الحليف الروسي يعمّق انتصاراته العسكرية بعمق اقتصادي جديد.. وخبراء يؤكدون أهمية الشراكة الإستراتيجية لدعم الزراعة السورية لمصلحة البلدين

* فضلية: مكننة الإنتاج تتطلب تعاوناً فنياً تقنياً مع الدول الشقيقة والصديقة والحليفة

* قصار: الثروة الحيوانية تلاشت تقريباً ونحتاج إلى تدعيمها بسلالات مؤصلة من روسيا من دون انتظار البقر الهولندي

* طيفور: الزراعة أساس المنتج الصناعي وحليب الأطفال والقطن بحاجة تدخل الحليف الروسي لتأمين صناعات محلية

* حمزة: السوق الروسية واسعة وقادرة على تقديم ميزات تفاضلية للسلع السورية

الخبير السوري:

من الصعوبة بمكان ما توقع النتائج مسبقاً، فكيف ضمن أروقة السياسة، التي تسير بوتيرة متسارعة مع التطورات الاقتصادية العالمية، آخذة بكل احتمالات الربح والخسارة الكامنة بين السطور لتوقعات عدة، لتغدو اليوم معادلة الحلفاء الأقوى في حسابات السياسة الدولية، محتفظة بما تبقى من آمال حول قدرة الحليف الروسي، الذي غدا الرابح الأكبر في لعبة السياسة، بالأخذ لما تبقى من لعبة الاقتصاد إلى برِّ الأمان! ولكن هل ثمة انعكاسات للتحركات الأخيرة تخدم اقتصادنا المنهك؟ وما مدى قدرته على إنقاذ ما تبقى من آمال بالقطاع الزراعي المحلي، أمام إمكاناته الكبيرة في تأمين مستلزمات النهوض به وانطلاقه مجدداً؟

نهضة محلية

لعلّ أكثر ما يمكن قوله والحديث عنه في قطاع الزراعة هو التأكيد على النهوض به، وما لا يمكن التغاضي عنه حقيقة أن الشعب السوري يمتلك من الخبرة الزراعية وفق رؤية الدكتور في علم الاقتصاد عابد فضلية، ما يؤهله لهذا الاختبار الذي يتطلب من الجهات الحكومية ذات الصلة تقديم أفكارها أولاً بما يرقى لمستوى التحديات التي تواجه الزراعة، الهوية الاقتصادية للبلاد.

تأمين المستلزمات وتطوير التشريعات من أولى مطالب العودة للزراعة، يضاف لذلك المعدات والآليات التي تسهل مكننة الإنتاج والبحوث التي تساعد في تطوير النسل والأعراق الحيوانية، والذي يستدعي برأي فضلية تعاوناً فنياً تقنياً مع دول الحلفاء والأشقاء والأصدقاء.

الشريك الروسي مهم ولا يمكن نكران دوره الريادي في وقوفه إلى جانب سورية بالحرب، واليوم مسألة النهضة الاقتصادية تحتاج أولاً ترتيب البيت الداخلي قبل السؤال عن دور الحليف.. ما إمكاناته وما الذي سيقدمه، برأي المستثمر في قطاع الدواجن أنس قصّار، الذي وجد في مسألة اقتران أي نشاط اقتصادي داخلي أو خارجي بالمنصة عرقلة واضحة له، إضافة لضرورة تعديل قوانين الحركة الاقتصادية لسورية.

تعاون مثمر

اللجوء لمبدأ استيراد مدخلات وتقنيات الإنتاج من الدول الشقيقة والحلفاء، بما فيها الذرة وكسبة الصويا وحبوب الصويا يمكن استثمارها ضمن مصانع الزيوت والأعلاف، إلّا أن آلية العمل صعبة ومعقدة برأيه، حيث إنه في حال أراد أي رجل أعمال الاستيراد من روسيا الاتحادية، سيقع بفخ التأخير عبر المنصة، والذي يعد تأخيراً للمواسم الزراعية، وهنا تبرز أهمية امتلاكنا كل الوسائل المشروعة لمحاربة عقوبات «قيصر» إلى جانب الحليف الروسي، للتغلب عليها بأي طريقة، وفي حال الوصول للجاهزية ضمن هذه الأمور، ستكون اقتصادات العالم كلها شركاء لنا، وليس الروسي فقط.

ما نفتقده اليوم هو وجود استثمارات بنكية واضحة وحرة 100%، لذا ينبغي تحرير كل المستلزمات الزراعية والأعلاف وكل المواد الداخلة في الزراعة والصناعة خارج المنصة، ليكون لدى شريكنا الروسي سهولة بالتعامل معنا، ولتصبح جميع اقتصاديات الدول المفتوحة شركاء للاقتصاد السوري.

استثمارات ولكن!

أسواقنا واعدة وممتازة، وعندما نجد الآلية نرحب بكل رؤوس الأموال المستثمرة، وذلك يستدعي وجود استثمارات بأكثر من وجهة ومكان برأي قصار، كما لا يمكننا إغفال دور روسيا في تدعيم قطاع الزراعة، وهي من كبار منتجي النفط والغاز، والشراكة معها ستكون بالاستفادة من خبرة المزارع السوري إلى جانب خبراتها ودراساتها البحثية في مواضيع عدة كالذرة والقمح وفول الصويا، وذلك بتسهيل استيراد الصويا والذرة لدعم قطاع الدواجن، الذي يعاني ضعفاً في التوريدات المحلية منها.

