جدل حول تنظيم مشاريع الطاقات المتجددة.. وشكوى من سوق منفلتة

الخبير السوري:

ما زالت مشاريع الطاقة المتجدّدة الشمسية منها أو الريحية المنتشرة في أكثر من منطقة تثير الجدل في وسطنا الاجتماعي بين مؤيد ومعارض، لجهة جدواها وفعاليتها في ظل سوء واقع الكهرباء والمحروقات وارتفاع أسعارها بشكل مستمر، وصعوبة الحصول عليها وزيادة تكاليفها، الأمر الذي يثير جملة من التساؤلات حول مستقبلها بعد أن شهدنا إقلاع عدة مشاريع، علماً أن هناك قرارات حكومية تشجيعية اتُخذت بشأنها، فهل ستنجح في تنظيمها واعتمادها كحلّ لمشكلات الطاقة وتوفيرها بالشكل الجيد للمواطن والمؤسسات؟

مشاريع تقليدية

واليوم، يوجد الكثير من المشاريع قيد الدراسة لتنفيذها على أرض الواقع، وهنا يشير مدير عام المدينة الصناعية في حسياء بسام منصور إلى الخطوات التشجيعية التي بادرت بها المدينة لدعم المشاريع، وكان أهمها منح مساحات من الأراضي لإقامة مشاريع الطاقات المتجدّدة بأسعار شبه مجانية، منوهاً بالقرارات الحكومية الأخيرة بهذا الشأن التي دعمت عمل تلك المشاريع، لكن إلى الآن ما يتمّ إنتاجه عبر المحطات التقليدية خاص بتلبية متطلبات المنازل، أي أن توليد الكهرباء بالميغات يتجاوز 15 أو أكثر بقليل، لافتاً إلى وجود مشاريع ضخمة وعملاقة قيد الدراسة ستقام خلال المراحل المقبلة، وتعتبر الأهم لأنها مشاريع إستراتيجية، وفيما يتعلق بالمنتجات التي تدخل الأسواق المحلية ومدى فعاليتها، يوضح منصور أن مركز بحوث الطاقة يقوم بفحص دقيق من خلال التجهيزات الموجودة لديه للكشف عن الجودة في تلك المنتجات، وبيّن وجود أنواع غير مطابقة للمواصفات لكنها على مستوى ضيق جداً، مشيراً إلى وجود معمل لتجميع اللواقط الشمسية يدعم السوق المحلية ويلاقي إنتاجه استحسان المستهلكين، معرباً عن أمله بإقامة معمل لصناعة الخلايا الشمسية رغم كونها صناعة معقدة لكن المواد التي تستخدم فيها متوفرة ويمكن تنفيذ هذا النوع من المشاريع بشكل مريح.

نحتاج التنظيم

وعلى الرغم من القرارات والإجراءات التي اتخذتها الحكومة لدعم مشروع الطاقات المتجدّدة كتقديم القروض للمواطنين ليتمكنوا من شراء الألواح الضوئية ومستلزماتها، لكنها لم تدخل بعد حيّز التنفيذ كما يجب. وبرأي المهندس أمجد أيوب المتخصّص في تصنيع الألواح الشمسية أن إنشاء صندوق التمويل يعدّ خطوة مهمة جداً لدعم استخدام الطاقة الشمسية، حيث تمّ توجيه المصارف لتركيبها من خلال تقديم المبلغ “كاش” للشركة المنفذة، وبذلك يتمّ التخلص من أهم عقبة وهي توفير “المال” اللازم والكافي. وبحسب أيوب فإن عملية التمويل وحدها لا تكفي، مطالباً بأخذ إجراءات تعزّز هذا القرار بإصدار قائمة بأسماء الأشخاص أو الشركات التي يتعامل معها البنك ضمن إطار ضمانة العمل بشكل احترافي وعلمي في تنفيذ أي مشروع في حال حدوث أي خطأ من قبل أية شركة كي تتحمّل غرامات الإصلاح أو تعديل العمل وإصلاحه، أي لا يمكن الاعتماد على دخلاء هذه المهنة لأنها تحتاج إلى حرفة عالية ودقة في إنجاز المشروع. وأشار أيوب إلى وجود الكثير من الأيدي العاملة غير الخبيرة في هذا المجال وتسبّب الكثير من الأخطاء أثناء عملية تركيب الألواح الشمسية، كتركيب بطاريات غير متساوية واستخدام الانفرترات بمواصفات سيئة، لذلك يجب تنظيم هذا العمل ضمن شروط معينة تضمن حقوق الجميع ووجود كوادر فنيين يملكون الخبرة وشهادة علمية “معهد هندسي”، لأن هذا العمل يحتاج للفهم وإدراك المخاطر التي يمكن أن تنجم عنه، فالتيار الدائم يسبّب الموت وتوقف القلب المفاجئ ويعدّ تركيب البطاريات للألواح الشمسية أخطر من البطاريات العادية وهناك حالات وفاة حدثت نتيجة تلك الأخطاء.

