لا وقت للتجريب.. محاولات دعم خجولة لمشروعات المرأة الريفية… خبراء يعلنون تحفظاتهم

الخبير السوري:
كل ما يظهر على واجهة الإنتاج السلعي المنسوب إلى المرأة الريفية، يجري باجتهادات و إمكانات ذاتية في الواقع، فبعض الأرياف احتفظت بتقاليد الإنتاج، وبقيت في منأى جزئياً عن مؤثرات ودواعي الاسترخاء وهجران العمل الزراعي.. إلّا أن في وزارة الزراعة من يصر على أن ثمة بصمة للوزارة فيما تنتجه المرأة الريفية.

طفرات

وتتحدث الدكتورة رائدة أيوب مديرة التنمية الريفية في الوزارة عن مبادرة (معاً نبني حلماً) التي كان نموذجها الأول في قرية قطرة الريحان بمنطقة الغاب في حماة، و تشكل مبادرة تنموية متعددة الأركان ومتكاملة الملامح تستهدف القرى القادرة على تنمية نفسها بنفسها للتخفيف من حدة الفقر بالاعتماد على الموارد المتاحة فيها سواء كانت طبيعية، أم بشرية.

وبيّنت الدكتورة أيوب أن أهم ما تم تحقيقه في القرية كان تجهيزها بمكان لوحدة التنمية الريفية في القرية بمساهمة من الأهالي، وتم البدء بتمويل المشاريع الأسرية المولدة للدخل بالقروض والبالغ عددها /30/ مشروعاً، ونشر ثقافة تدوير المخلفات العضوية بدودة الكمبوست.

وفي سياق جهود الدعم والتشجيع…تشير أيوب إلى أنه يتم العمل على تشجيع وتدريب النساء الريفيات على تأسيس المشاريع الإنتاجية الصغيرة المولدة للدخل من خلال تمكين النساء الريفيات من الوصول إلى مصادر تمويل بشروط ميسرة، ووفقاً لأيوب بلغ مجموع ما تم إقراضه لتلك المشاريع 729,603,850 ليرة سورية، وبلغ عدد الأسر المستفيدة 19828 أسرة على مستوى 13 محافظة و 449 قرية في أرجاء القطر.

و تمت دراسة الأثر الاقتصادي والاجتماعي للمشاريع بالاعتماد على قياس /25/ مؤشراً اقتصادياً واجتماعياً من خلال إجراء بحث ميداني شامل، وخلص البحث إلى جملة من النتائج والتوصيات العلمية والعملية أهمها أن 97% من الأسر زاد دخلها بعد تأسيس مشروع، و93% من الأسر تحسنت نوعية طعامها، و51% من الأسر تحسنت أوضاع مسكنها، إضافةً إلى أن 81% من الأسر تحسنت نوعية لباسها، و59,5% من الأسر تحسنت صحة الأسرة ضمنها، و35% من صاحبات المشاريع أصبح لديهن ملكية خاصة.

أما بالنسبة للمشاريع الجماعية فقد تم تأسيس وحدات تصنيع غذائي متخصصة (مشاريع جماعية على مستوى القرى) بلغ عددها /30/ وحدة تصنيع متخصصة كمشاريع جماعية في كل المحافظات .

وأكدت المديرة أن جميع مشاريع المديرية حققت استمرارية منذ انطلاقها كمشروع الزراعات الأسرية الذي استهدف أكثر من 57 ألف أسرة، والمشاريع الفردية، ووحدات التصنيع الغذائي الريفي، وصالات ترويج المنتج الريفي.

كذلك تتم المتابعة لكل المشاريع التي تنفذها المديرية من خلال الكادر المنتشر في كل المحافظات والبالغ /1200/ مهندس ومهندسة.

في حين اقتصر فشل بعض المشاريع وفقاً للدكتورة أيوب لأسباب تتعلق بالحرب والحصار وقلة حوامل الطاقة وعدم توافر رأس مال تشغيلي لهذه المشاريع و الظروف الأمنية السائدة في بعض القرى مثل (المحافظات الشمالية الشرقية ) وخاصة بالنسبة للمشاريع الفردية.

منتجات بالبازارات فقط

يرى الباحث الاقتصادي الدكتور شادي الأحمد أن ما تم تقديمه من قروض لتنمية مشاريع المرأة الريفية ذات قيمة شرائية منخفضة، فقروض بقيمة 700 مليون ليرة في ظل ارتفاع تكاليف الإنتاج الهائل في أسواقنا، هي قروض قاصرة عن خلق فرص عمل كبيرة ودخل جيد، وفي الوقت ذاته فإن هذه المبالغ الممنوحة على شكل قروض تعني أن هناك تكاليف يجب أن تخدم هذه القروض وهذا الأمر في ظل الظروف الراهنة من الممكن أن يؤثر في الإنتاجية المتعلقة بهذه المشاريع سلباً والأهم من ذلك أن هذه المشاريع قد جالت على شكل ما نسميه “كلاستر” أي عناقيد وهذا النموذج لا يمكن أن ينجح إلّا إذا كانت هناك مشاريع كبيرة تدعم هذه المشروعات الصغيرة من أجل أن تحقق قيماً مرتفعة.

