« حكي للاستهلاك »

معد عيسى

لم تتأخر الدولة السورية في دعم الإنتاج الزراعي والصناعي ولكن ذلك لم يُفلح بتخفيض الأسعار في الأسواق، ولم يَلمُس المواطن ذلك،

إلاَّ أن الشكوى الأكبر تكون من المُنتِج أكثر مما هي من المُستهلِك، المُحير في الأمر أن المُنتجات المستوردة تصل إلى الأسواق المحلية بأقل سعر من المُنتجات المحلية رغم أن كل مُدخلات الإنتاج في تلك الدول بالأسعار العالمية واليد العاملة في تلك الدول أغلى من اليد العاملة لدينا، والسؤال الذي يطرح نفسه كيف تصل إلينا منتجات الدول الأخرى بأسعار أقل من أسعار منتجاتنا رغم أنه يُضاف إليها تكلفة الشحن والتخليص والرسوم؟.‏

الدولة دعمت مؤخراً سعر شراء كيلو القمح والذي أصبح بمئة وثمانين ليرة سورية، ولكن ذلك لم يمنع المُنتج من الشكوى بعدم كفاية الدعم، وهنا يمكن أن نسأل كيف يصل القمح الروسي إلى سورية بتكلفة مئة ليرة سورية مع أجور الشحن وربح التاجر، وغير كافٍ للمُنتج السوري بسعر مئة وثمانين ليرة؟ لا شك أن شكوى الفلاح مُحقة، ولكن المشكلة في سياسات التسعير المُعتمدة، فما هو المبرر مثلاً لإضافة أكثر من ثلاثين ألف ليرة سورية على سعر طن السماد لصالح المصرف الزراعي؟ وأكثر من 5% لصالح اتحاد الفلاحين؟ ولماذا توجد أكثر من حلقة وسيطة؟ ولماذا نُحمل الفلاح أعباء آلات متهالكة وأجور عمالة تعمل ثلاثة أشهر بالسنة؟.‏

ما سبق يُمكن إسقاطه على كافة القطاعات، فمن يستطيع تفسير التخفيضات على أسعار الألبسة بنسبة 70%؟ ألا يُفسر أن التاجر يضع السعر الذي يُريده؟ لماذا لم يتم اعتماد بيان التكلفة للمنتجات لنحدد ربح كل حلقة من المُنتج إلى التاجر؟ كيف يُمكن أن نفسر بيع نفس القطعة عند المُنتج بـ 12 ألف ليرة سورية، يعني تكلفة القطعة مع ربح المُنتج وفي المحلات بـ 35 ألف ليرة سورية، أي بفارق 23 ألف ليرة سورية، وبنسبة 200 % معظمها أرباح، لأن تكلفة التاجر قليلة ولا تقارن بتكلفة المُنتج؟‏

أليس ممكناً اعتماد بيان تكلفة لكل المُنتجات أسوة بالبيان الجمركي؟ تُحدد من خلاله أرباح كل حلقة وبالتالي ضبط التلاعب بالأسعار؟ ليس من الصعوبة إنصاف الفلاح بإلغاء الحلقات الوسيطة، وعدم تحميله أعباء قِدَم الآلات والعامل الاجتماعي لعمال معمل السماد، كما ليس من الصعوبة إنصاف المُنتج الصناعي باعتماد بيان التكلفة لكل المنتجات وتوزيع الأرباح بنسب مُنصفة بين المنُتج والتاجر وصولاً إلى سعر يتناسب والأسعار والجودة العالمية، والذي سينعكس بالنهاية على المُستهلك.‏

عندما يكون الدعم على المُنتج النهائي، فهذا يقلل من أرباح المُنتِج، فمثلاً المزارع الذي يُدعم عند البيع لا يكفيه ذلك، لأنه في كثير من الأحيان لا يستطيع إعطاء الأرض كفايتها من السماد والمبيدات، فيكون إنتاجه قليلاً وجهده وتكلفته أكبر، وبالتالي مهما تم تعويضه فهو لا يكفي مع التأكيد أن معظم دول العالم تدعم القطاع الزراعي بشكل كبير لأنه مسؤول عن غذاء الإنسان.‏

بالمحصلة تقطف الحلقات الوسيطة جهد الفلاح والمُنتِج، والمستهلِك يدفع الثمن، وعليه لا بد من إعادة النظر في طريقة الدعم، وتسعير مُدخلات ال>نتاج، واعتماد بيان التكلفة في تسعير المُنتجات.‏

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]