فُصام اقتصادي..!

 

حسن النابلسي

بئس ما بات فيه رجال أعمالنا لا يلبسون مما يصنعون، ولا يقتنون ما يستوردونه لنا، وبئس ما يدأب عليه معظم مسؤولينا التنفيذيين من مفاخرة بتفضيلهم المنتج الأجنبي على نظيره المحلي..!.

فقلما نجد من قطاع أعمالنا مَن لا يرتدي اللباس الإيطالي، والأنكى من ذلك أنه قد يكون من رواد صناعيي الألبسة..!.

وحتى على مستوى الاستيراد.. طالما كنا نلاحظ أيضاً استخدام وكلاء السيارات لسيارات غير تلك التي كانوا يستوردونها، وكأن لسان حالهم يقول: إن ما يستوردونه يندرج تحت مسمّى الـ”ستوك” المخصص لعامة الشعب، وهذا ينطبق على كثير من التجار، جاهلين أو متجاهلين أن الترويج لبضاعتهم يجب أن ينطلق منهم شخصياً..!.

وكذلك الأمر بالنسبة لمعظم مسؤولينا التنفيذيين وخاصة أولئك المتفاخرين باستهلاكهم للماركات العالمية وخاصة الكمالية منها، والأدهى عندما تكون مهرّبة..!.

إن تشجيع الصناعة الوطنية ينطلق من ذاتنا كحكومة ومجتمع، وهذا يتطلب إطلاق حملة وطنية أهلية شاملة غير حكومية لتشجيع وحث المواطنين على دعم الصناعة الوطنية بشراء المنتج الوطني، وبيان أثر ذلك في معالجة آثار الأزمة اقتصادياً واجتماعياً، على أن يترافق ذلك مع التزام واضح من الصناعيين بمراعاة موضوع السعر المنافس والجودة المطلوبة وخدمة ما بعد البيع وبتسهيلات الشراء، مع ضرورة التحذير الشديد مما قد يلجأ إليه بعض الصناعيين من تخفيض نوعية المنتجات الوطنية لتخفيض كلفتها وسعرها لمنافسة البضائع المستوردة لأنهم بذلك يسيئون أكبر الإساءة إلى سمعة الصناعة الوطنية وصدقيتها محلياً وخارجياً.

ولعلّ استعدة صناعة حلب عافيتها خير مناسبة لترسيخ “صُنع في سورية” في أسواقنا المحلية أولاً كخطوة أولى للولوج إلى الأسواق الخارجية ثانياً، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الاقتصاد السوري يواجه الآن أزمة كبيرة بسبب ضعف الإنتاجية الناجم في أغلب الأحيان عن ضعف الإدارة، يضاف إليهما عدم الثقة بالمنتج الوطني والتي لها علاقة بالدرجة الأولى بخلل ثقافي مرتبط بالتقليد الأعمى والتعلق بالأجنبي لمجرد أنه أجنبي ليس إلا، ما يستدعي دراسة هذه المعضلات الثلاث بشكل وافٍ، والعمل باتجاه توسيع دائرة الدعم الحكومي للإنتاج، والاعتماد على الكوادر الإدارية والفنية الكفؤة في مفاصل مؤسسات قطاعنا العام الصناعي، وركل مفهوم “الإفرنجي برنجي” الذي استفحل بأعماقنا وسيطر على سلوكنا الاستهلاكي، وهذه بالذات مسؤولية اجتماعية جماعية علينا أن نكون أكثر وعياً تجاه التعاطي معها..!.

 

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]