وأضاف الأحمد: من اللافت في بعض المناطق أن هناك سيدات ريفيات يقمن بإنتاج بعض المنتجات ولا يجدن سوقاً لتصريف منتجاتهن، وإن كانت هناك أسواق لتصريف المنتجات فهي تقتصر على بازارات خيرية، وتالياً لا تتصف تلك الأسواق بالاستدامة، مضيفاً : ينبغي أن تكون هناك خريطة استثمارية لتوزع المشاريع المتوسطة والصغيرة المتعلقة بالمرأة الريفية، وينبغي أن تلاحظ هذه الخريطة ثلاثة مستويات: المستوى الأول هو التخطيط الإقليمي بمعنى المشاريع المتشابهة في منطقة واحدة، والمستوى الثاني هو التخطيط القطاعي وهو يتعلق برفع القيمة المضافة من خلال وجود مشاريع كبيرة في المكان ذاته، أما المستوى الثالث فهو الإداري، فالمشروع لا يقتصر على قوة العمل وحدها، بمعنى؛ حتى لو كان المشروع فتمكين النساء الريفيات هدفه الأساس الأخذ بمبادئ الإدارة لنجاح المشاريع، فالمشاريع بلا إدارة لا تنجح، ويرى الأحمد أن الجهود التي قدمها المعنيون في دعم المرأة الريفية هي جهود حميدة ومشكورة إلّا أنها تفتقد المنهجية الاقتصادية.

توحيد المنتج والعلامة التجارية

في حين ذهب خبير التسويق الزراعي مهند الأصفر إلى أنّ منتجات المرأة الريفية في سورية تتطلب مقومات معينةً ودعماً حقيقياً لترى تلك المنتجات النور سواء على صعيد الإنتاج واعتماد المنتج الأولي لإنتاج منتج نهائي من قبل المرأة الريفية، أو على صعيد التصنيع الغذائي.

وأضاف الأصفر: لابدّ من دعم المنتج النهائي للمرأة الريفية وعلى سبيل المثال تأمين العبوات واللصاقات الموحدة وتأمين السجل الصناعي والتجاري حتى تكون جميع هذه المنتجات موحدة، فمن غير المعقول أن تكون لدينا منتجات للمرأة الريفية لا تتوافر لها عبوات موحدة، ولا بدّ من تدخل الجهات المعنية لتأمين جهات تشتري المنتجات “الدوكما” وتتحمل مسؤولية تعبئة الإنتاج وتسويقه.

وبين الأصفر أنه في حال تأمين التسويق الصحيح لهذه المنتجات نكون حققنا دخلاً حقيقياً وعامل استقرار للمرأة الريفية وأسرتها في المحيط التي تتواجد فيه، مضيفاً: إن التسويق الصحيح لمنتجات المرأة الريفية يحتاج مقومات منها أن نجمع في كل محافظة من المحافظات المرأة الريفية المنتجة لصنف واحد من المنتجات، وأن يكون هناك ترتيب لهذه المنتجات، وإطلاق منافذ بيع كافية لتصريف المنتجات، مع إيجاد جهة إشرافية على بيع المنتجات.

وأمل الأصفر أن نركز في هذا الظرف الذي نعيشه من قلة في ساعات التغذية الكهربائية على الصناعات التجفيفية، كتجفيف الفواكه والخضار وهي صناعة مهمة وستحقق نجاحاً كبيراً إن استطعنا تقديم الدعم المناسب لها .

إذاً سلسلة دعم عمل التنمية الريفية في الجانب المتعلق بالمرأة.. لا تقتصر على خطوات مجتزأة بل تتطلب جهوداً متكاملة حقيقية، والواقع علينا جميعاً أن نكون مرنين في التعاطي معه، فالتنمية الريفية هي أساس التنمية الحقيقية في بلد زراعي.. والمرأة هي أساس التنمية في الريف..

عثرات

برأي الباحثة في الهيئة العامة للبحوث الزراعية د. غادة قطمة، يتولى جزء من النساء الريفيات تسويق منتجاتهن، بينما جزء آخر يكتفي بالتحضير، فإما يبعن المنتجات لمحال قريبة أو يقوم رب الأسرة أو الأولاد ببيعها. وتلقى منتجاتهن رواجاً إن كان في الريف في مناطق يتردد عليها المصطافون أو السائحون كريف الساحل السوري، ويبقى النشاط محدوداً في الأرياف الأخرى.

مضيفةً: ينجذب جزء من المستهلكين السوريين لشراء المنتجات الريفية في المدن وهي الفرص الأكبر أمام المرأة الريفية للتسويق وتحقيق هامش ربح أكبر، إما في الأسواق الشعبية أو بشكل محدود في بعض المحال، وحديثاً تم إنشاء صالات بيع لهذه المنتجات في بعض المدن تحت مسمى صالة بيع منتجات المرأة الريفية.

إلّا أن هناك بعض الصعوبات التي تحدّ من تصنيع وتسويق المنتجات الريفية كعدم توافر رأس المال الكافي لدى البعض لتصنيع كمية كبيرة من المؤن، وصعوبة تأمين وسائط النقل من الريف للمدينة وارتفاع أسعار المحروقات ما يرفع التكلفة والسعر، وعدم تعبئة المنتج بشكل يجذب الزبون كما في المنتجات الزراعية المصنّعة من قبل الشركات، كما أن المرأة الريفية المنتجة يجب أن تكون على معرفة بذوق المستهلكين بالمدن وتفضيلهم سلعة أو طعماً وصفات جودة أخرى مرغوبة. ومن تحديات تسويق هذه المنتجات أيضاً عدم توافرها على مدار الموسم بسبب قلة الكمية المتوافرة، ومن المعروف أن المستهلك يعتاد على منتج معين ويعاود شراءه بعد فترة وينصح الآخرين بشرائه وهو نوع من الترويج عن طريق الزبون.

ومن الواضح أن القروض لاتكفي.. ولا الاهتمام بالتسويق على قدر المطلوب.. بالتالي نتائج كل الجهود المزعومة بدت قاصرة بالفعل..
تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]