الخبرات الروسية كبيرة، ولاسيما في مجال تطوير الذرة المحلية، التي أثبتت وجودها هذا العام، وذلك بتطوير البرنامج عبر تقديم روسيا مجففات ضخمة لوضعها بمناطق زراعتها، والتي لو وجدت سابقاً لاستطعنا الخروج بمنتج محلي أفضل من المستورد، يضاف لذلك الاستفادة من خبرات الروس في تقييم مناطق الجفاف التي تعاني شحاً بالأمطار، لوجود مراكز دراسات خاصة بها لديهم، وتوريد العديد من الجرارات والحصادات الزراعية ومعدات الدواجن.

فالقطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، يشكل اليوم نسبة كبيرة من اليد العاملة، كما أن قطاع الدواجن يشكل 20% فقط، وبإمكاننا الاستثمار ضمنه بالتنسيق مع الاتحادات برأي المستثمر أنس قصار، وذلك لتجاوز عقوبات «قيصر»، فكل زراعة ستنتج منتجات مصنعة ومحاصيل إستراتيجية وأوجه التعاون المشترك ستفي بالغرض، عدا عن استثمار الشراكات في إعمار ما دمرته الحرب من منشآت.

منتجات مصنعة

تبقى مهمة الحفاظ على الثروة الحيوانية التي تلاشت تقريباً عبر استيراد سلالات أبقار حلوب مثل «سيمينتال» المؤصلة والعريقة في روسيا، والتي تضاهي نوعيات عالمية يتطلب دراستها بشكل جدي، من دون انتظار البقر الهولندي، في حين غدت مسألة التخلص من العقوبات عبر التعامل بالليرة السورية مقابل الروبل الروسي والاستغناء عن الدولار فرصة لا تعوض، يجب استثمارها ضمن مبدأ الشراكة مع الحليف، وفتح باب استيراد القمح والبطاطا المحسنة وكل البذور الزراعية وسلالات الأبقار بالتعاون مع خبرات صحية محلية برأي قصار، والذي يعد بمنزلة عودة الرديف الحقيقي للاقتصاد المحلي.

تبرز أهمية الزراعة بصفتها المسؤول الأول عن تأمين المواد الأولية للصناعات الغذائية، ومن أهم ملفات الصناعات الزراعية، التي يأتي في مقدمتها حليب الأطفال والصناعات النسيجية، التي تستوجب اهتماماً أكبر من الجانبين وفق رؤية الصناعي عاطف طيفور، حيث إن إنتاج القطن قبل الحرب بلغ 600 ألف طن فيما وصل بعد خروج مناطق عدة من الزراعة لـ4000 طن فقط هذا العام، ما انعكس سلباً على إنتاج الألبسة والخيط المستورد، واستنزاف القطع الأجنبي باستيراد الملابس لتأمين حاجة السوق المحلية.

وهنا تبرز قدرة الحليف الروسي في إنعاش هذه الصناعات بتوفير الأسمدة والمحروقات لتشغيل الآليات، التي لا تعاني ضعفاً في اهتمام القطاعين العام والخاص، بل عدم توفر المادة الأولية كما هي حال مصنع حليب الأطفال، الذي يحتاج إلى مزارع أبقار وأعلاف لتأمين الحليب وتجفيفه أولاً، والذي يعدّ نوعاً من الاستثمارات التي تتطلب شراكة الحليف نظراً لنقص الحماس تجاهه من أي جهة أخرى.

تعويض النقص

لاشك في أن أي عملية مشتركة تظهر المنفعة المتبادلة كأسلوب عمل واضح، وهنا لابدّ من الإشارة لضرورة استثمار قوة الحليف الروسي في سد العجز في مبدأ العمل القائم على توفير الطاقة بالدرجة الأولى برأي الخبير التنموي أكرم عفيف، لانعكاسه المباشر على العملية الإنتاجية بزيادة ريعيتها، وذلك بالإقدام على مبدأ العمل بالزراعات التعاقدية بين البلدين، لإنقاذ القطاع الزراعي وتأمين تسويق صحيح للمحاصيل من الحمضيات والتفاح.

فالسوق الروسية واسعة، وقادرة على إعطاء ميزات تفاضلية للسلع السورية برأي مدير السياسات الزراعية في وزارة الزراعة رائد حمزة، إضافة إلى قدرتها على إقامة شركات تسويقية أيضاً، كما أن مسألة الأسمدة من أكثر الأمور تعقيداً لدينا، أمام وجودها ضمن بلد حليف هو المنتج الرئيس لها، والعمل ضمن مبدأ التشاركية وفق عقود «B.o.T» و«R.o.T» لتأهيل شبكات الري الحكومية والسدود، فيما قيام شركات روسية – سورية للتصدير وتفعيل القرى التصديرية الروسية التي غاب الحديث عنها، من أهم ما يمكن أن يقدمه الحليف الروسي اليوم لسورية برأي حمزة.

ولا تزال حتى اليوم مجريات اللقاءات تدعو الجميع للتفاؤل وسط الكثير من الأمل بمستقبل الانفتاح العربي من جهة والقدرة على بناء شراكات إستراتيجية مع الحلفاء من جهة أخرى.. تشرين

بارعة جمعة

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]