خيارات جاهزة تحت الطلب لحل أعقد مشكلات الاقتصاد والمواطن السوري..بشرط واحد…؟؟؟

ناظم عيد – الخبير السوري:

لسنا فقراء ..بل أغنياء إن لم نقل أثرياء، فمن يقرأ المشهد الاقتصادي السوري – حتى على وضعه الراهن – سيستنتج أن في هذا البلد من الموارد ما يكفي أبنائه ويزيد..بشرط واحد وهو ” أن نعمل” وأن نبادر كأفراد ومؤسسات، ولعل هذا هو العنوان العريض الذي يجب وضعه كفاتحة ليومياتنا مهما بلغت من الصعوبة، ولليائسين ..نؤكّد أن هذا ليس تنظيراً، بل هو منتهى الواقعية، لأن مواجهة الأزمات تكون بالفعل والفعالية، وليس الندب و ” شتم الظلام” والاكتفاء بوسائل التواصل الاجتماعي كمنبر تنفيث لم يعد مجدياً.

بما أن مفتاح الحل والأمل هو معالجة مشكلة البطالة، التي ما زلنا نجزم – وعلى يقين – أنها بطالة وسائل إنتاج قبل أن تكون بطالة قوى عاملة، فمن خلال عملية حسابية سريعة لإحصاء عدد الداخلين مجدداً إلى سوق العمل كل عام من الخريجين (معاهد – جامعات – دراسات عليا) والذين لم يتابعوا الدراسة بعد حصولهم على شهادة التعليم الأساسي أو شهادة التعليم الثانوي والمتسربين من الصفوف بعد سن الخامسة عشرة من حملة الشهادات، والمتسربين من مقاعد الدراسة، والذين يتركون عملهم لسبب أو لآخر، يتبين لنا أننا نحتاج مجدداً إلى عدد هائل من الفرص كل عام، ومع ذلك يبدو تأمين ذلك أمراً في غاية السهولة، نظراً لوجود المقومات المطلوبة، عبر العديد من مطارح العمل العائدة للقطاع العام والخاص وبقية القطاعات الاقتصادية، والتي هي غير مستثمرة بالشكل الأمثل أو غير مستثمرة كلياً، فضلاً عمّا هو متوفر من مقومات التوسيع أو الإحداث، وبجدوى اقتصادية كبيرة.

ُفرص

يعتبر أحد خبراء التنمية، أن الأرض الزراعية الخصبة الصالحة للزراعة بأنواع كثيرة من الحبوب والمحاصيل والأشجار المثمرة، إضافة لتوفر إمكانات لتنمية الثروة الحيوانية، ما كان يعتمد جزئياً على الرعي أو كلياً على العلف ضمن حظائر أبقار ومواشٍ وطيور وتربية سمكية، إلى جانب الاهتمام بتنمية الثروة السمكية البحرية والنهرية والسدود والبحيرات، ومن خلال قيام وزارة الزراعة بالدراسة الميدانية لمشكلات هذا القطاع وحلها، سيتبين لنا أن قطاع الزراعة قادر على تشغيل نسبة كبيرة من خلال استثمار الملكيات الخاصة وتأسيس شركات زراعية متعددة الأنشطة، وستكون نقطة الانطلاق في هذا المضمار عبر تنمية الثروة الحيوانية ما كان منها في مجال التربية المنزلية أو ضمن حظائر ذات ملكية فردية أو مؤسساتية، إلى جانب تنمية التربية الجوالة للأغنام والماعز والجِمال، على أن يترافق ذلك مع تنشيط تصنيع المنتجات الزراعية والحيوانية بما يغطي حاجة القطر، ويؤهل للتصدير الخارجي.

استثمار ناقص

يلفت أكاديميو الاقتصاد في جامعة دمشق، إلى خيارات كثيرة تتقاطع في النظرة إلى واقع القطاع العام، ويرون أن أغلب المنشآت القائمة العائدة إلى جميع الأنشطة الهندسية والغذائية والنسيجية والكيميائية والكهربائية والخدمية، غير مستثمرة بطاقتها وبعضها متوقف، ما يقتضي وجوب دراسة شاملة لتشغيلها وإحداث المزيد منها لحاجة السوق بدلاً من المستورد الذي ملأ أسواقنا، وخاصة ما هو منها في مجال صناعة النسيج والألبسة المشهورة بها سورية تاريخياً، من خلال استثمار التقانات والمعدات الموجودة التي لا يستهان بها، وتوفير الأحدث اللازم.

وإلى جانب ما سبق يرون أن مدخرات مالية كبيرة تتوفر في سورية، وهي  موجودة في المصارف وفي خزائن وأدراج العديد من المواطنين ورجال الأعمال، فضلاً عن الأموال القادمة، التي يمكن استقدام المزيد منها تتابعياً تحت عناوين قوانين الاستثمار.

مقومات

في قطاعات دوران رأس المال السريع، يبدو أننا أمام حالة إجماع على أن المناطق السياحية والأثرية العديدة المنتشرة في جميع مناطق القطر، وخصوصاً الآثار ذات الطابع الديني، التي تنفرد بها سورية التي هي مهد الحضارات، باعتراف كبار علماء الآثار، والمزيد من الاستثمار في هذا الميدان سيدعم الاستثمار في ميادين أخرى.

