بطاقة بحث عاجلة عن رجال أعمال لبنانيين وسط ركام الدمار الجديد.. ؟؟..

الخبير السوري:

رجل الأعمال ” ثروة وطنية”..هي فرضية متأصّلة في أدبيات الاقتصاد على مستوى العالم..لكنه أيضاً قوّة مدمّرة للاقتصاد ..إن نحى منحىً سلبياً وغرق في مستنقعات الفساد..

هي حقائق لا يمكننا نحن سكان هذه المنطقة من العالم إنكارها، و إن تجاهلها كلّ الكون..ففي الحريق اللبناني وانفجار المرفأ اليوم وقبله ” الحريق السوري الكبير”..ما يضع القوى الاقتصادية الفاعلة في فوكس المشهد العام، لجهة الدور الإنقاذي الذي يمكن أن يلعبوه في مجتمعاتهم..مع الإشارة إلى أن الحدث اللبناني فتح ملفات فساد لرجال أعمال، في سياق تجاذبات سياسية، الله وحده من يعلم أين سيكون مآلها.

كما عوّلنا نحن سابقاً على رجال أعمالنا في الحالة الإنقاذية، من حرب مع الإرهاب كانت عبارة عن حرب استنزاف مديدة..لكننا صدمنا بحجم الاستجابة القليلة في حسابات النسبة والتناسب..ها هم جيراننا اللبنانيون يعولون على ” شتات هائل” من رجال أعمالهم..لكن على الأرجح لن تظهر في أفقهم أسماء لامعة..أي إن كانت لدينا في سورية مبادرات قليلة..يتوقع أن تكون شبه معدومة في لبنان، ليس لأنهم يفتقرون إلى كفايتهم من رجال الأعمال، بل لأن التجاذبات السياسية ستحول دون تسجيل مبادرات في السياق الإنساني، وهذا أكثر ما يثير القلق في الأزمة التي انفجرت بالأمس – على أرضيّة أزمة قائمة أساساً – وعلى الأرجح سيكون جزء من الفاتورة التي ستسدد في الحساب الإنساني من نصيبنا نحن السوريين.

نعود إلى الحالة السورية والأزمة طويلة الأمد، التي أنتجت فرزاً واضحاً في بنية قطاع الأعمال، وأظهرت مبادرات بالغة الإيجابية لبعضهم، فيما تركت مئات علامات الاستفهام، حول بعضهم الآخر..الذي كان مطلبياً إلى حد مخجل بالفعل، فظهروا وكأنهم ” يغنّون في مجالس العزاء”.

بالتأكيد يعرف اللبنانيون رجل الأعمال السوري وسيم القطّان الذي انفرد بشكل لافت بتسجيل حضور غير مسبوق على مستوى الدور الإغاثي والإنساني، فالرجل دفع بأطنان من السلع الغذائية على إيقاع صراخ المأزومين في يومياتهم المعيشية جراء الحصار الخانق – وليس مجرد الحرب – ونشر سلسلة أدوار تدخلية على شكل متوالية، على نطاق واسع في محافظتي دمشق وريف دمشق، رغم أنه رئيس غرفة تجارة ريف دمشق، لكن يبدو أنه مقتنع بأن المبادرات الوطنية لا تعترف بحدود إدارية في البلد الواحد..دون أن يسعى وراء كاميرات التلفزة لتوثيق وتسويق مبادراته..فما لا يعرفه كثيرون أن هذا الرجل تبرّع ببضعة مئات من ملايين الليرات السورية، لمحافظة ريف دمشق لغايات دعم فني وهندسي من أجل تمكين المحافظة من أداء دورها التقليدي على مستوى الإعمار أو التوطئة لها، بما أن المحافظة كانت من المحافظات المنكوبة بالنشاط التخريبي للجماعات الإرهابية المسلّحة.

هذا في وقت اكتفى رجال أعمال سوريون آخرون بمبادرات تشبه من يتبرع بـ ” سطل ماء” لإطفاء حريق كبير، أو بالتصريحات و التعبير عن نياتهم الحميدة..لتتلاشى أصداء تصريحاتهم مع أول نسمة هواء عابرة..

اللبنانيون يعرفون وسيم القطان جيداً..ويعرفون الأثر العميق الذي تركه على مستوى تلمّس جراح أبناء جلدته..ويكفيهم اليوم أن يحذوا حذوه ” بضع رجال أعمال يمكن أن يحدثوا علامة فارقة الآن”..ويجب ألا يتأخروا..لأن بازار السياسة قد بدأ..وهناك أحاديث عن مساعٍ غربية لسحب الملف بالكامل لاستعادة زمام السيطرة على القرار اللبناني، بعد أن بدأ بالتوجه شرقاً أي ” الصين إيران وروسيا”..

يجب أن يخرج رجال أعمال لبنانيون حالاً، لإعلان مبادرة من نوع ما دون أن ينتظروا انقشاع الغبار وتبدد الدخان، لأن في الغد سيكون للتعاطي مع ملف الانفجار لغة أخرى غير لبنانية.

لبنان بحاجة إلى رجال أعماله اليوم – بل بأمسّ الحاجة – وبشكل مختلف عن الحالة السورية، فسورية بلد موارد متنوعة، أما لبنان فبلد موارد معطلة..بائدة..مهدورة..وهي في اتجاه واحد..الاتجاه المالي الذي كان الخاصرة النازفة ولبنان كلّه هذه الخاصرة في الواقع.

يكفي لبنانيين حالياً بضعة رجال أعمال وطنيين – كوسيم القطان – الذي يعرفونه جيداً وبعضهم عن قرب..يكفي وسيكونون بخير..لأن المشكلة التي ستظهر لديهم تواً هي مشكلة أمن غذائي..بما أن “حريق المرفأ” قد أتى على إهراءات القمح ومخازن السلع وكذلك مستودعات الأدوية..كما مستودعات المال.

نرجو أن يكون لدى الأشقاء اللبنانيين ما يفخرون به في هذه المحنة القاسية..لأن رجل الأعمال ” ثروة” إن أراد هو ذلك.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]