الروس يكسبون”حرب الطائرات” التي أشعلها الدردري في أروقة مؤسسة الطيران السوريّة ؟!!

ناظم عيد – الخبير السوري:

حسمت الحرب على سوريّة، حرباً من نوع آخر كانت تجري داخل أروقة مؤسسة الطيران السورية، حيث أسكت صوت الرصاص أصوات “حسيس” أقلام السجالات المريبة، والمراسلات المكتوبة كحواشٍ ذيّلت” أطناناً” من المقترحات، التي تفاعلت لإنقاذ الأسطول المتهالك العائد للناقل الجوّي الوحيد في سورية آنذاك.

قبل الأزمة علت أصوات الجدال بشأن مصدر الطائرات البديلة التي سيصار إلى ترميم أسطول ” السورية” منه، وكان جدالاً مثيراً للشكوك في الواقع، بدا على خلفيات مصلحية للوهلة الأولى، إلّا أنه سرعان ما تكشّف عن توجهات ذات صلة باصطفافات سياسية أبعد من سوريّة، لكنها غير بعيدة مطلقاً عن توجهات الدفّة التي كان يجتهد ” رموز الحقبة الدردريّة” لدفعها و تحويل بوصلة إدارتها، نحو المضمار الغربي الأوروبي، وهو توجه لم يكن بخافٍ على من راقب عن قرب في تلك الحقبة، ونذكر أنه قد أحدث انقساماً حاداً داخل أروقة مجلس الوزراء، حيث بات لدينا فريق ألصقت به تهمة ” المحافظين” في مواجهة ” الليبرالية الدردرية” التي حصلت على وثائق اعتماد غير معلنة ممهورة بخاتم وتوقيع صندوق النقد الدولي و أحياناً البنك الدولي، الذي فاجأنا ولأول مرّة في تاريخ سورية، بالإشادة بتقارير ” منجزات” الليبرالية و الاقتصاد السوري الحر الذي كان بوابة الانهيار التنموي، رغم الأرقام والفبركات التي دفعت بمعدلات النمو السوري إلى حوالي 6 % ، رغم تقهقر مساهمة قطاعي الزراعة والصناعة الأساسيين ؟!!

لنبق في موضوع ” السورية للطيران” التي تلقت عروضاً سخيّة من شركات تصنيع الطيران المدني الروسي، و تمت دعوتها لمعارض هناك حققت صدى عالمياً، كمعرض شركة سوخوي ، الذي احتضن خيارات مغرية لمؤسسة بائسة، حالها كحال مؤسسة الطيران السورية، إلّا أن الصفقات لم تحصل بسبب شروط تعجيزيّة تم الإيعاز بها للفريق الفني في المؤسسة بقيادة كبير الطيارين ” د. م” حينها والذي كان يتلقى توجيهاته مباشرة من النائب الاقتصادي عبد الله الدردري.

ووصل حد “الحذاقة” في التفاوض التجاري لهذا الفريق مع شركة سوخوي، أنهم طلبوا أن تكون قمرة القيادة مقتصرة على كرسيي الطيار ومساعده، أي بدون المهندس الملاحي، كما هو الحال لدى شركة إيرباص الفرنسيّة.

طبعاً لم تستطع ” سوخوي” حينها تنفيذ الرغبة، ولم يفهم أحد حتى الآن، أين المشكلة في وجود كرسي الملاح ، أي ثلاثة أشخاص داخل القمرة، كما هو الحال في شركة بوينغ الأميركية ؟؟؟

وفي لقاء شخصي لنا مع المهنس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء آنذاك، سألناه عن حال ” السورية” وأسباب التعثر في ترميم الأسطول، وكانت المفاجأة أنه أفادنا بذات المعطيات التي نعرف..صراع وتنازع بين الطيارين الشرقيين المنحدرين من المؤسسة العسكرية، والآخرين الغربيين أصحاب الهوى ” الإيرباصي” فكانت النتيجة تعطيل حركة التوجه شرقاً.. الروسي بقي مادّاً ذراعيه لنا، فيما شركة إيرباص كانت تلتزم بقرار المقاطعة الذي تم فرضه على سورية ، بعد مقتل رفيق الحريري  وتسييس الحادثة ضد سورية، وبقينا بلا طائرات نحلّق مع الأحلام الليبرالية نحو أجواء محظور علينا الاقتراب منها؟!!!

الآن بتنا على بوابات نهاية الحرب، نوثّق انتصار سورية وصمودها، بعيداً عن “الليبرالية الدردرية” التي غادرت البلاد مع أول رصاصة نحو ” مطابخ سياساتها” التي أرهقتنا و أنهكت قوانا تماماً.

لتبدأ بوادر العودة إلى خيار سوق الطيران الروسيّة، كخيار وحيد رغم استراتيجيته، وتبدو الأمور سلسة بدون معرقلين، وبدون صراع إيديولوجيات في أروقة السلطة التنفيذية.

فقد أعلن السفير الروسي لدى دمشق، ألكسندر كينشاك، أن روسيا وسورية تجريان مباحثات حول شراء سوريا لطائرات “إم إس-21”

و طائرة “أم إس-21” الروسية، هي طائرة مدنية تستطيع أن تقل ما بين 150 و211 راكباً، وتبلغ سرعة “أم إس-21” الروسية 870 كلم/ ساعة.

