موسم “الوجع والتوجّع” يداهم الأسر السورية …

الخبير السوري:

رغم العروض والتشكيلة المتنوعة من الألبسة المدرسية والقرطاسية التي طرحها العديد من الباعة في محالهم، إلا أن الإقبال على الشراء لا يزال شبه معدوم، فالأسعار التي لا تعرف الاستقرار وترتفع بين ليلة وضحاها من دون أن يكون هناك مجال لانخفاضها  ما جعل الأسواق في مدينة اللاذقية في حالة جمود لم تألفها خلال الأعوام السابقة.

النوعيات الجيدة تجاوزت ١٥٠ ألفاً

الأسواق الشعبية كما سوق العنابة في منطقة الشيخ ضاهر في المدينة التي تعد ملاذ المواطنين أصحاب الدخل المحدود تفتقر لزبائنها هذا العام، وسجلت أسعار اللباس المدرسي فيها صدمة للأهالي حيث وصل سعر (الصدرية) المدرسية إلى ٥٠ ألفاً للنوعية العادية ليتجاوز ٧٠ ألفاً للنوعية الجيدة، كما تراوح سعر اللباس المدرسي للمرحلة الإعدادية والثانوية “القميص” بين ٧٠ و ١٠٠ ألف للنوعية العادية وبين ١٠٠ و١٥٠ ألفاً للنوعية الجيدة، والبنطال تجاوز ١٠٠ ألف ليرة.

وبالانتقال إلى سعر الأحذية فقد تراوح سعر «البوط » بين ٧٠ و١١٥ ألفاً، ناهيك بأسعار النوعيات الجيدة التي تجاوزت ١٥٠ ألفاً، في حين وصل سعر الحقيبة المدرسية للمرحلة الابتدائية بين ٥٠ و ٧٥ ألفاً والمرحلة الإعدادية والثانوية بين ٨٠  و١٥٠ ألفاً وبعضها وصل إلى ٢٠٠ ألف.

وللقرطاسية حسبة أخرى يجب أن يأخذها الأهالي بعين الاعتبار، حيث تراوح سعر الدفتر المدرسي بين ٧٠٠٠ و١٣٠٠٠ ليرة حسب عدد الورق ونوعيته، كما تراوح سعر القلم الرصاص الواحد بين ٣٥٠٠ و٥٠٠٠ حسب الجودة والنوعية والممحاة الصغيرة ٢٠٠٠ ليرة ودفتر الرسم الصغير ٧٠٠٠ ليرة والكبير تجاوز ١٠٠٠٠ ليرة.

معاناة

عدد من الباعة أكدوا  أن السوق لم يشهد هذا الجمود من قبل، كما أن الأسعار لا تناسب أصحاب الدخل المحدود رغم زيادة الرواتب لأن الأسعار ارتفعت كثيراً ولا يمكن لرب الأسرة أن يلبي احتياجات أولاده، مبينين أن القليل من المواطنين يرتادون السوق ومنهم من يسأل عن الأسعار فقط من دون أن يشتري.

ليؤكد عدد من الباعة أن الأسعار سترتفع أكثر قبل الأسبوع الأول من العام الدراسي، فالأسعار غير ثابتة وأسعار القماش وأجور الخياطة ترتفع باستمرار، ولفت عدد من الباعة إلى أن حالهم كحال المواطن ويعانون من ارتفاع الأسعار كما المواطنين، فعدم استقرار الأسعار أثر في الجميع سواء البائع أم المستهلك.

وأكد صاحب إحدى المكتبات أن أسعار القرطاسية ارتفعت أضعافاً مضاعفة وسوف ترتفع أكثر مع افتتاح المدارس لأن الإقبال على الشراء سيزيد، وأجور نقل البضائع ارتفعت، مشيراً إلى أنه لا يرضى هذه الأسعار للمواطنين ويدرك حالهم ولكن ليس بمقدوره فعل شيء وحاله كحال المواطن.

غصة في قلوبهم

أمام هذا الواقع يضرب الأهالي “الكف بالكف” معلنين قلة حيلتهم مع هذه الحال، وبحسبة صغيرة لأحد المواطنين الذين التقتهم  «تشرين» في أحد المحال ولديه ولدان في الصف الثاني والخامس فإن الولد الواحد سيكلفه بين ٣٠٠ و ٥٠٠ ألف إذا ما استغنى عن شراء الصدرية المدرسية، حيث سيرتدي ابنه الصغير الصدرية القديمة لأخيه الكبير، وسيكتفي بشراء قميص وبنطال لولده في الصف الخامس ولكنه لن يستطيع غض النظر عن شراء الأحذية والقرطاسية وحقيبة واحدة، متسائلاً: كيف لي أن أجاري الأسعار وأي راتب يكفي هذه الأسعار؟

وأضاف آخرون: إن الأسعار غير منطقية وغير مقبولة حيث إنهم يرون النوعية ذاتها للألبسة التي كانت العام الماضي والبضاعة نفسها ولكنهم رأوا أسعاراً لاهبة، مشيرين إلى أن النوعية المطروحة للألبسة والأحذية لا تتناسب مع هذه الأسعار.

