الخبير السوري:
في منطقة بعيدة تحتاج إلى ما يقارب الساعة ليصل سكانها من ضاحية «سكى» أو ضاحية الشهيد باسل الأسد على طريق المطار إلى دمشق، يسكن موظفون يعملون في مطار دمشق الدولي بضاحية لم تصنف حتى تاريخه فيما إذا كانت عمالية يحق لأصحابها تملكها، أو وظيفية وعلى الموظفين مغادرة منازلهم عندما يصلون سن التقاعد.
في الغد هنالك أكثر من 25 أسرة ممن أمضوا أكثر من 30 عاماً في تلك المنازل عليهم مغادرة منازل لم تكن مكسباً من قبل لأي من الساكنين بعيداً عنها عندما كانت القذائف تنهال عليها من كل حدب وصوب من قبل المسلحين الذين كانوا يحيطونها من كل الجهات ويستهدفونها يومياً, مخلفين وراء قذائفهم الضحايا والمصابين.
أسرة «أبو جورج» من بين الأسر التي يجب عليها مغادرة بيتها حتى لو كانوا سيفترشون الشوارع, أبو جورج من بين الأشخاص الذين أصيبوا بإحدى شظايا القذائف وجعلته طريح الفراش، يقول: إنه لن يغادر هذا المكان إلا على جثته، وتجلس إلى جواره جارته الأرملة أم أحمد التي فقدت عينيها وزوجها وتستعرض الصعوبات التي تواجهها في حياتها, وكيف لها أن تتحمل أعباء إيجار بيت إضافية في هذا الزمن الصعب، علماً أنهم كانوا كما الجنود في المعارك قبل تحرير المناطق المحيطة بهم كدير العصافير ومرج السلطان، وصوامع الحبوب، وكيف حمى سكان الضاحية منطقتهم وأمّنوا عمل المطار قبل تحرير المنطقة, قصص وحوادث كثيرة رواها المنذرون بمغادرة المكان بعدما تجمعوا في منزل أبو جورج ليرووا لـ«تشرين» قصتهم مع هذا السكن الذي يعاني من نقص كبير في الخدمات، وأن كل من بقوا في تلك المنازل التي تنهال عليها القذائف ما فعلوا هذا لو كان لديهم البديل، والآن بعدما ارتفعت أسعار العقارات كثيراً, وأصبحت المنطقة آمنة وصلتهم إنذارات تطالبهم بمغادرة بيوتهم، ربما ليعود إليها من غادرها عندما كانت المنطقة غير آمنة!
لا عمالياً ولا وظيفياً!
سكنت الضاحية في عام 1996، وجاءت شروط السكن التي حددتها رئاسة مجلس الوزراء مطابقة لشروط السكن العمالي، أي إنه يحق لهم البقاء في المنازل بعد التقاعد كما حصل في عدرا العمالية، بناء على مرسوم صدر في 2002, وهذا على عكس الحال عندما يسمى السكن وظيفياً، عندها يجب الإخلاء في حال التقاعد لمنحه لموظفين جدد، لكن ما حصل مع تلك الضاحية أنه تم التعامل معها من حيث التسمية على أنها سكن وظيفي، وفي الواقع لم تكن كذلك ولا ينطبق عليها أي شرط من شروط السكن الوظيفي التي تنص في بعض بنودها على أن: •يقع السكن الوظيفي ضمن الحرم الوظيفي حصراً، على عكس السكن العمالي، والضاحية تبعد عن المطار نحو 11 كم وتتبع إدارياً لناحية الغزلانية.
وأن السكن الوظيفي يجب أن يشمل كل الخدمات والمرفقات من عداد كهرباء وماء مع تكفل بالإصلاحات والترميم الناجم عن الاستعمال، ونفقات التدفئة…الخ، لكن هذا لم يحصل أيضاً بل إن عدادات الكهرباء بأسماء ساكنيها لأنها كانت على نفقتهم، ويحسمون عليهم نسبة تصل إلى 10% كبديل للإيجار من مجموع الأجر الشهري تقتطع لحساب اللجنة العليا للسكن العمالي وصندوق الدين العام.
أما النقطة التي لا يسامحون فيها نهائياً فهي الشرط الذي يقتضيه السكن العمالي وهو أن تثبت بالأوراق الثبوتية أنه ليس لديك مسكن آخر, وهذا تطلب منهم إعداد أضابير وتوقيعها من جهات كثيرة، وكلها تؤكد أنهم لا يملكون منزلاً آخر في دمشق أو ريفها، في حين السكن الوظيفي لا يتطلب ذلك.
التعليقات مغلقة.