تنازع شك ويقين بشأن الشركة العامة للأسمدة…ولماذا “الإسكافي حافي والحائك عريان”…؟؟!!

 

لا تزال قضية استيراد سماد اليوريا وموضوع تسعيره بزيادة تعادل 300% على سعره العادي الذي لم يعرف سببه بعد، أمراً يشوبه الغموض ولاسيما أنه لا توجد تبريرات كافية لذلك بعد تنصل جميع الأطراف المعنية سواء الزراعة والتجارة الداخلية والمؤسسة العامة للتجارة وتقاذف التهم فيما بينهم، ووصول الأمر عند بعضهم إلى حد إنكار السماع بقرار الاستيراد من أصله، كل ذلك يثير علامات الاستفهام قليلاً، ولكن ما يدفع للتساؤل حقا:ً لماذا لم يتم التفكير بتأمين الغاز أو استيراده بدلاً عن ذلك لإعادة تشغيل معمل الأمونيا يوريا المتوقف منذ سنوات في الشركة العامة للأسمدة بسبب عدم وجود الغاز، وخاصة أنه تم الإيعاز للشركة بالتجهيز سواء من ناحية المعدات والآلات لاستقبال الغاز وإعادة تشغيل المعمل قبل ثلاثة أيام فقط من وصول بواخر السماد المستورد، مع العلم أن سعر مبيع الطن الواحد من سماد اليوريا في الشركة العامة للأسمدة وبأقصى حالاته لن يصل الى 100 ألف ليرة، ناهيك بأن السماد المنتج محلياً بكافة أنواعه وأشكاله أفضل من المستورد وتلافياً للتعرض للخداع كما حدث سابقاً عندما تم استيراد السماد على أنه ثلاثي فتبين بعد شرائه أنه أحادي ولا يتناسب مع التربة السورية.

زيارة يتيمة

هذا فيما يخص معمل الأمونيا يوريا، فماذا عن معمل «ت س ب» الذي ينتج السماد الفوسفاتي والمتوقف لعدم توافر الفوسفات الخام، فإذا كانت هنالك اعتبارات معينة حقاً لوزارة الصناعة تتبعها عند الاستيراد أليس من الأولى أن تكون قد فكرت باستيراد الفوسفات الخام لإعادة إنتاج ذلك المعمل وتغطية حاجة الزراعة من هذا النوع من السماد؟ علماً أن هذا المعمل قد تم إقلاعه في بداية الشهر الثالث من هذا العام وذلك بالاعتماد على ما يوجد من بقايا ولمامات وهدر من الفوسفات الخام تم تجميعها من هنا وهناك ليتوقف عن العمل بعيد شهر ونصف الشهر فور نفاد الكمية. وهنا يتساءل مراقبون ما هو المخطط الذي يصبو إليه المعنيون في الشركة العامة للأسمدة هل المراد توقفها بشكل كامل وفتح باب استيراد كافة أنواع الأسمدة، وخاصة أنها لا تحظى بحقها من الاهتمام والرعاية من قبل وزارة الصناعة سواء من حيث توظيف الكوادر العاملة الذين تقلص عددهم في ظل الحرب إلى أكثر من النصف والذي أثر في الجهوزية الفنية للمعدات فيها، أو من ناحية الزيارة للشركة والاطلاع على مشاكلها باستثناء زيارة يتيمة خُصت بها من قبل وزير الصناعة .

أسئلة واستفسارات عديدة حملناها إلى وزير الصناعة أحمد الحمو الذي بدا حريصاً على إقناعنا بروح مرحة ونفس طويل مع تكراره لكلمة (بنتي) بداية كل جملة، جاعلاً إيانا بعفويته لا نشعر بحاجز الرسمية ولا للحظة، ففي أغلب حديثه لم تغب ابتسامته .

لماذا لم يتم استيراد الغاز؟

بداية وعند سؤالنا للوزير الحمو عن سبب استيراد سماد اليوريا تمنى علينا أن نطرح السؤال ذاته على وزارة الزراعة فهي والمصرف الزراعي من قامتا بالاستيراد، وليست وزارة الصناعة، وأضاف: وزارة الزراعة بحاجة الى سماد اليوريا التي كانت تحصل عليه من الإنتاج المحلي للشركة العامة للأسمدة لكن توقف المعمل المنتج لها بسبب عدم توافر الغاز بعد تدمير العديد من الحقول وخروجها من الخدمة ووجودها في الأماكن الخارجة عن سيطرة الدولة، أدى إلى الحاجة لاستيراد السماد، وهنا بسرعة سألنا الوزير: لماذا لم يتم استيراد الغاز؟ ليخبرنا بقيام الوزارة بإرسال أكثر من كتاب الى وزارة النفط للمطالبة بالغاز لكنها كانت تفضّل استخدام الغاز في توليد الكهرباء على استعماله في الصناعة لإنتاج السماد وذلك أولى برأيه لأن المعمل بحاجة إلى مليون و200 ألف متر مكعب يومياً أي تقريباً ربع الكمية من الغاز، ما سيؤدي إلى زيادة ساعات التقنين على المواطن، إضافة إلى أن التعاطي مع الغاز عندما يصل إلى الشاطئ وكيفية نقله وإيصاله الى المعمل عملية لوجيستية صعبة للغاية، فنحن لسنا مؤهلين لاستيراد كميات كبيرة من الغاز، ولو كانت هنالك كميات كافية لاستخدمناها في الصناعة لأن الغاز لا يخزن، مؤكداً أن الايعاز للشركة بتجهيز معداتها لاستقبال الغاز لم يكن كذباً، فقد كان من المتوقع الحصول على الغاز في تلك الفترة ولكن هجوم الإرهابيين على بعض الحقول وتدميرها منع ذلك.

