الفاسدون يصرخون بصوت المواطن هذه المرّة..فهم خاطئ لقصّة توطين حصص الخبز ومكافحة ” سماسرة الدعم “

  • ” وفر التوطين” ليس من حصة المواطن، بل من حصص الفاسدين الذين يتاجرون بالمادة..وإلا كيف وصل الخبز التمويني إلى الباعة بسعر حر أي ١٠٠٠ أو ٢٠٠٠ ليرة للربطة؟

  • هل نجح الفاسدون في استثمار حالة النقص في المخصصات لتعبئة المواطن سلبيا ضد – فكرة التوطين- لتحويل الانتباه وإظهار الضوابط الجديدة على أنها سبب المشكلة..؟؟

  • تسييل الدعم وارد في كل المجالات..حتى الصحة والدواء..الا الخبز فهو رقم صعب والتعاطي معه خطير وحسّاس.

الخبير السوي:

غالبا لا يحظى الدواء المر بشعبية كافية، ولا الجراحات العميقة رغم أنها تكون شافية .

ما يحصل في “حديث الخبز ” اليوم هو معالجات جراحية بعد أن فشلت المعالجات الإسعافية المتكررة والمتعددة، في وضع حد لممارسات الفساد والهدر والمتاجرة بلقمة العباد والبلاد..وقد ثبت أن تيار الفساد متماسك ومتعاضد في وجه أي إجراء من شأنه بنر حالات التلاعب و “الاستثمار في الممنوع”.

سيرة الخبز باتت طويلة والملف متراكم حتى بات سميكا جدا..وكان آخر الجراحات العلاجية على طريقة الكي هو ” التوطين” أي تثبيت الحصص بموجب البطاقة الالكترونية لدى معتمد محدد وفق توزيع جغرافي أفقي مضبوط..لوضع حد لفوضى التوزيع وتبعثر الكميات وضياعها بين تفاصيل سلسلة” الفرن والزبون والمعتمد بينهما”..

الواقع أن غياب التوطين واستمرار عشوائية التوزيع قد أتاح مساحات كبيرة من التلاعب لدى أصحاب الأفران ولاسيما الخاصة منها..وأخضع مجمل العملية لمزاجيات ثم مصالح بدأت ولا يبدو أنها ستنتهي إلا بالتوطين الذي كان مؤخرا مثار جدل لم يكن لازما.

فربما نجح المستفيدون في استثمار حالة النقص في المخصصات لتعبئة المواطن سلبيا ضد الفكرة – التوطين- لتحويل الانتباه وإظهار الضوابط الجديدة على أنها سبب المشكلة.

وكان للإجراء المتسرع من قبل الوزير الجديد أثرا صادما لأنه إجراء غير مدروس يناغي – بشكل عفوي –  مصالح  محددة في تراتبيّات منظومة الاستفادة غير المشروعة..ولا نتهم الوزير وإنما نشير إلى قرار غير مدروس تم إلغائه فورا لأسباب دستورية ..ولا نظن أنه سيعود إليه بعد أن تصبح القرارات دستورية، لأن على السيد الوزير التمعن أكثر ودراسة الحيثيات بعمق..وعندها سيجد أن المشكلة ليست في “التوطين”بل في نقص الكميات ومخصصات الدقيق أساسا..

وسيتأكد أن القرار أعقد وأخطر من مجرد وجهة نظر يمكن معالجتها بطريقة فيسبوكية.

نظن أنه ليس من الحكمة العودة إلى المربع الأول، من الهدر والفساد في توزيع أهم مادة على الإطلاق في يوميات السوريين ..خصوصا وأن ثمة أرقام موثقة للوفر الحاصل في آلية التوطين التي تم تطبيقها في ثلاث محافظات..ويجب أن نعلم ونتأكد جميعا بأن الوفر ليس من حصة المواطن، بل من حصص الفاسدين الذين يتاجرون بالمادة..وإلا كيف وصل الخبز التمويني إلى الباعة بسعر حر أي ١٠٠٠ أو ٢٠٠٠ ليرة للربطة؟

هل تنازل المواطن عن حصته التي يشكو أساسا من أنها غير كافية؟

إن الكميات التي وفرتها آلية التوطين يمكن أن يجري عكسها على مخصصات الأسر كزيادة.. أي انتزاعها من أيدي الفاسدين والمتاجرين باللقمة ومنحها للمواطن.

يتحدث السيد الوزير عن تسييل الدعم..وهذا إجراء تم التطرق إليه كفكرة في السابق..لكن نظن أن ذلك ممكن نسبيا بالنسبة للسكر والرز..لكنه غير وارد موضوعيا بالنسبة للخبز..سيما وأن ثمة خلاف كبير على تقدير حاجة الفرد من الخبز يوميا..والخبز مادة أساسية في الأمن الغذائي للسوريين فهناك أسر تعيش على المادة في عذا الظرف الصعب بسبب تعذر شراء كميات كافية من الطعام المكمل..والأسر الميسورة نسبيا تتنازل عن جزء من مخصصاتها للأكثر فقرا وهي حالة التكافل التي نلمسها جميعا في الحارات والأحياء..ولا نظن أن الأسر ستتنازل عن مخصصاتها عندما تصبح نقدية لأسر أخرى محتاجة..أي سيضطر الفقراء لاستكمال حاجتهم اليومية بشراء الخبز بالسعر المحرر..وهذا سيخلق أزمة كبيرة.

تسييل الدعم وارد في كل المجالات..حتى الصحة والدواء..الا الخبز فهو رقم صعب والتعاطي معه خطير خطير.

هامش: سألنا رجلا ستينيا متقاعدا اليوم عن حاجته اليومية من الخبز فكان الجواب ..ربطة أو على الأقل ستة أرغفة يوميا ..طبعا كانت إجابته على خجل كي لا نتهمه بالشراهة ليوضح أن ضيق ذات اليد هو السبب.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]