خود هالنمرة ؟!!

لؤي عيد – الخبير السوري:

 لو نفض أياً منَّا غبار الزمن عن ذاكرته واستعرض بقايا الصور المبعثرة من أيام الطفولة لعثر بينها على صورة وعاء أسطواني الشكل، أزرق أو فضي اللون، بحوزة عدة أشخاص من قبل “الصحة المدرسية” قدموا إلى المدرسة في إطار حملة التلقيح الوطني. . . وكيف ننسى لحظات الخوف بانتظار الإبرة التي سوف يغرزونها في لحمنا الطري لحقننا باللقا..ح المحفوظ في ذلك الوعاء المرعب.

  ليست بجديدة علينا تلك الإجراءات التي تشعرنا بـ “دفء” رعاية الدولة واهتمامها بالصحة العامة ومكافحة الأوبئة والأمراض السارية.. ومصدر الدفء هو الثقة العمياء برعاية الدولة وبحرصها على ضمان جدوى وسلامة تلك الإجراءات.

  لكن..ما سر هذا اللغط إذاً حيال حملة التلقيح ضد الوباء  إياه، وما الجديد في الأمر طالما أنها كسابقاتها برعاية واهتمام الدولة؟!!

  في الحقيقة الجديد هنا هو غياب الثقة باللقا..ح وبالتالي غياب الثقة بالإجراء – ولا أقول بالدولة – مما أفقد الخطوة دفء الرعاية، وبث شعور بالقلق والهلع منه، نتيجة الكم الهائل من التقارير والشهادات لمراكز دراسات وأطباء مواطنين وعرب وأجانب، حفلت بها وسائل الإعلام وصفحات الانترنت، تتحدث عن شبهات مرعبة حوله.. ونفترض منطقياً أن بعضها – وليس كلها-صائب وصحيح، ما يعطي مشروعية لهذا القلق.

  وهنا يخطر لنا سؤال في القانون غير بريء: هل يجوز للجهات الحكومية أن تفرض على المواطنين أخذ اللقا..ح المذكور، ولو بوسائل غير مباشرة؟

  دعنا من القانون، هل يتفق هذا مع مبدأ رعاية الدولة آنف الذكر؟؟

 أسمح لنفسي أن أجيب على هذا السؤال الكبير وأقول بأن هذا الأمر جائز لو أنه تم إثبات نجاعة اللقا..ح وفاعليته، وخلوه من الآثار السلبية والجانبية، ونستنتج منطقياً أنه غير جائز إذا لم يحقق هذين الشرطين.

  في الحقيقة تتسم الإجراءات المزمع اتخاذها من قبل الجهات الحكومية لجهة فرض اللقا..ح على الجميع بالارتجال والتسرع لسببين:

–   إن اللقا..ح حديث العهد ولم يجتز فترة اختبار كافيه لسبر جدواه ورصد نتائجه.

–   بما أن مبدأ اللقا..ح هو حقن الجسم بمادة بروتينية تشبه ما ينتجه الفيروس لتحريض الجسم على إنتاج أضداد له في حال الإصابة به، فهو بحاجة إلى أجساد سليمة تستحمل آثاره الشبيهة بآثار الفيروس. وبالتالي ليس جميع المواطنين المزمع تلقيحهم جاهزون لتلقي اللقاح.. وقد حدثت وفيات كثيرة، تم التداول بشأنها همساً،  والإشارة إلى اللقا..ح نفسه.

  لذا فقد اختلف أهل الاختصاص والمعنيين بالشأن الصحي في بلدنا حيال هذا الأمر الذي يرقى إلى مرتبة قضية وطنية بامتياز، وانقسموا بين مؤيد له يرى فيه ضرورة، وآخر يشكك به وبجدواه.. وكثير من الأطباء امتنعوا عن تلقي اللقا..ح ولم ينصحوا به.

  كل هذا ولم نأخذ بالحسبان ما تناقلته وسائل الإعلام المختلفة عن الشبهات المحيطة باللقاحات المتوفرة.. بعضها يتحدث عن أضرارها الفتاكة بجهاز المناعة، تقارير أخرى تحدثت عن أنها حلقة في خطة قذرة من قبل القوى العظمى للتحكم بالعنصر البشري وبمصيره ومعالجة الانفجار السكاني على كوكبنا الذي سيضيق يوماً بساكنيه، مستدلين على ذلك باحتواء اللقاحات على جسيمات غريبة يعتقد بأنها شكل من ال: “mac address “يمكن التحكم بها عن بعد وتفعيلها حسب الرغبة، وتزامن ذلك مع تصريحات وتسريبات من شخصيات عالمية فاعلة في ذات الاتجاه. . . وآراء أخرى كثيرة ومتنوعة تصب في خانة التحذير بشدة من مخاطر اللقا..ح، وليس عبثاً انطلاق مظاهرات مناهضة لإجراءات مكافحة الوباء في أكثر من بلد غربي.

  ولا نرى في اللقا..ح شبهة أكثر من تدفقه إلينا من دول كبرى عدة وبسخاء.. ومجَّاناً، ولم نعهد في هذه الدول القيام بدور جمعيات خيرية توزع صدقات وخدمات لوجه الله

  ختاماً نهيب بحكومتنا الموقرة التريث في تنفيذ الإجراءات آنفة الذكر والتي ترك الحديث عنها نفوراً وامتعاضاً كبيرين في أوساط المواطنين بمختلف شرائحهم، والاستعاضة عنها بالتركيز على إجراءات الوقاية المنسية والمغيبة تماماً عن اهتماماتها كمنع التجمعات في صالات الأفراح والتعازي وغيرها، والتباعد الاجتماعي والتعقيم وارتداء الكمامات في الأماكن العامة والدوائر الرسمية وغير الرسمية التي يرتادها مراجعين, وتسيير دوريات من عناصر الرقابة الصحية لمراقبة التنفيذ واتخاذ إجراءات رادعة بحق الجهات والعناصر المخالفة. ربما ذلك أنفع وأكثر جدوى من السير في نفق اللقا..ح المظلم الذي لا يعلم نهايته إلا الله.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]