أغيثوا “الإغاثية”

 

ضبطت دوريات التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق مستودعاً للمواد الإغاثية في منطقة الزاهرة يقوم بتعبئة المواد بأكياس تحمل ماركات تجارية وطرحها في الأسواق، وقد تمت مصادرة الكمية وإحالة المخالف موجوداً إلى القضاء المختص بعد تنظيم الضبط اللازم بحقه.

الكمية حسبما أعلنت “حماية المستهلك” هي بالأطنان من المواد الإغاثية، أي ليست عشرات أو مئات الكيلوغرامات..!.

كان الخبر يمكن أن يمرّ “مرور الكرام” شأنه شأن العديد من الضبوط الاعتيادية”، رغم أننا لسنا ممن ينظر إليها كذلك بشكل عام، لكن أن تبلغ تلك الكميات هذا القدر الضخم من الأطنان، فلا شك أن الموضوع له من المؤشرات الخطيرة والخفايا العميقة والآثار السيئة، لصلته بقضية المساعدات الإغاثية، وما تعنيه “المتاجرة الحرام” بها.

ولعل أول المؤشرات التي تدل على خطورة الموضوع، تحاشي “التجارة الداخلية” ذكر الرقم الصريح لمقدار الكميات التي ضبطتها!.

أما ثانيها فهو وصفها للمكان الذي ضبطت فيه، وهو “مستودع للمواد الإغاثية”، أي أنه مخصص لخزن تلك المواد..!.

أما الثالث الأنكى فهو أن يتم استخدام ذلك المستودع لارتكاب “جرائم تموينية” بحق المحتاجين الحقيقيين إلى تلك المواد التي من المؤكد أنهم لم يحصلوا عليها، وإلاَّ لما كان مصيرها هكذا، وأيضاً بحق اقتصادنا الوطني الذي يستغل عبر حرمانه من أبسط حقوق خزينته العامة وهي الضرائب والرسوم الواجبة التحصيل على مثل تلك الأعمال في حلتها النظامية..!.

ولعل رابع مؤشرات الخطورة أن تلك المواد تتم تعبئتها بأكياس تحمل ماركات تجارية، أي أن أصحابها هم تجار كبار لهم سجلاتهم التجارية وحماية ملكية..إلخ، وليسوا تجار “شنطة”..!، وعليه فإن ارتكاباتهم ترقي إلى “الجرائم” الاقتصادية، وليست مجرد مخالفات كما توصف..!.

ما أوردناه وغيره، هو في حدّ ذاته مشكلة كبيرة، والمشكلة الأكبر تكمن في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل المعنية أصلاً بمتابعة ومراقبة ما يسمّى “الجمعيات الخيرية” التي توزع تلك المواد، والتي لم نلمس من خلال تجربتنا معها ومع محافظة دمشق المعنية أيضاً بهذا الملف، أي تجاوب فيما كنا طرحناه من فساد في بعضها، حتى إنهما لم يكلفا نفسيهما ولو بمجرد الردّ على ما كنا نشرناه بهذا الخصوص حول ما يتم ولا يزال من تجاوزات وفساد في إحدى تلك الجمعيات على سبيل المثال..!؟.

هذا الواقع المشوب بكثير من الشبهة في تفاصيله، يدفعنا إلى الإشارة بإصبع الاتهام، إذ من السذاجة تبرئة ما يحدث، في ظل أفعال بهذا الحجم ترتكب، دون أن يكون هناك فاعلون مهمون متورّطون في مفاصل الجهات الإغاثية…!؟.

الخلاصة.. نطالب بتحقيق كامل بتفاصيل كل تلك القضية، غير المعقولة بكمية أطنانها المسروقة من أفواه من هم بأمس الحاجة إلى تلك المساعدة، والمسروق من خزينتا العامة، ولعلنا لا نبالغ أبداً إن أطلقنا الصوت عالياً لإغاثة ما يتبقى من “الإغاثية”..!.

 

قسيم دحدل – البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]