فلتان السوق

بناء على ما سبق لابد أن تعتمد البنوك على الخبراء والعملاء المختصين والالتزام بالشروط والمعايير الصحيحة، ومنع التعامل مع جهات غير معروفة وفرض غرامة على الشركات في حال التنفيذ الخاطئ لضمان حق المواطن بالحصول على خدمة جيدة. وبيّن أيوب أن هناك كمية كبيرة من البضائع المهربة وغير الدقيقة، فالمواطن قد يشتري لوح 220 واط بسعر لوح 440 واط، مشيراً إلى أن معظم البضاعة في السوق المحلية تدخل دون رقابة، وإذا كان هناك رقابة فهي غير مجدية لأنها لا تستخدم أجهزة “محاكاة  النبضة  الشمسية”، وهو جهاز لديه الدقة العالية في كشف الألواح الزائفة، وبرأيه معظم تقارير مركز البحوث غير صحيحة عن الألواح الشمسية التي تدخل سورية، إضافة إلى الألواح التي دخلت بطرق غير مضبوطة وبشكل غير نظامي إما عن طريق التهريب أو عبر طرق أخرى ولعلّ أخطرها الألواح المستعملة الأوربية لأنها لا تملك الجودة المطلوبة فهي مستعملة على الأقل لمدة عشر سنين، أي أنها فقدت من الاستطاعة نسبة 20%، عدا عن الفترة الزمنية التي تمّت صناعتها فيها أي ضمن استطاعة أقل تختلف عن احتياجات الكهرباء الآن!.

الشمسية أجدى

وفيما يتعلق بالمفاضلة ما بين الطاقة الشمسية والريحية لجهة الجدوى والوفرة، بيّن المهندس أيوب أن العمل على الطاقة الشمسية هو الأجدى، فبحسب المخطط الريحي نحن لا نملك سوى مساحة 10% في سورية لديها الطاقة الريحية، وبذلك لا يمكن الاستفادة منها في معظم المناطق، وبالمقارنة مع الطاقة الشمسية فإن ديمومة الألواح تقارب 20 سنة، أما العنفات الريحية ديمومتها أقل وتتطلب منظومتها 60% من تكلفة الألواح الشمسية، وبمعنى آخر تعتبر الريحية أغلى بكثير فكل 600 واط لبيت صغير يحتاج طاقة أكبر من الليدات والانفرترات والبطاريات، أي كل 600 واط لطاقة العنفات هي أكثر تكلفة من اللوحة الشمسية بثلاثة أضعاف، وجدوى العمل بالعنفات الريحية غير فاعلة بالمدينة وتشكل حيزاً أضيق، فلكل منطقة خصوصية وتعتبر الشمس في بلادنا ذات مجال زمني أوسع وأكبر خلال 9 أشهر من العام، ومع ذلك فإن الحل هو التهجين مابين الطاقتين بحسب المنطقة ومناخها المميز لها..البعث

ميادة حسن

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]