن شكوى رفعها أحد المستهلكين إلى مديرية حماية المستهلك في وزارة الاقتصاد أو إلى جمعية حماية المستهلك منذ صدور القانون الخاص بهذا الشأن، وقد تكون من الأسباب الرئيسية لانعدام ثقة المواطن بهذه الجهات، وبالتالي إضعاف دور المستهلك في حماية السوق مع مرور الزمن، ومن جهة أخرى ليس صحيحاً بشكل تام تفسير ضبط مئات المخالفات شهرياً بأن هناك حضوراً قوياً للرقابة، والأصح أكثر أن السوق أصبح غير منضبط وأن ما لم يتم كشفه أضعاف المعلن عنه.

خطوات غير محسوبة

وحتى نعطي كل ذي حق حقه، من المستحيل أن تستطيع يد واحدة التصفيق – ونقصد هنا جهات حماية المستهلك- دون مشاركة اليد الثانية وهي المستهلك، إلا أن نص قانون حماية المستهلك الذي يتضمن القيام بعمليات التوجيه والإرشاد، يطرح عدة تساؤلات أهمها: أين الحملات المنظمة الموجهة لكل فئة وشريحة استهلاكية من المجتمع، كالنشرات والمحاضرات العامة والمطويات والبوسترات والإعلانات الطرقية؟.

ويشير المعنيون في الوزارة إلى أنه تم نشر القانون عبر وسائل الإعلام والمواقع الالكترونية ودخلت الوزارة بتشاركية مع جمعية حماية المستهلك باستقدام خبراء ألمان لمعرفة أفضل السبل لرفع مستوى وعي المواطن، ويعتقد هؤلاء أن قضايا مازالت مجهولة ولا تُطرح بشكل جدي في الإعلام، هي السبب الرئيسي في تدني عدد الشكاوى المرسلة من المواطنين وقد تكون أخطرها الأعراف الاجتماعية التي تمنع المستهلك من الشكوى بدواعي الخجل أو المجاورة في السكن أو عدم الرغبة بالإساءة، رغم أن السوق الاقتصادي تحكمه شريعة البيع والشراء بالتراضي، وهنا يتساءل بعضهم، كيف يمكن للجهات الرقابية العلم بالمخالفة إذا لم تُقدم شكوى نظامية من الشاري؟ والأغرب من ذلك أننا نجد الكثيرين يستفسرون عن دورنا؟!

ومن ناحية أخرى يوضح مسؤولو “حماية المستهلك” جانباً آخر يؤكد ضرورة الأخذ به بعين الاعتبار، وهو موضوع مسايرة السوق حتى لا تُفقد بعض السلع منه وتُتداول بالسوق السوداء، وذلك من خلال إضافة التكاليف الدقيقة وهامش الربح بهدف إنصاف المستورد والتاجر أيضاً.

توازن مزعوم

رؤية اعتبرها بعضهم تنطلق من مبدأ التوافق بين الفاعلية الاقتصادية والتنمية الاجتماعية لخلق التوازن بين هذين الطرفين، إذ يؤكدون أن الاستمرار في توعية المواطن بحقوقه وواجباته يديم هذا التوازن، منوهين بالخطوات الإيجابية لوزارة الاقتصاد في هذا الخصوص التي رفعت من ثقافة المستهلك ووعيه، مستشهداً بالزيادة الملحوظة في عدد الشكاوى عاماً بعد عام، حتى إن مسؤولي الوزارة كشفوا عن تحسن نوعي في الشكاوى حيث لم تعد مقتصرة على الخضار والفواكه بل أصبحت على شركات السيارات والتأمين والمشافي الصحية.

