سورية وإيران والتوجه شرقاً

 

أ.د : حيان احمد سلمان

بدأت سورية إعادة الإعمار والبناء والتركيز على تفعيل وتنشيط الدورة الاقتصادية في كل القطاعات الاقتصادية, وستعود سورية إلى ألقها قبل الحرب حيث كان اقتصادها يتطور من عام لآخر, ولذلك أطلقنا مصطلح (السنوات العشر الذهبية) على الاقتصاد السوري للفترة من عام 2001 وحتى 2010, حيث كان معدل النمو الوسطي بحدود /4,5%/, بينما تراجعت كل المؤشرات الاقتصادية منذ عام 2011 بسبب الحرب الظالمة والتدمير الممنهج للعصابات الإرهابية والعقوبات والحصار الاقتصادي الظالمين, ونرى أن أهم عامل من عوامل تطوير العلاقة بين سورية والدول الصديقة هو تطوير العلاقات الاقتصادية, حيث تعد العلاقات الاقتصادية بين سورية والدول الصديقة من أهم مرتكزات الصمود للطرفين في مواجهة كل من الحرب الظالمة عليها والعقوبات والحصار الاقتصاديين الظالمين المفروضين على هذه الدول بشكل يخالف ميثاق الأمم المتحدة وقواعد ومبادئ مؤسسة التجارة الخارجية WTO, وأيضاً إن ترسيخ العلاقات الاقتصادية هو التطبيق المباشر لتوجيه السيد الرئيس بشار الأسد بضرورة التوجه شرقاً, ومن هنا نرى أن زيارة وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رئيس الجانب السوري في اللجنة الاقتصادية السورية والوفد المرافق إلى إيران ستؤدي إلى تعزيز العلاقات في كل المجالات وخاصة العلاقات الاقتصادية, وستساهم في تجاوز سياسات الضغوطات والهيمنة الغربية وتساهم في مواجهة الإرهاب والإرهابيين في المنطقة وفي العالم, وستساهم أيضاً في تفعيل الاتفاقيات الاقتصادية الخمس الموقعة عام 2017 من قبل رئيس مجلس الوزراء المهندس عماد خميس مع النائب الأول للرئيس الإيراني اسحاق جهانغيري, وهي اتفاقيات في مجال القطاعات الأساسية: (الاستثمار والطاقة والصناعة والزراعة والثروة الحيوانية والنقل البحري)، إضافة إلى توقيع عقود في مجال إعادة الإعمار والبناء السورية, ولاسيما أن إيران كانت من أكبر المشاركين في معرض دمشق الدولي والمعارض الأخرى, لهذا نرى أن هذه الزيارة ستساهم في تفعيل العلاقات الاقتصادية لتصبح على مستوى العلاقة السياسية, وخاصة أن العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين قد تطورت تطوراً كبيراً منذ عام 2011, ووقفت إيران مع الدولة السورية في مواجهة الحرب عليها, كما ترسخت أسس العلاقات الاستراتيجية بين البلدين, وحالياً يوجد أكثر من /20/ اتفاقية بين البلدين في مجالات متعددة ومتنوعة وتشمل كل القطاعات الاقتصادية, وتفعيل العلاقة الاقتصادية بين البلدين يمكن عدّه نقطة انطلاق ومقدمة لإجراء تحول اقتصادي ليس على مستوى البلدين وإنما على مستوى المنطقة بأكملها, وهذا يساهم في إجراء تحول نوعي لمصلحة الشعبين في كل من البلدين ودول الجوار, ولكن هذا يتطلب تفعيل كل مقومات تطوير العلاقة وفي مقدمتها تطوير وسائط النقل وزيادة الاستثمارات وتطوير التبادل التجاري وإقامة منطقة حرة وتأسيس البيت السوري في طهران والبيت الإيراني في سورية وتقديم التسهيلات اللوجستية وغيرها وفي مقدمتها التبادل بالعملات المحلية وتأمين قرض ائتماني والاعتماد على الشركات المشتركة وخاصة في مجال (النفط والغاز والصناعة والصحة والزراعة والنقل والمالية وتطوير الشركات الموجودة والمساهمة الكبرى في مجال إعادة الإعمار والبناء سواء في المشاريع الصغيرة أو المتوسطة والكبيرة وتعزيز التشاركية بين البلدين…الخ), وكل هذا يساهم في الاستغلال الأمثل للموارد المتاحة وتحويل المنطقة الممتدة من روسيا إلى سورية وإيران والصين والعراق إلى منطقة اقتصادية واعدة, ومواردها تكفي لتحقيق كل متطلبات التنمية الاقتصادية المنشودة ومواجهة التعنت الغربي والانتصار على العقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية وروسيا وإيران, وخاصة إذا تم تأسيس مصارف مشتركة تتعامل بالعملات المحلية والابتعاد عن التعامل الدولاري وتفعيل التبادل بالمقايضة أي (سلعة مقابل سلعة), ويساعد في هذا رغبة الشعبين والقيادتين (السياسية والحكومية) لتطوير وتفعيل العلاقة بين سورية والدول التي وقفت مع الدولة السورية خلال الحرب الظالمة وفي مقدمتها إيران وروسيا, وتفعيل العلاقات الاقتصادية مع هذه الدول هو الطريق الأمثل ليتواكب النصر الاقتصادي مع السياسي والعسكري, والنصر لسورية.

 

تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]