الخبير السوري:
فتحت الحرب «العين» على كثير من الفرص الاقتصادية الضائعة في البلاد، والتي إمّا أنها لم تكن تُستثمر بالشكل الأفضل، أو أنها كانت مغيّبة تماماً عن الخريطة الاستثمارية قبل سنوات الحرب. والشريط الساحلي يشكل برهاناً على مقولة: سوريا لا تزال بكراً في حجم استثماراتها ونوعيتها
حتى دخول الروس والإيرانيين على خط مفاوضة الحكومة السورية لاستثمار بعض مرافقها المتمركزة في طرطوس واللاذقية، لم يكن الشريط الساحلي، الممتدّ من السمرا شمالاً حتى الخرابة والشيخ جابر جنوباً وبطول قدره 183 كيلومتراً، ينعم باستثمارات كبرى توازي أهميته الجغرافية كبوابة للتواصل الحضاري والاقتصادي لسوريا ودول المنطقة منذ عدة قرون. وباستثناء عدد محدود من المنشآت السياحية ومرفأين، فإن المشروعات الاستثمارية المُنفذة والإيرادات المالية المتحققة من الشريط الساحلي أو الأملاك العامة البحرية تكاد تكون شبه معدومة. إذ إن النسبة المشغولة على الأملاك العامة البحرية، والمرخصة بشكل قانوني، لا تتجاوز 8%، مقابل إشغالات مخالفة كثيرة، لم يتم حصرها إلى الآن.
واللافت أن الساحل السوري افتقد حتى الاستثمارات التقليدية التي تستقطبها مثل هذه المناطق.
وبحسب رئيس «جمعية العلوم الاقتصادية في اللاذقية»، سنان علي ديب، فإن «الاستثمار في المنطقة لم يكن بالشكل الصحيح، فالمشاريع السياحية تُعدّ على الأصابع، وبخدمات عشوائية غير منضبطة وكوادر غير مؤهلة، والزراعة لم تترافق مع صناعات متخصصة توفّر فرص عمل وترفع من القيمة المضافة للمحاصيل المنتجة، لا بل إن المعامل التي كانت منافسة وفريدة في المنطقة تم إغلاقها». ويضيف في حديثه إلى «الأخبار» إنه «حتى المرافئ كانت تُستثمر بشكل بسيط وغير مجدٍ، فضلاً عن قضية الاستملاكات التي مرّت عليها عقود من الزمن دون أن تجد طريقها إلى الحل». واتضح حجم الخسائر مع دخول شركة سورية ــــ فرنسية على خط استثمار محطة حاويات مرفأ اللاذقية، حين قفزت إيرادات الحكومة من نحو 4 مليارات إلى أكثر من 20 مليار ليرة، ومن دون أن تتكلف خزينة الدولة أي ليرة، وفق ما ينصّ عليه عقد الاستثمار، الذي يتضمن حصول الحكومة على نحو 61% من الإيرادات المتحققة، ثم جاء الاتفاق السوري ــــ الروسي للاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية السورية، فاتحاً بذلك «العين» على ما تحتويه المنطقة من فرص استثمارية تتعدّى البعد المحلي، وتالياً فإن اتفاق دمشق مع شركة روسية لاستثمار مرفأ طرطوس ليس سوى الخطوة الأولى لفتح صندوق «الكنز» المقفل منذ سنوات طويلة، وخاصة أن المعلومات المتداولة تتحدث أيضاً عن استثمار إيراني قريب في مرفأ اللاذقية.
بقعة ضوء
مع أن عام 2008 شهد الإعلان عن إطلاق مشروع سياحي ضخم يقع على الامتداد الساحلي لرأس ابن هانئ في اللاذقية، وبكلفة تقديرية تصل إلى نحو 350 مليون دولار، وقبله بسنوات كان هناك مشروع ضخم آخر في طرطوس بكلفة وصلت في عام 2010 إلى نحو 500 مليون دولار، إلا أن ذلك لم يكن ليغير المشهد الاستثماري للمنطقة، التي كان عليها أن تنتظر حتى أواخر عام 2017 لتكون موضع اهتمام لجنة فنية مُشكَّلة من وزارتَي السياحة والنقل لتقديم ورقة عمل تتضمن الخطوات التنفيذية لإنجاز الخريطة الاستثمارية للأملاك العامة البحرية في الساحل.
تبرز مشكلة القانون الحالي الذي يتيح تحويل الأملاك البحرية العامة إلى أملاك خاصة
التعليقات مغلقة.