ماذا يريد الأردنيون من سورية ..و هل تنفع مجاملاتهم في إعادة مليارات “دولاراتنا المتسلّلة إليهم”؟؟!!

 

 

الخبير السوري:

كانت لقاءات بروتوكولية على الأرجح، وإن كان لابد من التفاؤل فمن الأفضل أن يكون من النوع الحذر بل والشديد الحذر.

وفد اقتصادي أردني يزور سورية بعد سنوات سبع من الجفاء القائم على خلفيات ذات عمق سياسي بين البلدين..هو عنوان بالغ الأهميّة لمحبي استشراف الأفق بين البلدين، سيما وأن القطيعة الاقتصادية كانت ذات منشأ سياسي، فلا بد أن يكون انفراج العلاقات الاقتصادية بدافع سياسي أيضاً، وإلا لما حصلت الزيارة واللقاءات.

لكن ثمة سؤال بالغ الأهمية هنا يتعلّق بما وراء الزيارة والأهداف المخبأة في “باطن عقول” أعضاء الوفد، القادمين من بلد مأزوم اقتصادياً، وهو هل جاؤوا ليعطونا أم ليأخذوا منّا؟؟

تماماً كما نحن نستبشر بهم خيراً للمساهمة في إعمار سورية – رغم أن الأردن كان جزءاً من مفتعلي الدمار في ديارنا- هم يستبشرون منا أيضاً ما يسعفهم في التقليل من أزمتهم كبلد يعيش على الضخ المالي الخليجي.

ولعلّه من المفيد لنا كـ”سورية” أن ننجح في إعادة رجال أعمالنا و رساميلنا المهاجرة إليهم ، التي باتت تشكل أحد أهم وأكبر مقومات بنية اقتصاد الأردن، البلد الفقير جداً بثرواته الباطنية والضيق في تعدد وتنوع موارده.

ولا ندري إن كنا جميعاً نعلم أن ما نسبته 50 % من رؤوس الأموال العربية المستثمرة في الأردن هي أموال سوريّة، وللعلم أيضاً المسألة ليست ذات صلة كثيراً بالأزمة الراهنة، بل تعود محاولات الأردن الناجعة لاستقطاب الأموال السورية – الجارة والقريبة- إلى سنوات طوال، وهذا موثق بشهادات مؤسسات رسمية أردنية وليس ادعاءاً أجوفاً ندعيه ؟!!

وهنا نعود للتساؤل السابق لكن بصيغة أخرى عما يمكن أن يقدمه لنا الأشقاء الأردنيين؟؟

و لعلّنا نستطيع المراهنة وإعلان مكافأة مجزية لمن يستطيع أن يجد استثماراً أردنياً فردياً في سورية، أي لرجل أعمال أردني، لذا نعود للتأكيد على سؤالنا ببعده الاقتصادي البحت، بعيداً عن الوجدانيات والأبعاد القومية التي نكترث لها كثيراً نحن السوريين.

 

اللافت كان في تعاطي إعلامنا مع الزيارة كان الحفاوة البالغة – ولا ضير- لكننا في الواقع معنيين بإدراك أن ثمة من يقرأ ويتحرى عن أبعاد الزيارة وما سيليها، وليس مجرد سرد المعلقات بشأن إحداثيات تحرك الوفد وتوثيق عبارات المجاملة التي تعودنا عليها بالتجربة الطويلة مع زوارنا، وتباين آرائهم مابين وجودهم دمشق وبعد عودتهم لبلدانهم

ففيما يشبه الإجماع نشرت الصحف السورية نصوصاً مفادها : تشكل زيارة الوفد الاقتصادي الأردني إلى سورية، بعد انقطاع دام أكثر من سبع سنوات بسبب تداعيات الحرب وخاصة الاقتصادية، أهمية كبيرة، ولاسيما إذا كان الوفد يحمل بين حقائبه نية واضحة للمساهمة في عودة العلاقات الاقتصادية الثنائية إلى سابق عهدها، وهذه الخطوة تتطلب بطبيعة الحال اتخاذ إجراءات فورية لتحقيق هذه الغاية، ولعل أهمها العمل جدياً لإعادة فتح معبر نصيب مجدداً، بغية تسهيل انسياب البضائع وتسهيل حركة الصادرات والمستوردات بين البلدين، وخاصة بعد أن كان لذلك أثر سلبي في اقتصاد البلدين.

