مدير عام يكشف حقائق “المسالك الملوثة” نحو إنتاج الطاقة النظيفة في سورية..

 

الخبير السوري:

لم يكن توجّه وزارة الكهرباء نحو الطاقات البديلة توجهاً إرادياً،  فسنوات البحبوحة التي عاشتها البلاد من مصادر الوقود الأحفوري، وتوفر الكهرباء لم تنذر بما آلت إليه الأمور حالياً، ما دفع الوزارة، وبغية ترميم العجز الحاصل في قطاع الطاقة لجعل الشمس والرياح والمياه وجهتها المستقبلية، ويرى البعض أن “الكهرباء” مقصرة لجهة اللحاق بقطار الطاقة النظيفة مقارنة ببلدان الجوار، وأن من واجب المعنيين عدم انتظار الظروف للبحث عن الحلول، ولاسيما مع توفر كمون ريحي وشمسي عالٍ يشهد عليه الأطلس السوري، لتبقى المشاريع والخطوات التي تقوم بها وزارة الكهرباء رغم أهميتها خجولة، ولعب جبن رأس المال وتردد المستثمرين دوراً كبيراً في تواضعها.

في البداية

بعد توجّه وزارة الكهرباء الفعلي نحو الطاقات المتجددة عام 2001، وبدء مشروع حفظ الطاقة، تم وضع برنامج لكيفية الاستفادة من الطاقات النظيفة بالتوازي مع تقييم الكمون الذي بدأ عملياً في الـ 2004، واستمر 4 سنوات، وهنا يبيّن الدكتور يونس علي مدير المركز الوطني لبحوث الطاقة في وزارة الكهرباء، أن هذه الدراسات لا يمكن أن تحصل بكبسة زر، بل تحتاج لوقت زمني طويل والـ 4 سنوات هي فترة عادية، إذ تحتاج بعض الدول لأكثر من ذلك ، والوزارة على حد تعبيره كانت سباقة لإنجاز الخارطة الاستثمارية وأطلس الرياح قبل الدول المجاورة، تلتها الأردن ولبنان ، وعلى سبيل المثال لا الحصر، وفيما يخص مصادر الطاقة البديلة، فإن الأطلس  يشير إلى تمتع سورية بكمون ريحي نظري وعملي يقدر مجموعه بحوالي 120 ألف ميغا واط، وبكمون ريحي واقعي فعلي صالح لإنتاج الطاقة الكهربائية يقدر بحوالي (12000) ميغا واط، وبفرض الاستفادة من (10%) من هذا الكمون يمكن تركيب مزارع رياح باستطاعة (8000) ميغا واط.

سباقون ولكن

“نحن لسنا متأخرين عن ركب الطاقة النظيفة، وحتى لا نجلد أنفسنا كثيراً” والقول لمدير المركز: عندما توجه العالم بأسره كدول في الـ 1994 نحو الطاقات المتجددة، فإن توجهنا كدول نامية بـ 2001 يعتبر ليس متأخراً  كثيراً، ومن الخطأ مقارنة سورية بدول متقدمة كألمانيا وفرنسا واليابان تملك إمكانيات مالية هائلة، وعرج علي إلى أول مشروع نظيف في الـ 2009 بمنطقة السخنة على أساس الاستثمار المشترك، ومن بعدها بدأت سلسلة المشاريع والعروض من قبل الشركات الأجنبية العالمية المتخصصة في الـ 2010، حيث تمت الإحالة للتعاقد معها في نهاية العام ذاته، إلا أن اندلاع الأزمة منع الشركات من استكمال تنفيذ العقود، واتخذت الإجراءات القانونية بحقها، ومع ذلك– بحسب علي- وزارة الكهرباء استمرت بالإعلان عن نفس المشاريع وأخرى جديدة.. كلام مدير المركز وافقه عليه الدكتور المهندس غيث ورقوزق اختصاص تطبيقات الذكاء الصنعي في الشبكات الكهربائية بجامعة دمشق الذي أشار في حديثه إلى أن سورية كان لها تجارب قديمة في التطبيقات المتجددة، توقفت عند  نشوب الحرب، إلا أن  الوزارة والمركز استكملا إعادة النظر بإطلاق تجربة الطاقة النظيفة من جديد، عازياً عدم تتويج المشاريع، ووضعها على أرض الواقع، إلا الظروف الراهنة، وليس لعدم إدراك أهمية الطاقة النظيفة، واعتبر ورقوزق أنه من غير المنطقي مقارنة تجربة سورية بدول الغرب لأسباب مختلفة تعود للحرب والعقوبات الاقتصادية، في وقت وجد أن التشبيك مع الدول الصديقة، ولاسيما روسيا وإيران والهند، أصحاب المقدرة العلمية والتقنية العالية في مجال توليد الكهرباء من مصادر الطاقات المتجددة المختلفة، قد يساهم في تصغير الفارق مع الدول المجاورة، إلى جانب دعم مشاريع التوليد والمشاريع البحثية في الجامعة والمراكز البحثية الأخرى.

