إجراءات «الاستثمار» المؤجلة..!! بقلم:مرشد ملوك

وصل بنا الحدّ في الفترات السابقة إلى المطالبة بإحداث وزارة خاصة معنية بشؤون الاستثمار،
وها نحن اليوم نصل إلى مستوى أن تدعو هيئة الاستثمار مديري المصارف العامة إلى حضور اجتماع يتعلق بالتمويل والإقراض في المدن الصناعية ولا أحد يحضر.
هو الانحدار خلفاً في ملف الاستثمار، نعود لنتذكر أيام مكتب الاستثمار وكل الوهج والبريق الذي كان يحيط اجتماعات مكتب الاستثمار في رئاسة مجلس الوزراء الذي كان يترأسه رئيس مجلس الوزراء في حينها وبعضوية الوزراء المعنيين بالشأن الاستثماري.
كان الأمل كبيراً -ولم يزل- في هيئة الاستثمار السورية كبنية إجرائية ووعاء يحوي كل شؤون وشجوون الاستثمار لدينا، لكن الحقيقة أن شمس هيئة الاستثمار غابت في حال غريب وعجيب، وكأننا ننتظر مخلوقات أخرى ومن كوكب آخر لرعاية هذا الملف المهم والحساس في حيانتا الاقتصادية والاجتماعية.
قبل الحرب كانت هيئة الاستثمار تشتغل على:
التطوير والتعديل المطلوب على قانون الاستثمار.
إخراج خارطة استثمارية متطورة وشاملة لكل الفرص الاستثمارية.
خلق محفزات استثمارية غير ضريبية مرتبطة بمزايا وخصائص الاستثمار في كل منطقة سورية، ابتداء من المنطقة الشرقية إلى الساحلية وكل المناطق السورية الغنية بالفرص الاستثمارية.
التفكير في إحداث مكاتب استثمارية لرعاية شؤون المستثمرين.
وربما قضايا أخرى لم تسعفنا الذاكرة على طرحها.
حقيقة نرى أن هيئة الاستثمار غابت كلياً ولم يعد أحد يعرف عنها شيئاً وهي البنية المؤسساتية المبني عملها على الترويج لكل ماتقوم به، لكن هيهات أين الهيئة من كل ذلك.
فعلى مستوى تعديل قانون الاستثمار الذي انتقلت ملفاته من وزارة الاقتصاد إلى وزارة التنمية الإدارية ومن يدري غبار أي جهة حكومية يغلفه في هذه الآيام، إذ إلى اليوم لم تستطع الهيئة إخراج المسودة الأولى له إلى النور، وهو العمل الذي قد يحتاج إلى الوقت والنقاش العام فلماذا كل هذا الانتظار؟
وفي الحديث عن الخارطة الاستثمارية وعن الفرص الاستثمارية، ترى أن الفرص الاستثمارية في واد والخارطة الاستثمارية في واد آخر، وهل أحد يعرف ماهية الخارطة الاستثمارية حتى يعلم ماذا تحوي بالأساس.
بكل إنصاف نقول إن العقل العام الذي كان يعمل على ملف الاستثمار قد تطور وانتقل في موضوع المحفزات الاستثمارية إلى أبعد من المزايا الضريبية التي تعتبير محفزات مدرسية في موضوع الاستثمار إلى المحفزات القطاعية المرتبطة بنوع الاستثمار وعدد العمال وقضايا جوهرية أخرى.
إضافة إلى ما سبق فلا شك أن الابتزاز والسمسرة المشبوهة قد فعلت فعلتها في ملف الاستثمار السوري خلال سنوات ماقبل الحرب، وقامت قصص نصب واحتيال كبيرة في الفترات الماضية، أساءت بشكل كبير إلى بيئة الاستثمار، هذا غير الدور الذي لعبه بعض الوسطاء في تعطيل الكثير من المشاريع الاستثمارية وبانتظار الشريك المليء والدسم والذي لم يأت الى اليوم، الأمر الذي حرم البلاد من فرص استثمارية كان من الممكن أن تكون رافداً مالياً كبيراً لخزينة الدولة أضف إلى توفير الآلاف من فرص العمل.
من الواقع السابق انطلق أفق هيئة الاستثمار إلى التفكير في إحداث مكاتب خاصة معنية بالوساطة الاستثمارية مرخصة من الهيئة التي تعمل على مراقبة عملها.
ويجب الّا ننسى مشروع تبسيط الإجراءات الذي كانت تعمل عليه الهيئة، والذي كان يهدف إلى تذليل كل العقبات التي تقف في وجه الاستثمار والمستثمرين.
اليوم أين هيئة الاستثمار السورية من كل الملفات السابقة؟ قد يكون هناك تفكير حكومي بأن الظرف الحالي الذي تمر به البلاد غير مناسب للقيام بأي عمل إجرائي داعم للاستثمار، لكن نقول ألا يمكن ان نشتغل اليوم وحتى قبل ذلك على تهيئة المناخ والاجراءات التي يتكىء عليها الاستثمار، وهل موظفو الهيئة في جبهة عمل أخرى غير التي تحتاجها الهيئة؟
المنطق يقول: إن الظرف الحالي فرصة كبير لإخراج قوانين وأنظمة قد لا نستطيع في الفترات القادمة إعدادها وقد نكون قد دخلنا في معترك العمل المباشر، فهل نستفيد؟
كل المقدمات المرتبطة بالكوادر التي تعمل وتدير هيئة الاستثمار لاتوحي بذلك ..! نأمل أن نعي الأهمية الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة لهذا الملف الاستثماري الذي لا تألو الدول في بذل الغالي والرخيص من أجله لدرجة تخصيص وزارات متخصصة ومتفرغة للشان الاستثماري.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]