التشاركية من طرف واحد

معد عيسى

قبل عدة سنوات صدر قانون التشاركية وتم تعديل بعض مواده من فترة قريبة، ولكن الغريب أنه حتى اليوم لم يتم تنظيم أي عقد بموجب هذا القانون، رغم حاجة الدولة لمشاركة القطاع الخاص في إعادة الإعمار، وإعادة البنى التحتية التي خربها الإرهاب، وهذا الأمر يفتح الباب واسعاً لطرح عدد كبير من الأسئلة حول أسباب عدم توقيع أي عقد حتى اليوم،

 

وعن طبيعة التعديل الأخير، وهل تتحمل المؤسسات والهيئات العامة مسؤولية عدم التطبيق؟ وهل حقيقة أصبحنا عاجزين لهذا الحد عن تطبيق القوانين أم أن المشكلة الأساسية في القانون ذاته؟.‏

ما يمكن قوله عن قانون التشاركية انه ولد ميتاً، ولكن المشكلة الكبرى أننا لم نبحث عن الحلول، والتعديل الأخير خير مثال إذا تضمن تعديل أرقام بعض الفقرات والمواد، ولم يتطرق إلى الجوهر المسؤول عن عدم توقيع أي عقد تشاركي بين العام والخاص.‏

قانون التشاركية حسبما يصفه بعض المختصين بأنه قانون معقد يكرس لبيروقراطية يكاد يستحيل معها تنفيذ أي مشاريع بموجب هذا القانون، وهذا يعني أن الحل يبدأ من المستوى الإداري، وهنا يُمكن أن نسأل عن اللجان المتعددة التي نص عليها القانون، ماذا فعلت؟ وأين الحلول التي أوجدتها لجعل هذا القانون يخرج إلى النور؟ ويُمكن أن نسأل أيضاً، هل شُكلت هذه اللجان فعلاً؟.‏

التشاركية تقوم على المنفعة المتبادلة، وبالتالي يجب أن يكون هناك حوافز مشجعة للتشارك، وأن تكون واضحة غير قابلة للمساومة أو أن يستخدمها طرف لابتزاز طرف آخر، وهذا الأمر سبب رئيسي بفقدان الثقة بين الطرفين وعدم الدخول في التشاركية، وكل ذلك عائد إلى المستوى الإداري الذي يضع التفاصيل، وإلى البيروقراطية التي تحكمه، وهذا شبه مُتفق عليه، لأن معظم مشكلات المؤسسات والجهات العامة بكافة قطاعاتها تعود إلى الجانب الإداري بما ينتابه من بيروقراطية وترهل وغياب المُحاسبة ووضع الرجل المناسب في المكان غير المناسب.‏

التشاركية ليست خياراً أمام ما يحتاجه البلد، بل هي ضرورة تحتمها ظروف البلد، وليس هناك وقت للانتظار، فالقطاع العام مُطالب باستحقاقات كبيرة غير قادر على حملها، والقطاع الخاص لديه إمكانات يبحث عن فُرص وظروف مناسبة لاستثمارها إن لم يُوجدها له القطاع العام بتشريعاته وحوافزه فإنه سيبحث عنها خارج الحدود.‏

القطاع الخاص قطاع كبير ومهم، استقطب خيرة مهرة القطاع العام برواتبه وحوافزه، قطاع مواكب للتطورات التقنية والتكنولوجية، وبالتالي لا بد من الاستفادة من كل هذه الإمكانات عن طريق التشاركية المبنية على الثقة والمرونة والمنفعة المشتركة، وعليه يجب الإسراع في إحياء قانون التشاركية وإعادة النظر بكل تفاصيله كي يخرج إلى الحياة العملية.‏

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]