مستهلك خبير

وفي حقيقة الأمر قد لا يكون المستهلك خبيراً بكل ما يتعرض له من عمليات غش وخصوصاً في المواصفات، لذا من الضروري تنشيط دوريات الرقابة على أسواق تتدفق إليها يومياً آلاف السلع المختلفة والمتنوعة، ضماناً لسلامة وصحة المستهلك، وهنا يشير موظفو الوزارة إلى قيام مديرية حماية المستهلك بسحب عينات وتحليلها من السوق بشكل مستمر للتأكد من مدى مطابقتها للمواصفات القياسية، ويرون أن التجاوب مع أي شكوى بتحرير المخالفة اللازمة من غرامة مالية إلى درجة إغلاق المحل أو المنشأة، طرق تعزز الثقة بين الجهات الحكومية المختصة والمستهلك، بينما يؤكد آخرون أنها مهمة لمنع الاحتكار وتشجيع المنافسة، وقالوا: إن تدخل الجهات الرقابية في الوزارات والهيئات والجمعيات الأهلية ضروري ومهم عندما تعجز آليات السوق عن القيام بدورها، لافتين إلى أن اقتصاد السوق ليس ذاتي الانضباط وبالتالي قد تحدث بعض الإخفاقات والاختلافات وهذا ما يحدث في جميع دول العالم التي تختار نظام السوق المفتوح نهجاً لها.

وكما هو معروف عالمياً أيضاً أن تصريحاً واحداً فقط يطلقه رئيس جمعية أهلية أو مدير في جهة حكومية ضد أي مُنتَج أو مُنتِج كفيل بخروجه نهائياً من السوق لم لهذه الجهات من مكانة، بينما نجد حرصاً زائداً عن اللزوم لدينا تجاه هذه القضايا التي مازال مسؤولونا يعتقدون أن الحديث عن قوائم سوداء من الخطوط الحمراء العالية الحساسية، رغم تفاقم مخالفات بعض التجار والمصنعين.

وفي هذا السياق لم يعد بالإمكان التستر على الدور الهزيل والمتواضع للجمعيات الأهلية التي تقتصر جهودها على تلقي الشكاوى ومن ثم التنسيق مع مديرية حماية المستهلك، لمعرفة الإجراءات المناسبة بحق المخالفين.

تحت عتبة الدعم

دور ضعيف عزاه الدكتور عابد فضلية أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق إلى عدم تلقيها الدعم اللازم والكافي من الجهات الحكومية والمجتمع الأهلي، ونظراً للزمن الطويل الذي تتطلبه هذه الجمعيات لتأخذ دورها المنشود، وأكد فضلية أن تطور السوق من حيث النوع والكم وتنوع مصادر السلع وآلية وطريقة عرضها، يفرض على وزارة الاقتصاد تطوير آلية عمل مديرية حماية المستهلك وخصوصاً في مجال التوعية والإرشاد حيث رأى أن دورها قيادي في هذه المهام والمنظمات الأهلية هي المساعدة والرديفة.

مؤشرات مهمة

ومن المؤكد أن معرفة المواطن كل حقوقه وواجباته سترفع من عدد الشكاوى، ويوضح فضلية أن غياب الدعاوى لا يكشف إلا عن أمر وهو أن هناك خللاً ما أو تعطيلاً مقصوداً، متسائلاً: لماذا لا يتم نشر قانون حماية المستهلك وتحديداً ما يتعلق بالحقوق والواجبات بشكل مفصل ومستمر عبر وسائل الإعلام، ولماذا لا يكون التخاطب واضحاً لتعزيز الثقة بين الجهات المختصة والمستهلك؟.

إذاً نحن بحاجة إلى تفعيل القوانين والتشريعات بالتزامن مع تفعيل دور المواطن في صيانة حقه باستهلاك آمن عن وعي ومعرفة، وليس بطريقة عشوائية، وإلا فما نفع بنود الحقوق إذا بقي القانون حبيس الخزائن، ومعطلاً للجزء الأهم من نظام السوق الاجتماعي وهو البعد الاجتماعي الهادف إلى التنمية والرفاهية من خلال المنافسة الشريفة وتحقيق العدالة بين جميع أطراف السوق.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]