عطاس سعودي لزكام أميركي….!!بقلم: ناظم عيد

إن تلبّدت الغيوم فوق آل سعود تمطر قذائف صاروخية من النوع مسبق الدفع فوق أحياء دمشقية، وإن ألحّ الزكام على التركي ظهر عطاسه في شوارعنا بهيئة سيارة “داعشيّة” مفخخة، أو صاروخ انتقامي من مدنيين أبرياء لتمرّدهم على مشاعر خوفٍ اكتشفوا أنها لم تعد تنفع في زمن الأزمات والاستحقاقات المصيرية.
ولعل العصف الذهني الذي يجتاح الأميركي هذه الأيام في بحثه عن سبل الإبقاء ما أمكن على حياة جموع إرهابية ترعرعت في كنفه “كل شبر بنذر”، هو ما أملى تشتيت الأنظار بقذيفة هنا وصاروخ هناك، لأن الوقت المستقطع له ثمنه الباهظ في المواجهة مع خصم عنيد كالروسي، المعهود بنهجه التصالحي في سورية، ولو لاح لواشنطن بملامح شريك مرحلي.
هي حقائق عانيناها وعاينّاها وجاهياً في الحسكة وحمص ودمشق خلال الساعات الأقل من المئة المنصرمة -وآخرها ينطوي بين جناحي يوم إلا قليلاً- فقد كنّا أمام ترددات فشلٍ وإحباط عصف بأروقة أقحمت فيها أحلام “الوجبات السياسية” ذات الدسم العالي المفترض، فهناك في عاصمة “رياض رعاية مواهب القتل” كان ثمّة روائح تشي بخلطات تكلّف معدّوها كثيراً عليها، فكان إحراقها صفعة لهم، وتبديداً لأحلام كل الراقصين حولها.. صدمة اقتضت الاستنكار على طريقتهم فكان الصدى التقليدي لهزيمتهم في أحيائنا السكنية، والضحايا كالعادة أبرياء، والبراءة تهمة في شُرعة رعاة الإرهاب!!.
فبعد كل فصول الشد العصبي التي اعترت تطبيقات سيناريو الرياض، وعمليات الحجز والحجر والتلقين، خرجت خلاصات اجتهادات آل سعود بعملة غير قابلة للتداول.. الروسي رفض الاعتراف بالتركيبة الصنميّة التي صنّعها آل سعود كممثل لـ “المعارضة السورية”، وكذلك إيران رفضت الاعتراف، فمن بقي إذاً ليعترف بهؤلاء اعترافاً من شأنه إكمال أسباب إطلاق لقاءات في فيينا أو في جنيف، أو أي مكان آخر يمكن أن يحتضن حواراً من النوع الذي يسعى إليه الأصدقاء الحقيقيون لسورية، الساعين لتوطئات فعلية للحل السياسي، أي على الطريقة الروسية، وليس الأميركية المخاتلة التي تتماهى تماماً مع نزعات رعاة البقر المولعين بلعبة رمي الحبال وترويض الخيول الجامحة!!.
لعله من المحبط لكل هواة السلام والمنافحين عن الملامح الناصعة في حياة الشعوب وحضاراتها، أن تعود التوافقات على المواجهة مع الإرهاب إلى المربع الأول بعد كل محاولة سياسية.. ولنا أن نتخيل كم هو حجم الأسف الذي يجب أن يعتري العالم، عندما تحتاج مكافحة الإرهاب إلى توافقات للبدء والانطلاق..!!.
وكم هو مخزٍ أن يعلن داعمو الإرهاب عن شروط لكبحه، وأن تغدو فصول المساومة والابتزاز علنية وسافرة تستهدف الكون أجمع، ليذعن من أذعن ويهادن من استُبيحت جنباتهم وعواصمهم و”كرامتهم” بلا تردّد..
كم هي كارثة أن تغدو صواريخ وقذائف الموت على الآخر-ونحن مثلاً- في أعراف الأوروبيين نعمة تستوجب الثناء والاسترخاء لحسن الطالع الذي حيّدها عنهم، وليكن من بعدهم الطوفان!!.
هي سابقة على مستوى تعاطي العقل والفكر البشري مع الظواهر الحساسة والطارئة، فأن يهدّد الإرهاب العالم، ويتوعّد حضارات وحياة الشعوب بالنسف والإلغاء، ويبقى الموضوع قابلاً للنقاش والأخذ والرد وباسترخاء أيضاً، نكون أمام مستجد ومنعطف قاسٍ بالنسبة لمزاج الإنسانية وقيمها الحيّة والسامية، لن يعيد تصويبه إلا إرادة الصمود والحياة التي باتت علامة فارقة لنا نحن السوريين، أصحاب أكبر ثورة على الإرهاب، وأجرأ انتفاضة قيمية على مروّجي وصفات الانبطاح.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]