برنامج حافل للوفد الأردني شمل جميع القطاعات الاقتصادية بهدف الاطلاع على الواقع الاقتصادي من أهل الاختصاص والخبرة، حيث بدأ الوفد أولى جولاته من اتحاد المصدرين بغية مناقشة سبل تعزيز الصعوبات أمام نفاذ الصادرات السورية إلى الأردن وتسهيل عودة المعابر، ليكمل لقاءاته في اليوم الأول مع غرفة تجارة دمشق لمناقشة تعزيز العلاقات الثنائية في المجال الاقتصادي والتجاري وزيادة التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين لتتبعها لقاءات أخرى في غرفة صناعة دمشق وريفها، إضافة إلى وزارة الاقتصاد والوزارات الأخرى المعنية.

الكلام الوحيد الذي كان ذي مغزى ودلالة أمام الوفد من كل اللقاءات التي أجراها الوفد الضيف حتى ساعة إعداد هذا المقال كان كلام رئيس اتحاد المصدرين السوري، محمد السواح، الذي أكد أن سورية والأردن بلدان شقيقان وسورية هي رئة الأردن، كما أن سورية بعد 7 سنوات من الحرب ما زالت تلبس مما تصنع وتأكل مما تزرع، على خلاف العديد من الدول المجاورة التي تأخذ بنسبة 60 إلى 100% من خارج إنتاجها، ولعله – نقول لعلّه – يقصد الأردن ذاتها.

ومن جهته أوضح رئيس الوفد الصناعي الأردني، ورئيس غرفة الصناعة الأردنية عدنان أبو راغب، أن الجولات المسائية التي قام بها الوفد نقلت صورة واقعية للحياة في سورية، وسيتم العمل على نقل رسالة صادقة للواقع السوري  “مشكور أبو راغب على وعده ولا ندري إن كان هذا ما نحتاج إليه بالضبط” ؟؟

وحسبنا ألّا يكون هذا جلّ ما لدى ضيوفنا الكرام.

وفي السياق يكمل  السواح إشارته الذكيّة لافتاً إلى أن إعادة تشييد القطاعات على امتداد الوطن تتطلب مبالغ ضخمة قد تصل إلى 600 مليار أو 800 مليار دولار، وسورية ستكون مركز استثمار كبير، وسيكون للأصدقاء ومن دعم سورية هذا النصيب من الاستثمارات.

ولنركز على مفهوم الأصدقاء ومن دعم سورية..الأردنيون طبعاً أشقاء وليسوا أصدقاء….وعلينا أن نقدّر عمّا يمكن أن يعوّل عليهم من حصص في إعمار سورية ؟؟

وعند سؤال الصناعيين الأردنيين عن الصناعات السورية أكد السواح أن سورية في عام 2017 صدّرت إلى ما يقارب 90 دولة، واليوم وصل التصدير إلى 103 دول، كما أن سورية بعد 7 سنوات حرب هي الرابعة عالمياً في إنتاج زيت الزيتون.

والجدير بالذكر أن هذه الزيارة ستستمر إلى يوم غدٍ الخميس المقبل للتعرف  على  واقع الاقتصاد المحلي والرؤية بأم أعينهم على واقعها عن قرب أن سورية استطاعت رغم الصعاب والعقوبات النهوض ومعاودة الإنتاج الزراعي والصناعي واستمرار تجارها في تزويد الأسواق بالمنتجات، ما يدل على قوة اقتصادها وشعبها المصرّ على إعادة إعمار بلده من جديد.

وحسبنا أن يكون المتسع الزمني من اليوم إلى الغد سيتكفّل بوضع بعض النقاط على الحروف، وكما قلنا ..يكفينا من أشقائنا الأردنيين أن يعيدوا لنا بعضاً من رساميلنا ومستثمرينا في “مضاربهم”.

 

 

تعليق 1
  1. Siham omran يقول

    تقرير فيه كثير من الأمل بواقع اعتقدناه مدمر كلياً

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]