محاولات

ومع تعنت بعض الجهات والمنشآت عن استثمار أسطحها لخدمة “الكهرباء”، أفاد مدير المركز أن  وزارة الكهرباء اقترحت إضافة بند مشاريع الطاقات المتجددة لكل جهة عامة بخططها وموازنتها الاستثمارية، والاقتراح أقر من قبل الحكومة، وأصبح لزاماً على كل جهة رصد اعتمادات لإجراء الدراسات الفنية الخاصة بها، بدوره يقوم المركز بمتابعة ومراقبة كل الجهات لمعرفة المبلغ الذي تم رصده، ونوع المشروع، والخطط، ونسب التنفيذ، وعلى أثره يقوم المركز الوطني بإصدار تقرير سنوي عن مدى التزام الجهات العامة بالتوسع بتطبيقات الطاقات المتجددة يرفع عن طريق وزارة الكهرباء لرئاسة الحكومة للتوجيه إذا اقتضى الموضوع، على أن يكون المؤشر نسبة التنفيذ من الاعتمادات المخصصة، والهدف من ذلك ترك شعور لدى تلك الجهات بأهمية الموضوع ، بدوره وصف الدكتور المختص بتطبيقات الذكاء الصنعي هذه الخطوة بالهامة والمفيدة، خاصة أنها ستغطي احتياجات البناء ذاتياً ، أما عن الاستثمار الخاص فبيّن أن الأسعار التشجيعية لبيع الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة ستجعل معظم المشاريع الإنتاجية مربحة، كما أنها تقدم دعماً للشبكة الكهربائية، وتزيد من وثوقيتها، وهو عامل هام ومحفز لتشجيع المستثمرين لاحقاً للعودة للاستثمار في سورية.

مجمل الاستطاعات

وبالعودة للدكتور علي فقد أوضح أن الحرب أدت لتعديل الخطة الموضوعة في عام 2010، بحيث تأتي أكثر انسجاماً مع حيثيات واقع البلد، وواقع الطاقة بشكل خاص، ووفق الطلب المتوقع على الطاقة خلال فترة إعادة الإعمار، وصولاً لعام 2030، بحيث يشكّل مجمل مساهمة الطاقات المتجددة في ميزان الطاقة السوري ما قيمته /3/ ملايين طن مكافئ نفطي، ولتحقيق ذلك ينبغي تنفيذ مجموعة من مشاريع الطاقات المتجددة التي يحتاج تنفيذها إلى حوالي /5.3/ مليار دولار، وأكد علي أن نقص الموارد من الطاقة التقليدية والكهرباء خلال فترة الحرب أدى  إلى حث الكثير من مستهلكي الكهرباء لاقتناء تقنية اللواقط الكهروضوئية بشكل رئيسي، وبحسب تقرير المركز الوطني لبحوث الطاقة فقد قدرت الاستطاعة الإجمالية للمنظومات الكهروضوئية المركبة في معظم المحافظات، ما عدا درعا وادلب ودير الزور، بحوالي /13058/ كيلو واط، وبلغت الاستطاعة الإجمالية للمشاريع الكهروضوئية المنفذة أو قيد الاستثمار حتى نهاية عام 2017 في كافة المحافظات، باستثناء المناطق المذكورة، حوالي /13,1/ميغا واط، في وقت بلغت الاستطاعة الإجمالية للمشاريع المرخص لها وفق قانون الكهرباء وقيد الاستثمار /311/ كيلو واط، أما الاستطاعة الإجمالية للمشاريع الريحية والشمسية والكتلة الحيوية المرخص لها وفق قانون الكهرباء وغير المنفذة فبلغت /30,5/ ميغا واط، وبلغت الاستطاعة الإجمالية للمشاريع  قيد الترخيص حالياً لدى الوزارة /20,7/ ميغا واط، والاستطاعة الإجمالية للمشاريع (الريحية والشمسية) المنوي تنفيذها ضمن خطة الكهرباء حالياً /185/ميغا واط، وفيما يتعلق بمشاريع الطاقات المتجددة المطروحة للاستثمار الخاص حالياً فقد بلغت استطاعتها الإجمالية /170/ ميغا واط.

أما مستقبلاً

وعن الخطط الاستثمارية لعام 2018 بيّن علي أن الاستطاعة الإجمالية للمشاريع الكهروضوئية الموضوعة للعام الحالي قدرت بـ /21.5/ ميغا واط، وبكلفة تقديرية /20,3/ مليار ل.س، وبلغت الاستطاعة الإجمالية لمشاريع طاقة الرياح حوالي /57.7/ ميغاواط، بكلفة تقديرية /48/ مليار ل.س، وعن المقترحات التي قد تساعد في حث المواطن والقطاع الخاص على الدخول في عالم الطاقات المتجددة رأى علي أنه من الضروري إصدار صك تشريعي لإحداث صندوق خاص لدعم الطاقات المتجددة  بهدف تحفيز المواطنين والمستثمرين من القطاع الخاص على استخدام التطبيقات المتجددة، واعتماد آليات التحفيز والدعم غير المباشر للمستثمرين  لإقامة مشاريع كبيرة في مجال توليد الكهرباء باستخدام الطاقة النظيفة، واعتماد آليات ملزمة للقطاع المصرفي لمنح قروض ميسرة، سواء للمواطنين، أو للمستثمرين من القطاع الخاص، بحيث تكون شروط منح القروض والفوائد وطريقة السداد موحدة وملزمة لكافة المصارف العامة والخاصة.

نجوى عيدة

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]