تصويب بقرار حكومي…بقلم:ناظم عيد

إن كنا سنحتاج إلى “اجتماع عمل خاص” يترأسه رأس الهرم التنفيذي لضمان التدفق السلس لكل منتج من منتجاتنا الزراعية في قنوات التصدير، كما حصل بشأن تصدير الحمضيات السورية، فهذا يعني أن أمام حكومتنا لائحة مهام طويلة، لا نخفي أنها أقل شأناً بكثير من أن تشغلها وتستدعي اجتماعات من هذا الوزن الثقيل.
ولعلّ صوابيّة ما تقرر بخصوص الحمضيات، هو ما يُشرع الأبواب أمام تساؤلات متعددة ليست من النوع المُحبب على قلوب رجالات وسطنا التنفيذي، تستفسر عمّا إذا كانت “وصفة إنعاش الحمضيات”- رغم صحتها – تتطلّب استنفاراً حكومياً بهذا الحجم، وعن دورة قرارنا الاقتصادي وحقيقة الطريقة التي “يُطبخ” بها، ثم عن الأدوار المُناطة بوزارات ومؤسسات الدولة وما الذي تنشغل به – تقليدياً – لتقذف بمهامها نحو جهات أعلى تتولّى اتخاذ القرار بدلاً منها، أما الأهم فهو سؤال “ثقيل الظل” لم نكن لنرغب بطرحه لولا خصوصية الحالة وهو: هل علينا انتظار “ملاحظات صديق” لنستدرك ما كان يجب استدراكه بلا جلبة ولا ضجيج؟.
الواقع أن ما جرى إقراره على جناح الحاجة والضرورة في موضوع الحمضيات الذي اخترناه مناسبة للحديث، ورغم أهميته يبدو ليس اختراعاً بل هو صيغة من صيغ الدعم الكثيرة المعمول بها في غالبية دول العالم، على مستوى التعاطي مع الشأن التصديري، ولا نعتقد أن في هذا الكون بلد لا يدعم صادراته، وبعضهم بالغ في حدود السخاء إلى درجة تلقي التهم بمحاولة إغراق الأسواق الأخرى بمنتجاته، وقد كنا دوماً –كسوق– عُرضة لمثل هذه المحاولات، التي دفعنا ثمن فاتورتها باهظاً، ولم نكترث لمبدأ المعاملة بالمثل، أو على الأقل لتوطين نموذج دعمٍ ما وبالحدود التي تسمح بها مواثيق التجارة الخارجية، أي بالطرق المشروعة التي لم نجرّبها وتركناها مساحات فارغة كانت من حقنا فاستثمرها الآخر ونحن نتفرج!.
إن ألحت علينا الحمضيات أو من يستوردها منّا لنخصّها بعنايتنا المركّزة، فماذا عن باقي منتجاتنا التي ترقى إلى مستوى حيازة لقب “استراتيجي”؟.. وماذا عن منتجنا الصناعي؟، هل يحتاج منا إصلاح “مكنة” الصادرات – بكل حمولتها- أكثر من قرارات مشابهة لما اجترحناه لحل مشكلة الحمضيات؟.
ربما كان من المفيد لو خرج الاجتماع بقراراته وأعطاها صفة العمومية دون حصرها بمنتج واحد بعينه، ولو فعلت الحكومة لرفعت عن نفسها احتمالات الوقوع في تهمة “التكلّف” ولحققت خطوة تُسجل لها، لم تفعلها كل الحكومات السابقة التي لم تحل مشكلات التصدير بل قاربتها مقاربات خجولة، لم يكن أي منها بالمباشرة والوضوح الذي خرجت به القرارات الأخيرة.
وكي لا نُتّهم بالتسرّع نشير إلى أننا ندرك أن مسألة دعم الصادرات تتضمن شقين الأول يكون عبارة عن تسهيلات وإعفاءات، والثاني يتمحور حول الدعم المادي المباشر، وإن كان تعميم هذا الأخير صعباً لضعف الإمكانات، قد يكون الشق الأول متاحاً وبحدود متفاوتة يجري تقديرها تبعاً لخصوصية كل منتج مرشح على قوائم التصدير.
المهم علينا أن ندرك أننا نحتاج اليوم إلى قرارات استراتيجية حاسمة، لا نضطر معها للعودة إلى فتح الملفات ذاتها مرة أو مرات، وإلا ندخل في دوامة ضياع البوصلة، وهذا أخطر ما تُبتلى به الأجهزة التنفيذية على الإطلاق.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]