وقال أحد المواطنين: أعمل في عملين صباحاً ومساءً، وما أحصل عليه لن يكفي ثمن كسوة لباس مدرسي لأبنائي في المرحلة الثانوية فإذا اشتريت لهما حذاءين بسعر ٣٠٠ ألف فلن أستطيع شراء القرطاسية واللباس المدرسي.

وأكدت إحدى الأمهات أنها ستقوم بإعادة تدوير ملابس أطفالها الثلاثة والحقائب قدر الإمكان حيث إنها لن تستطيع شراء سوى الأحذية وهذا ما جعل في قلبها” غصة “، وتساءل مواطنون عن دور الرقابة ومكانها وهل يمكنها أن تخفف عنهم حملهم الثقيل ولو مرة؟

١٤ ضبطاً للحقائب

من جهته بيّن رائد عجيب رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في اللاذقية أن المديرية وجهت دورياتها لمراقبة الأسواق وبشكل مكثف والتأكيد على باعة المفرق حيازة الفواتير النظامية والإعلان عن الأسعار ومطابقتها الفواتير، مع المراقبة والتشديد على وجود بيان التكلفة بالنسبة للمصنعين وعدم تجاوز نسب الربح المحددة.

وأشار عجيب  إلى أنه تم خلال الأيام الماضية التركيز على مراقبة الحقائب المدرسية، حيث تم تسجيل ١٤ ضبطاً لعدم الإعلان عن الأسعار وعدم حيازة فواتير، لافتاً إلى أنه سيتم التركيز على مراقبة القرطاسية والمكتبات حالياً وكذلك اللباس المدرسي.

المبادلة بين الأبناء والأقارب

وبهذا الخصوص قالت الباحثة في القضايا التربوية والاجتماعية الدكتورة سلوى شعبان إنه من البدهي لنا أن نسعى لتأمين احتياجات أبنائنا الطلبة قبل افتتاح المدارس بفترة قليلة لأنه أمر يعد من الأولويات لكي نحافظ على استمرارية العملية التربوية والتعليمية ونوفر ما نستطيع توفيره ليكون الطالب لديه رغبة ومتعة باستقبال العام الدراسي بروح شغوفة وهمة عالية لينهل العلم والفكر بالتوافق مع نموه الجسدي.

وأضافت: لعل هذا الموضوع له أهمية عند الطلاب الصغار في المرحلة الابتدائية لما يعنيه في نفوسهم البريئة، فما على الأسرة سوى السعي والبحث عن المكان الأمثل الذي يتوفر فيه كل الاحتياجات المدرسية وبأسعار تشجيعية تتناسب مع الوضع الاقتصادي الصعب الذي نعاني منه جميعاً، ولعل المؤسسات الاستهلاكية الحكومية وصالات وزارة التجارة الداخلية  تبيع وتوفر المستلزمات بأسعار تنافس أسعار السوق وبفارق يوفر علينا المبالغ الأكبر.

وتابعت: كما أن التدابير الأسرية المتنوعة التي تقوم بها الأمهات تعد من الخطوات المميزة في التوفير المادي وتأمين ما يحتاجه أبناؤهم بالاقتصاد بذلك كاللباس المدرسي الذي يمكن تداوله بين الأبناء والإخوة بالانتقال من صف دراسي إلى آخر إذا صغر قياسه وكان نظيفاً ومرتباً كأنه لباس جديد.

وتابعت شعبان: بما أننا وسط حصار اقتصادي خانق علينا وعلى البلد فلا عيب بأن نعتمد موضوع المبادلة بيننا نحن الأقارب والأصدقاء وبين أولادنا في مراحل أعمارهم المتنوعة، بالكتب واللباس المدرسي وحتى بالأحذية وغيرها من اللوازم.

ولفتت شعبان إلى ضرورة التخفيف من عدد الدفاتر، فالأسعار مرتفعة وأحياناً لا يشعر الأبناء بثقل هذا الحمل على أهاليهم فكل ما هو مطلوب يعتبرونه واجب التحقيق، لذلك علينا بتعليم الأبناء موضوع الاقتصاد بكل المواد وعدم الهدر والمصروف الزائد والتماشي مع الحياة المعيشية، فالكل يعيش هذه المرحلة الحساسة، فيا حبذا أن يشعروا بأهمية ما نتحدث عنه حتى نتغلب جميعاً على العقبات ونتجاوز التحديات والصعوبات..تشرين

سراب علي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]