” العشرين الكبار ” أمام هواجس السياسة والاقتصاد العالمي!

الخبير السوري:

لم تنفك تطالعــنا وسائل الإعـلام منذ أيام بأنباء عـن «مجموعة العشرين» (G20) وعـن أخبار منتداهم للتعاون الدولي× واجتماع أوساكا باليابان؛ فيما يخص أهم نواحي المجالين المالي والاقتصادي العالميين.

لبيان أهميتها نقول: إنها تمثل اليوم نحو 66% من سكان العالم، و75% من التجارة الدولية، و80% من الاستثمارات العالمية، و85% من إجمالي الناتج المحلي العالمي.

وتضم المهام والأهداف الرئيسة للمنتدى تنسيق سياسة الدول الأعضاء من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنمو الثابت وتحريك النظام المالي لتخفيض الأخطار ومنع وقوع أزمات مالية، وكذلك إنشاء هيكل مالي دولي جديد.

وتم اتخاذ القرار حول تأسيس «مجموعة العشرين» في لقاء وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية لسبع أكبر اقتصاديات عالمية (بريطانيا وإيطاليا وكندا والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا واليابان) في واشنطن في أيلول عام 1999، فيما جرى مؤتمر تأسيس المجموعة في كانون الأول عام 1999 في برلين.

يعود تأسيس «مجموعة العشرين» للأزمة المالية لعامي 1997 و1998، التي أظهرت ضعف النظام المالي الدولي في ظروف عولمة العلاقات الاقتصادية، كما أظهرت أن الاقتصاديات النامية ليست مندمجة بالشكل الضروري في مناقشة وإدارة الاقتصاد العالمي.

ويقضي الشكل الرئيسي لنشاطاتهم بإجراء لقاءات سنوية على مستوى وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية. وفي عام 2008 اتخذ قرار حول تغيير شكل لقاءات «مجموعة العشرين» وأرفعه لمستوى رؤساء الدول والحكومات.

وتضم المجموعة حالياً 20 دولة، وهي:

الولايات المتحدة وكندا والمكسيك والبرازيل والأرجنتين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وجنوب إفريقيا وتركيا والسعودية وروسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وأستراليا والاتحاد الأوروبي.

وتقليدياً يشارك في قمم «مجموعة العشرين» أعضاؤها الدائمون و5 دول ومنظمات دولية أخرى. أما الاتحاد الأوروبي فيمثله رئيس المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي.

وتعقد قمم المجموعة في الدولة التي تنفذ واجبات رئيس المجموعة, ويتم تغيير الدولة الرئيسة للمجموعة كل عام. وعام 2015 كانت تركيا ترأس «مجموعة العشرين»، فيما عقدت قمة المجموعة عام 2016 في الصين، وعام 2017 في ألمانيا، وعام 2018 في الأرجنتين. واستضافت اليابان قمة «مجموعة العشرين» الآن في 2019.

وتشارك روسيا في كل قمم «مجموعة العشرين» منذ تأسيسها. كما كانت تقترح مناقشة المسائل التي كانت تدخل بشكل ثابت فيما بعد في البيانات الختامية لهذه القمم. وكانت ترأس «مجموعة العشرين» عام 2013 واستضافت القمة في أيلول عام 2013 في مدينة سان بطرسبورغ.

نعـود لاجتماعـات اليابان, تعد «قمة أوساكا» الاقتصادية واحدة من أكثر القمم التي شهدت انقسامات منذ سنوات بحسب اتفاق المراقبين.

وعلى الرغم من أنه لم يتم الاتفاق خلالها على حلول جذرية للمشكلات الاقتصادية التي تواجه العالم، إلا أن إنجازها الأهم تمثل في وقف التصعيد في الحرب التجارية بين أميركا والصين موقتاً. وقد كانت هناك خمس قضايا هيمنت على مناقشات تلك القمة.

أولاً: وقف الحرب التجارية بين واشنطن وبكين التي تسمى «معركة القرن»، علماً أنها اندلعت قبل نحو سنة.

ثانياً: تحديات الاقتصاد العالمي الناجمة مِن انخفاض في النمو العالمي بسبب التوترات التجارية، ما يزيد من الضغط لمنع انهيار العملات ما يهدد بعواقب كارثية، إذ تعتمد اقتصادات دول الاتحاد الأوروبي على الصادرات.

ثالثاً: احتل موضوع إيران وتأمين إمدادات النفط من الشرق الأوسط والتصعيد بين واشنطن وطهران في الخليج مكانة خاصة على أجندة القمة، ولاسيما على خلفية سلسلة حوادث استهداف الناقلات في خليج عمان.

رابعاً: تغيرات المناخ وهي محل خلاف بين أميركا والاتحاد الأوروبي؛ وتدعم المجموعة «اتفاقية باريس» المبرمة في عام 2015، وتعدها وثيقة لا غنى عنها وكانت إدارة ترامب انسحبت منها في عام 2017.

خامساً: تلوث المحيطات. تسعى اليابان إلى بذل جهود ترمي إلى خفض تلوث المحيطات بنفايات بلاستيكية، وأعلنت بعد لقاء وزراء البيئة في المجموعة قبل أسبوعين أن دول العشرين يجب أن تتبنى خطة جديدة في هذا الشأن.

تتميز القمة باللقاءات الثنائية بين قادة الدول المشاركة،حيث كان اللقاء الأهم بين ترامب ونظيره الصيني شي جينغ بينغ وجرى خلاله اتفاق يهدئ حدة التوترات التجارية بين الدولتين وينصب على استئناف المفاوضات بينهما، وعدم فرض رسوم جمركية جديدة على صادرات بكين إلى الولايات المتحدة.

غير أن مثل هذه الاتفاقات التي يغلب عليها الطابع الدبلوماسي هي اتفاقات مؤقتة، خاصة إذا وضعنا في الحسبان سياسات الرئيس ترامب المتقلبة، علماً أنه قال عقب اتفاق التهدئة إن بلاده لن تلغي العقوبات المفروضة حالياً على الصين على الأقل في الوقت الراهن.

أعطت قمة مجموعة العشرين في اليابان شعوراً بمقاربة حلول وسط في العديد من النقاط المثيرة للجدل في السياسة العالمية.

قد يقوم الكاريكاتور التالي بتفسير الوضع كله: فبعـدما يرقص ترامب التانجو مع رئيس الصين؛ في بداية انفراجة دولية؛ يطلب من روسيا رأيها في مقترحاته مناولا ً بوتين المقترحات؛ يجيبه الأخير من دون أن يأخذها منه «تبدو جيدة؛ فقد درسناها البارحة»– في إشارة ضمنية لاختراق الروس نظم المعـلومات الأمريكي!

محتوى بيان قادة مجموعة العشرين شديد الأهمية، ليس من وجهة نظر تطبيقية، إنما من زاوية توجهات السياسة العالمية في الأشهر المقبلة. يبدو الجزء الاقتصادي مثيراً للاهتمام بشكل خاص لأن رؤساء دول مجموعة العشرين اتفقوا على رفض منح حق اللجوء لأولئك الذين فروا من بلادهم بتهمة الفساد.

د.سعـد بساطة – تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]