ثغرة قانونية تستدعي المعالجة في قوام الشركات المساهمة..والمحاسبون يعجزون عن تشخيص حالات الفساد..!!


 

 

لعل الشركات المساهمة هي المكون الاقتصادي الأكثر ألقاً بين الفعاليات الاقتصادية الخاصة، على اعتبار أنها محكومة وفق مبادئ الحوكمة وما ينتج عنها من إفصاح وشفافية وبالتالي تكليف حقيقي يعزز موارد الخزينة العامة، لكن في عصر انتشر فيه الفساد الذي لا يوفر لا مالاً عاماً ولا خاصاً، ربما لم تسلم هذه الشركات من شرور رموزه البارعين بابتكار أساليب تمكنهم من تحصيل أموال غير مشروعة ولو على حساب المساهمين، عبر توظيفات وصفقات مشبوهة تتم من تحت الطاولة من الصعوبة اكتشافها، وهنا يبرز دور المحاسبين القانونيين لتسليط الضوء على تجاوزات أعضاء مجلس الإدارة الذي يضم كبار المساهمين، وإعلام وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك كونها الجهة الرقابية على أداء هذه الشركات، وكذلك يبرز دور الهيئات المشرفة على الشركات المالية (مصارف – تأمين) مثل هيئة الإشراف على التأمين ومصرف سورية المركزي، لتقصي حقائق يمكن إخفائها تتعلق بغسيل الأموال أو ترحيلها إلى بلدان مجاورة لتوظيفها بمجالات غير قانونية قد تلحق ضرراً بأرباح المساهمين خاصة الصغار منهم.

تحذير

بالطبع نحن لا نتهم شركة بعينها، ولا ندعي امتلاكنا وثائق تؤكد وجود مثل هده الممارسات، لكن ما نوده من إثارة هذه المسألة توخي الحذر من انزلاق بعض الشركات إلى مطبات قد تؤدي إلى تلاشيها، خاصة وأن هناك بعض الممارسات غير القانونية لا يمكن كشفها بسهولة، لاسيما وأن أحد المصارف أعاد النظر –ذات مرة-بنسب توزيع الأرباح في جلسة هيئته العامة خلال خمسة دقائق، ورغم شرعنة بعض المراقبين لهذا التصرف على اعتبار أن من صلاحيات الهيئة اتخاذ مثل هذا القرار، إلا أنه أثار العديد من التساؤلات وشكك في مصداقية تقرير مدقق الحسابات الذي من المفترض أن يوضح الميزانية وما يتعلق بها من نفقات وإيرادات.

شكوك

يرمي المشككون بحسابات الشركات المساهمة وأرباحها الكرة في ملعب مدققي الحسابات المنتخبين من الهيئات العامة في هذه الشركات، معتبرين أنه في حال وجود إيرادات مالية من صفقات مشبوهة يعود إما لتواطؤ المدقق، أو لعدم امتلاكه الصلاحيات التي تخوله من التحقق من مصدر الإيرادات ومسار النفقات، أو أنه بالفعل لا يستطيع اكتشاف عمليات الاحتيال والتلاعب التي تتم خارج الدفاتر والقيود، ما يستوجب بالتالي ردم هذه الثغرة من قبل الجهات المعنية بمتابعة سير أعمال الشركات المساهمة.

القوة للأقوى

وفقاً للقوانين والأنظمة النافذة يجب على المدقق في حال اكتشف صفقات مشبوهة أن يبلغ مجلس إدارة الشركة لاتخاذ الإجراءات اللازمة، وإذا لم يعالج هذا الأمر، يقوم برفعه إلى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، حيث أنه لا يوجد سلطة فوق سلطة مدقق الحسابات فيما إذا كان يقوم بعمله وفق أصول التدقيق، لذلك نجد أن كثير من أعضاء مجلس الإدارة لا ينتخبون مدقق الحسابات مجدداً في حال أشار إلى خطأ ما أو إلى أمر قد لا يعجبهم، وفي هذا السياق نعتقد أن ثمة خطأ قانوني يتمثل بأن التصويت على أي قرار في الهيئة العامة يكون بعدد الأسهم وليس بعدد المساهمين، بمعنى أن لكل مساهم أصوات بعدد الأسهم التي يملكها، وعلى اعتبار أن مجلس الإدارة يملك الحصة الأكبر من الأسهم يتحكم بالقرارات الصادرة عن الهيئة العامة ومن بينها انتخاب مدقق الحسابات.

يبدو أن هذا الخلل القانوني هو الثغرة التي يجب ردمها لضمان حقوق صغار المساهمين بشكل أكبر، كأن يكون لهم أكثر من ممثل في مجلس الإدارة بغض النظر عن عدد الأسهم التي يملكونها وذلك لمراقبة أداء العمل والمساهمة باتخاذ القرارات بحيث تنعكس نتائجها الإيجابية على الجميع، إلى جانب مراقبة أي سلوك أو ممارسات مشبوهة قد تودي بكيان الشركة ككل.

حسن النابلسي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]