وقد خصصت طائرات “إم إس-21″ لنقل المسافرين والحمولات على الخطوط الجوية المحلية والدولية وهي قادرة على منافسة أفضل الطائرات الغربية الصنع.

 

هامش: في ذروة حاجتنا الماسة للطائرات، كان لدى ” السورية للطيران” طائرتي ركاب روسيتي الصنع – توبوليف على ما نظن – فتم إيقافهما عن الطيران بجهود الفريق القوي في المؤسسة، والإعلان عن بيعهما في مزاد عالمي، مع مستودعي قطع غيار ضخمين، وكانت المفاجأة أن الروس هم من تقدموا للشراء و اشتروا طائراتهم، لنبقى بلا طائرات بتلك السعة، ولنتجه نحو الطائرات الصغيرة والرديئة

/ atr/ التي باتت الآن عبارة عن خردة وعبئ ثقيل.

 

ملاحظة: معلوماتنا من وحي متابعتنا للملف حينها، وليس من أحد زودنا بها من منطلق الصيد في المياه العكرة، نرجو أن تكون الذاكرة قد أسعفتنا بقدير قريب للموقف.

8 تعليقات
  1. سهام عمران يقول

    كلامك أستاذ ناظم دقيق جداً…وهذا ما حدث فعلاً…أضف إلى ذلك كلفة اقامة طائرتين جامبو في مطار العودية من قبل ١٥سنة !!!بقصد التعميرولا أدري مصيرهما الآن

  2. عبد اللطيف عباس شعبان يقول

    نعم منجزات” الليبرالية و الاقتصاد السوري الحر الدردري كان بوابة الانهيار التنموي، رغم الأرقام والفبركات التي دفعت بمعدلات النمو السوري إلى حوالي 6 % ، رغم تقهقر مساهمة قطاعي الزراعة والصناعة الأساسيين ؟!!والمؤ سف لا زلنا نشهد أن العمل باتجاه الازدهار التنموي تنقصه الكثير من النوايا الصادقة والإجراءات الحاذقة.. وعلى الوطنيين المتبصرين بوقائع الأمور أن يتحلوا بالمزيد من الجرأة في الدلالة على مواطن الخلل المعهود والإخلال المقصود

  3. M.KALKHA يقول

    ما قيمة نشر هذه الحقائق في هذا الوقت.

  4. ادارة يقول

    كي لا تتكرر ويتسلل “أشخاص مفخخون” إلى سورية في أثواب أنبياء مخلّصين خلال مرحلة الإعمار

  5. أديب الأشقر يقول

    هذه الادعائات التي كما نشرتم في مقالكم انها غير مدعومة بأدلة لعدم وجودها ماهي الا علاقة يتم تحميل الفشل عليها كونه اسهل الاساليب.
    وان العمل لدى البنك الدولي و المنظمات الدولية لم يكن تهمة ولا مسبة الا لقصيري النظر لعدم رؤيتهم بعض المرتشون الذين اذا ضاق عليهم شراء الفلل و القصور بالداخل اشتروها في الخارج.
    بالعودة للموضوع فقد أغفل معد المقال شرح الوضع الاقتصادي المتعثر خلال تلك الفترة للاقتصاد الروسي وحيث كان من اولويات السيد بوتن هو ضبط مافيات النفط و اعادة بناء العظمة الروسية

  6. ادارة يقول

    ما جاء في المقال موثّق ..والبنك الدولي كما الصندوق لم يكن يوماً “صندوقاً للثقة”..
    لقد أطاح بدول وتسبب بتجويع شعوب..بمزيد من الاطلاع والبحث سوف تستنتج ذلك.
    لك بالغ المودة

  7. ادارة يقول

    ولعلنا كنا سائرون في طريق الإفقار ..لو استمرينا بتطبيق الوصفات خلسة كما جرى..

  8. أديب الأشقر يقول

    اشاركك الرأي بصفات بعض اصحاب النفوذ في البنك الدولي و صندوق النقد و انه قام بإفقار و تخريب الكثير من الدول النامية كما انه دعم و رفع قاطرة النمو في بعض الدول القليلة و منها النهضة الاقتصادية التي شهدتها تركيا قبل اردوغان
    فالموضوع هنا حسب من و لمن و كيف ؟؟؟
    ما اريد توضيحه هو ان الرجل لم يسرق لجيبه مثلا ثمن عقد الطائرات مثلما فعل من كان في موقعه قبله الدكتور سليم ياسين مثلا و هنا يجب ان نميز بين :
    الاختلاف في المدارس و الاّراء و الخبرات و المطالبة باستمرار التوقعات التي تغير توجيه الدفة لمسيرة الاقتصاد السوري
    و بين وضع أشخاص على لائحة المختلسين لاختلافنا بالراي الاقتصادي معه اوبالحرى لوجود لنا ملاحظات على تخطيطه الاقتصادي

    و مرة ثانية أشكرك على هذا المنبر و احترم رأيك

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]