من المستفيد من صفقة السماد؟

وعما إذا كان هنالك مستفيدون من صفقة استيراد السماد فقال الحمو: لا أستطيع تأكيد ذلك لكنني أعتقد أن المستفيد من استيراد السماد سيستفيد من استيراد الغاز أيضاً، مؤكداً أن وزارة الصناعة تنتظر أن تؤمن كميات كافية من الغاز لإنتاج السماد محلياً فهنالك اكتشافات جديدة للغاز كما تحررت بعض الحقول وهي قيد الإصلاح لتوضع في الجهوزية.

لماذا توقف معمل «ت س ب» فجأة؟

وفيما يتعلق بسؤالنا لوزير الصناعة عن سبب عدم تفكير الوزارة باستيراد الفوسفات الخام لتشغيل معمل ت س ب لإنتاج السماد الفوسفاتي الذي أقلع لمدة شهر وتوقف لعدم وجود الفوسفات الخام وفيما إذا كانت هنالك نية لاستيراده كما حدث مع اليوريا، أكد الحمو أن استيراد الفوسفات الخام أمر صعب وغير وارد اقتصادياً وتقنياً، فنحن غير مهيئين لاستيراده لأنه يأتي على شكل تراب.. أما سماد اليوريا الذي تم استيراده فهو عبارة عن منتج يأتي ضمن أكياس حافظة، إضافة إلى أن تكلفته مرتفعة، ناهيك بأن خامة الفوسفات موجودة في سورية، لكن الصعوبة تكمن في نقله من المقلع إلى الشركة لأن الطريق إليها غير آمن ومسيطر عليه من قبل العصابات المسلحة.

هل نستورد السماد الفوسفاتي كما اليوريا؟

وأما عن سبب تشغيل المعمل وتوقفه بعيد شهر، فقد أكد الحمو أن سبب تشغيل المعمل وجود منتجات مترافقة لهذا المعمل كحمض الكبريت ومواد أخرى تم إنتاج ما يكفي حاجة السوق منها بالاعتماد على بقايا الفوسفات الخام المتوافر، مالبث أن توقف المعمل بعد نفاد الكمية، نافياً أن يتم استيراد السماد الفوسفاتي كما اليوريا بقوله «لا أعتقد ذلك لحد اللحظة» لأنه من الممكن أن يتم تأمين نقل الفوسفات من المقالع لتشغيل المعمل بشكل كامل وما علينا سوى الانتظار ريثما يتم ذلك.

ما الداعي للتوظيف مادامت متوقفة؟

وبالنسبة لاستفسارنا عن عدم توظيف العمالة في الشركة فقال الحمو: إذا كانت بعض المعامل التابعة للشركة في حالة توقف فما الداعي لتوظيف عمالة إضافية كما أن التعيين يتم بناء على طلب الشركة وحاجتها وهي لم تُعلم الوزارة بحاجتها، وأضاف: معمل اليوريا حالياً متوقف و في إمكان جزء من العاملين هناك الانتقال للعمل في معمل «ت س ب» فالتعيين حاجة وليست غاية.

لماذا التعتيم الإعلامي؟

وفيما يتعلق بعدم الاهتمام إعلامياً بنشر منجزات الشركة وخاصة خبر إقلاع معمل «ت س ب» تساءل الحمو فيما إذا كان المقصود من سؤالنا أن الوزارة تتعمد التعتيم على الشركة العامة للأسمدة، وتابع ليقول: من المفترض أن تقوم الشركة بتسليط الضوء على تشغيل المعمل ومع ذلك فأعتقد أننا قمنا بنشر خبر تشغيل المعمل على موقع الوزارة، فالشركة العامة للأسمدة من الشركات المهمة لوزارة الصناعة لأن أهميتها الانتاجية هي من حّتم ذلك حيث تشكل 60% من إنتاج مؤسسة كاملة، مؤكداً أنه يقوم بالتواصل اليومي والمستمر مع وزارة النفط ورئاسة الحكومة في سبيل تأمين الغاز لإقلاع معمل اليوريا.

دانية الدوس- “تشرين”

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]