حلم المواطن سعيد (3)

الخبير السوري:

يتابع مواطننا (سعيد) استعراض مسيرة ذكريات الزمن الجميل. وكيف كان لديه الوقت الكافي للاستمتاع بهواية المطالعة بسعر زهيد للكتب والمجلات والصحف وكيف كانت المكتبات تزهو بروادها الكثر سواءً الحديثة منها كمكتبة الأسد أو القديمة والعريقة كالمكتبة الظاهرية في دمشق القديمة. متعة القراءة في شتى فنون العلم والأدب والشريعة متعة لا يعرفها إلا متزوقها هذا ما حدثت نفس المواطن سعيد في سره، ففي فترة السبعينات والثمانينات كان شراء الكتب والروايات والقصص ومجلات العربي والمختار وغيرها من النفقات الشهرية الضرورية لغذاء العقل والروح مثلها مثل غذاء المعدة كل شيء كان رخيصاً وفي متناول الجميع. أما اليوم وفي حسرة كبيرة أغلقت أغلب مكتبات بيع الكتب والمجلات وتحولت لمهن أخرى تتناول الحاجات الضرورية للحياة. إنه زمن آخر تراجعت فيه الثقافة وحل محلها المقاهي والمطاعم والانترنيت. وعندما يتحول العلم والثقافة إلى ترف فكري فتلك مصيبة بحد ذاتها. المواطن سعيد يعتمد اليوم في مطالعته اليومية على مواقع الانترنيت المختلفة التي غالباً ما تكون ذات أهداف غير حيادية وتضع القارئ في خضم حيرة في الفهم أو حيرة في المدلول رغم أنها أصبحت شبه مجانية. إنه زمن جديد فرض عليه نوع معين من القراءات ونوع محدد من الثقافة إنها ثقافة الانترنيت. والسؤال الذي يتبادر لذهن مواطننا (سعيد) عن فاعلية ما يقرأه اليوم مقارنةً بالماضي وهل في ذلك تأثير اقتصادي واجتماعي. دور النشر بدأت بالضمور والصحف والمجلات أصبحت بحاجة لأجهزة ذكية لمطالعتها والمطابع في طريقها للتوقف والورق أصبح سلعة نادرة والكتب المتبقية في مكتبات البيع تنازع على الرفوف أمام منتجات استهلاكية. عالم قديم انتهى وبدأ عالم جديد فهل ستكون الثقافة مجرد أحلام في زمن تطغى عليه المادة ويلهث المواطن (سعيد) كما غيره لتلبية متطلبات المعيشة الضرورية. فهل هذا هو أساس القرن الجديد تساءل المواطن (سعيد) وهو يتصفح كتاب اقتصادي قديم بعنوان (التنمية صفر). دمشق في 18/11/2020.

كتبه: د. عامر خربوطلي العيادة الاقتصادية السورية فيسبوك Syrian Economic Clinic

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]