كذب بتوقيع “الصندوق الأسود”..!!..بقلم:ناظم عيد

ها نحن أمام فصل جديد من قراءات صندوق النقد الدولي في “فناجين” هذا العالم، وعلى الأرجح بات متاحاً لنا بعد عدّة تجارب إطلاق حكم منصف على هذه المؤسسة الدولية، وربما لا نبالغ إن نزلنا بها إلى “درك” العرّافين وممارسي الدجل والشعوذة المأجورة، والموجّهة بعناية إلى حيث المقاصد ذاتها التي كانت مآلاً للإرهاب ووصفات الدمار المعلّبة والمعدّة بإتقان.
أحدث نبوءات “صندوقهم” كانت من نصيبنا في سورية، بعد أن استطالوا بالمدى الزمني لرحلة نقاهة اقتصادنا إلى 20 عاماً للوصول إلى التعافي.. متعمدين الهروب من التفاصيل فيما زعموا أنه دراسة معمقة، وكان المثير للدهشة حجم الصدمة التي أعربت عنها كبيرة الدجالين –رئيسة الصندوق– من النتائج والأرقام، والرغبة الواضحة منها بأن تصدم العالم أيضاً بما رأت في عمق “الفنجان” السوري..!!
لقد عودتنا التجربة المزمنة مع صندوق النقد الدولي على تلقي الأرقام والمعطيات العائمة عن بلدنا، دون أية قرائن واقعية تؤشّر على مصداقية ولو مجتزأة، أو مقاربة موضوعية للحقائق.
واللافت أن الدراسات بشأن الاقتصاد السوري كانت تتوالى بكثافة بالتزامن مع ظروف ارتفاع مؤشرات التوتر السياسي مع الغرب وأميركا، وكلّها كانت تنعي بشكلٍ أو بآخر مرتكزات القوة في اقتصادنا، أي كان هذا الصندوق على مر عدّة عقود عبارة عن حاوية حجارة مُعدّة للرجم المعنوي والاقتصادي، على التوازي مع الاستهداف في الكواليس السياسية.
ورغم مناعتنا الأكيدة –المكتسبة- ضد مؤثرات الدعاية السوداء التي يمارسها صندوق النقد، إلا أنه من الواجب أن يتصدّى فريق خبراء وطني سوري، لمهمة توضيح ما تمّ إغفاله عمداً، وإعداد رسائل مضادة موجّهة ليس لنا، بل للخارج ممن تلقوا فبركات “الصندوق” وربما يعتزمون بناء سياساتهم المقبلة تجاه سورية بناء عليها.
فالاقتصاد السوري يحظى بمقومات غاية في الرسوخ، يدركها جيداً الخبراء الحقيقيون في المؤسسات الدولية، لا نذكر أنه تمّت الإشارة إليها في يوم، بل كان مصيرها التجاهل التام في مجمل التقارير والدراسات التي جرى تصديرها من هناك بشأن سورية، ولطالما كان ذلك مثار ريبتنا وشكوكنا بنزاهة الطريقة التي يلتقطون بها مؤشراتنا وأرقامنا بشكلٍ عام.
ونجزم بأنه ليس بخافٍ عنهم أن الاقتصاد السوري يمتاز بتنوّعه وغنى موارده المتعددة، ويقوم على ثلاثة مرتكزات تنموية متكاملة بحضورها البارز في قوام الإنتاج الإجمالي للبلاد، وهي الزراعة أولاً، والصناعة التحويلية ثانياً، والثروات الباطنية ثالثاً، وهذه الثلاثية التنموية ليست متاحة مجتمعةً في الكثير من دول هذا العالم باقتصاداته أحادية الثروات والموارد، والمعروف عن هذه المقومات أنها سريعة التجدد، وتتخذ في نموّها طابع المتواليات الهندسية التي “تحرق” المراحل النظرية والمعايير الجامدة التي يقيس بها صندوق النقد الدولي مصائب الشعوب ويتلكأ في إحصاء نِعمها.
وإن بنى “الصندوق” تكهناته على أساس معدل نمو سنوي 4 % على مر 20 عاماً ليتعافى الاقتصاد السوري، فقد يكون علينا الرجوع إلى تقاريره في سنوات 2005 – 2010 التي تحدث فيها عن معدلات نمو لدينا وصلت إلى حدود 6% رغم “السياسات الدردرية” التي باركها خبراؤهم آنذاك، وعوّمت القطاعات الريعية الخدمية، مع تقليص متعمد لمساحات أداء القطاع الزراعي الذي وصلت مساهماته في بعض السنوات إلى 32 % من الناتج الإجمالي السوري وتقهقرت إلى 18 %، فعلى أي أساس صاغوا رسائل الإحباط التي دفعوا بها إلينا، وهل من موضوعية وحيادية يمكن أن نتلمّسها فيما وافونا به؟؟.

لن نسترسل في سرد ما يجب أن يقدّمه لنا خبراؤنا، وننتظر منهم أن يدلوا برأيهم في هذا الخصوص، لكننا على يقين من أن مواردنا الطبيعية زاخرة، ومواردنا البشرية حيّة وجاهزة، ودرس الأزمة سيكون حاضراً بقوة في استدراكنا لمقدراتنا وأدواتنا التنموية عموماً، لنثبت لصندوق النقد أننا لسنا السوق المناسب لبيع تقاريره المفخخة.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]