هل نحن مجتمع مريض…لم كل هذا الشغف بالطب والطبيّات إذاً ؟؟

جنى طحطح – الخبير السوري:

في يوميات الطالب السوري على بوابات الجامعات ..بوابات المستقبل، ما يستفز الرغبة بالحزن حتى البكاء..وفي خلفيات هذا المشهد ما يحزن أكثر و أكثر..حيث حفلات السمر احتفاء بأن ” المحروس أو المحروسة ” فاز بـ ” الطب” أي بما يشبه صك غفران جديد كما صكوك الكنيسة في عصور الظلام الوسطى..؟؟

لم نعي بعد أن الإنسانُ يكبرُ بأحلامهِ والتخلي عنها يكون أشبه بشهقةِ الأنفاس ِ الأخيرة، أن تغدو محلقاً بأحلامكِ الشهب لا تأبى نزعَ المخاوف ناسياً أنّات الليالي الموجِعَة لترسمَ حلمك بيديك .

عيونُ المجتمع تَرقبُنا وتنظرنا لنكونَ يوماً أساس في طياتهِ العظيمة، كلنا أبناؤه كلنا حلم عظيم في شغافه اللامتناهي

يتعبُ الإنسان ُ اثنتا عشر سنة ليكون بصمة لامعة تترك أثرها لجيلٍ بعد جيل …

ولطالما الأحلام تتطاردُ في فضاءِ الخيال الواسع فلا بد أن تتخللها حواجز تعيقها …مشكلتنا اليوم في نفوسِ شبابنا في اللوثةِ الاجتماعية الظاهرة في الهوس الكبير في الاختصاصات الطبية ” الطب وطب الأسنان والصيدلة”..ويالها من جائحة تجتاحنا ونحن نظنها امتيازاً نفاخر به لجسر عقد النقص ذات الألف لون ولون..

 فإن كنتم تروا مجتمعكم مريضاً وبات في ” أرذل العمر”.. هذا لا يعي أنكم بهذا الاختصاص ستداوونه ،هو يحتاجُ أن يرسلَ صوته أن يجدَ من يعبر عنه وعن مشاكله ومعاناته …..بنفسِ القدر الذي يحتاجهُ لبناءِ أساس ٍ متين ينهض بأبنائهِ ليكونوا البناة الحقيقيون ليكبّروهم جيلٍ بعد جيل ليعلو بهم إلى سحابِ الأُفق ِ.. كل زاوية بالمجتمع تحتاجُ مهنةً تسّدُ ثغرتها نحنُ بحاجةِ المهني كما بحاجةِ الطبيب بكفةِ الميزان الأخرى ..والكفة الراجحة لمن يقدم بعطاءٍ وتفانٍ، ويدركُ واجباته اتجاه مجتمعه .

 ما نعانيه اليوم  يعكسُ آثارَهُ على المجتمع.. فأن تكونَ ملاكاً للرحمةِ هذا لا يعني فقط أن تملك لقبَ الطبيب فهذا يستنزفُ روحَك إن أمكن، كما يقول أحد الأطباء العظماء: أن تكتبَ مقالاً في الطب أسهلُ بكثيرٍ من تَعَلّم المهنة في الممارسة العملية …فلكلِ مهنة قدرٌ عظيمٌ من التعبِ والجهد وأينَ ما يميل هدفُكَ أبدعْ فمجتمعنا بحاجتنا كلٌ على حدى بدءاً من عاملِ النظافة، حتى الطبيب ومن دون أيّ تحيّز لمهنةٍ ما فالمستقبل بالعمل ….

هي جذوة قاتلة بدأت بكيّنا رويداً رويداً، وجدت من يؤججها ويزيد أوارها.. وياله من مشهد محزن اليوم، أن نبرهنَ عمداً أو عفواً، القول والنظرية القديمة التي كانت ترى أن المال هو من يصنعُ الإنسان، وليس بما تربينا عليه أن الإنسان هو من يصنع المال .

 لقد وجدت الجامعات الخاصة في اللهاث وراء حلم أن نكونَ أطباءً  بأموالنا، ميداناً خصباً لحصاد الطموح على طموح، طموح المال بناء على طموح الرغبة المنبلجة من عمق عقد النقص العميقة الضاربة في جذور هذا المجتمع.. هنا تُهدم أحلامٌ حقيقةٌ وتبنى أحلامٌ  لمن لا يستحقها، فبأيّ حق يُحَددُ مصيرنا المال وخيارات مستقبلنا التي لطالما كبرت مع كل دمعةٍ وإرادةٍ لا تستحقَ إلا الوصول بإبداع…وختامها نحنُ

فالإنسان وحده من يحددُ موقعَه ومكانتَه بالمجتمع وليس المكانُ من يقيّم مكانته ..

هامش: للعلم..العلوم الإنسانية هي السيدة في رغبات طلاب المجتمعات المتحضرة..فالطب والصيدلة وطب الأسنان والهندسات حالة مهنية..لكن العلوم الإنسانية فكر و إبداع مجرّد وملكات لا تسكن إلا في ذوات المبدعين كقادة اجتماعيين.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]