“الدول العربية تتواصل بمعظمها مع دمشق”… فهل تشارك سورية في القمة العربية؟

الخبير السوري:
بعد إعلان السلطات الرسمية التركية استعدادها لبدء التفاوض السياسي مع دمشق، ممهّداً بالتنسيق القائم على المستوى الأمني بين الجانبين السوري والتركي، بحسب تأكيد المسؤولين الأتراك الكبار، قد يدفع هذا التطور في الموقف التركي الدول العربية وخصوصاً الخليجية منها إلى إعادة النظر في سياستها الخارجية حيال سوريا. لذا لم تُحسم بعد دعوتها إلى حضور القمة العربية التي تنعقد في الجزائر في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وسط معارضةٍ مصريةٍ-سعوديةٍ لمشاركة دمشق في هذه القمة.

وفي المقابل تبرز مساعٍ جزائرية تعمل لدعوة سوريا إلى حضور هذه القمة. وبصرف النظر عن نجاح المساعي الجزائرية أو فشلها، فإنها، ولا ريب، تساهم في إعادة تحريك ملف العلاقات العربية-السورية، خصوصاً بعد “الانعطافة التركية” نحو سوريا، وتأتي كذلك في ضوء استمرار التعاون والتنسيق الأمني بين معظم الأجهزة الأمنية في الدول العربية وأجهزة الأمن السورية، وفقاً لهذه القاعدة في العلاقات الدولية، ولكن في شكلٍ معكوس، التي تقول: إن “هناك دولاً صديقة ولكن ليس هناك أجهزة استخبارات صديقة”. أما في شأن العلاقات العربية-السورية، فيمكن القول إن “هناك دولاً متعادية، لكن قد لا تكون هناك أجهزة استخبارات متعادية”. لا بل أبعد من ذلك، فإن معظم الدول العربية تتواصل مع دمشق “من فوق الطاولة أو من تحتها”، بحسب تأكيد الرئيس بشار الأسد الذي قال حرفياً في حديث صحافي إلى قناة “روسيا اليوم” في حزيران الفائت، عقب زيارته أبو ظبي في الإمارات العربية المتحدة، “الدول العربية حافظت بمعظمها على علاقتها بسوريا وكانت بمعظمها أيضاً تقف مع سوريا معنوياً”.

مع كل ذلك، برزت أخيراً معارضة مصرية-سعودية لمشاركة دمشق في القمة العربية المرتقبة. فهذا الموقف المصري سبق تسليم السلطات المصرية رسمياً جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين على مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر للمملكة السعودية قبل أيامٍ قليلةٍ، بعيداً من الإعلام، بحسب معلومات مراجع في العلاقات الدولية.

وهنا يتضح الموقف المصري من مشاركة سوريا في “القمة”، لكونه يؤكد التناغم في المواقف والسياسات الدولية وسواها بين الرياض والقاهرة، إلى حد تنازل السلطات المصرية عن جزْءٍ من أراضي بلادها للسعودية، لتنضم الأخيرة بدورها، إلى دول الطوق العربية التي تحيط بفلسطين المحتلة. أضف إلى ذلك، فقد جاء هذا الموقف المصري المذكور آنفاً، تعبيراً عن رفضه “للتمدد الإيراني” في سوريا، بحسب رأي مرجع في العلاقات الدولية ومتابع للشؤون المصرية.

ولاريب في أن مصر لم تستعد دورها الريادي والقيادي في العالم العربي، فكان من المفترض بها أن تجمع العرب تحت سقف القمة العربية المرتقبة، غير أنها انحازت إلى السعودية، وأيضاً وأيضاً يبقى التأثير الأقوى، “للفيتو” الأميركي المرفوع في وجه أي تقدمٍ في العلاقات الدولية عموماً، والعربية خصوصاً الغلاقة بدمشق.

ومعلوم أن الولايات المتحدة لاتزال تعرقل إنجاز أي حلٍ للأزمة السورية، كذلك تحاول منع تقارب أي دولة مع سوريا، تحديداً دول الطوق التي تحيط في الأولى، قبل التوصل إلى تفاهمِ مع إيران على “الدور الإيراني” في المنطقة. هذا بالتوازي مع استمرار المفاوضات الرامية إلى إعادة تفعيل الملف النووي الإيراني، بين طهران والدول الست الكبرى الغربية.

ومعلوم أن إيران لا تتدخل في شؤون أي من الدول، وبهذا الصدد أكدت طهران مراراً وتكراراً قبل بدء “مفاوضات النووي” وعلى هامشها، أنها مخصصة لبحث إعادة تفعيل الاتفاق المذكور، ليس إلا، من دون التطرق إلى أي ملفٍ من الملفات العالقة في المنطقة، (اليمن، سوريا، لبنان، العراق)، على سبيل المثال، لا الحصر، وهنا، ولا ريب في أن لإيران دوراً فاعلاً في المنطقة، نظراً إلى انتهاجها سياسة دعم الشعوب المستضعفة في الأرض، ودعم حركات التحرر والمقاومة في العالم، منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979.

إن هذه السياسة أصبحت من الثوابت الإيرانية، مع أنها تلقى معارضة من بعض القوى الإيرانية، التي تطالب بتركيز كل الطاقات الإيرانية، تحديداً المالية في الداخل الإيراني. لذلك، وانطلاقاً من نهج الجمهورية الإسلامية ودورها في المنطقة، قد تساعد في إيجاد الحلول الملائمة للقضايا العالقة في هذه المنطقة، في المحادثات الإيرانية-الأميركية التي انعقدت في دولة قطر وسلطنة عمان، وقد تستأنف في أي وقت.
الميادين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]