وأيضاً في سورية قدرات بشرية كبيرة، متنوعة المؤهلات والكفاءات العلمية والمهارات المهنية والمؤهلة للتدريب والتدرب على المهارات الجديدة التي قد تحتاجها المنشآت. وبالتالي جميع مقومات الإنتاج ( أرض – أموال – عمالة قادرة ) موجودة إلى جانب بيئة تشريعية مناسبة وتتطور دائماً.

ثقافة جديدة

في ضوء ما سبق يبدو من المناسب، بل من الملح، السعي إلى ملء الشواغر الوظيفية الموجودة في منشآت وإدارات القطاع العام القائمة وخاصة في قطاع التربية، والتوسع في إحداث منشآت قطاع عام جديدة خلافاً لما ساد خلال السنوات السابقة بخصوص الحد من التوسع في هذه المنشآت، إلى جانب نشر ثقافة العمل خارج المؤسسات الحكومية من منطلق أن الشهادة العلمية تمكن حاملها من توفير فرصة عمل بنفسه، بالتوازي مع تشجيع البحث الفردي والتعاوني والتشاركي والمؤسساتي الساعي لتأمين فرص عمل، وإغناء ثقافة البحث عن عمل خاص، عبر توفير التسهيلات اللازمة التي تمكن كل ساعٍ من تأمين فرصة عمل لنفسه وبنفسه، وتوفير ظروف استمرارية إنجاحها، ليس بالخروج على القوانين والأنظمة النافذة وإنما من خلال تشريعات جديدة تؤمن ذلك ضمن أجواء المصلحة الوطنية العامة، وليس خافيا أن الكثير من الذين سعوا لتأمين فرصة عمل، اعترضتهم الكثير من الصعوبات التي أخرت أو أعاقت كلياً إحداثها، وهم أحق بالتسهيلات من المستثمرين الأجانب.

استثمارات إضافية

وثمة ضرورة لقيام جميع الجهات العامة والخاصة، بإحداث منشآت عائدة لها، وخاصة ما كان منها ضمن مجال عملها، فوزارة الزراعة معنية بوجود مزارع كبيرة لها وحظائر تربية حيوانية ومنشآت تصنيع منتجات زراعية وتصنيع منتجات حيوانية خدمية، ويجب أن تعمل جميع الجهات على إحداث منشآت خاصة بها (وخاصة ما كان منها ضمن نطاق عملها) تنتج بعض مستلزماتها، وتصنِّع أو تسوِّق بعض منتجاتها، ولا يغيب عن الذهن أن لدى العديد من النقابات (المحامين – الأطباء – المهندسين ..) أموالاً مكدَّسة في المصارف وعليها أن تثبت جدارتها في استثمار جزء من هذه الأموال في مشاريع إنتاجية رابحة.

تمويل

ويجب إلزام المصارف العامة والخاصة، بتخفيض نسبة عمولاتها حيث تعطي المودع فائدة تغريه للإيداع، وتقرض بفائدة أقل للاقتراض، والطلب منها ومن شركات التأمين العامة والخاصة وأصحاب الجامعات الخاصة، لاستثمار جزء من موجوداتها المالية الفائضة في استثمارات إنتاجية وتحديداً في ميادين الزراعة والصناعة، لإثبات أن إداراتها قادرة على تحقيق الربح في جميع الأنشطة وليس فقط في نشاط تجارة الأموال.

بوصلة

توسيع النشاط الإعلامي بجميع مناحيه عبر إحداث /عدة صحف جديدة – عدة محطات تلفزة جديدة – إذاعات جديدة/ تساهم في توجيه المواطن اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، عبر برامج وحوارات لما فيه خير بلده، وتخفف اندفاعه باتجاه إعلام خارجي مزيَّف، ومن خلال ذلك سيتأمن إغناء لثقافة العمل الخاص وتشغيل للكثير من خريجي الإعلام والصحافة.

اعتماد بعض القيود التي تخفف من انجرار رأس المال باتجاه الأعمال التجارية والخدمية، وتقديم إغراءات تدفعه باتجاه الاستثمار في المجالات الإنتاجية، مع تضافر الجهود لتحقيق تنمية متواكبة فيها عبر حركة تنافسية بينها.

تفعيل دور الهيئة العامة للتشغيل وتنمية المشروعات وفروعها في المحافظات، بالتعاون مع الجهات الأخرى المعنية، من خلال قيامها باستطلاعات ودراسات تبين إمكانيات عديدة لفرص العمل لطرحها بين يدي طالبي العمل، عبر ندوات شهرية تقيمها، وإنه لخطأ كبير أن نضخِّم حجم البطالة، فما تملكه سورية من مقومات يكفي لتشغيل ما تملكه من طاقات مادية وبشرية.

قبل النطق بالحكم

ختاماً ..نعلم أن بعضهم سيجد في ما سبق مجرد نظريات ونصائح في الهواء..لكن ليعود من يعتريه هذا الشعور أو الاستنتاج إلى عمق عقله الباطن وسيجد أن سبب ما راوده من أفكار هو ..إما شعوره بالإحباط..أو تمسكه بخيارات الفرص الجاهزة وهي غالباً الوظيفة العامة، أم نوع ثالث يصرّ على العمل بموجب شهادة يحملها ليس لها حظوظ في سوق العمل..والمشكلة تكمن هنا في اختياره للاختصاص العلمي منذ البداية وليس في سوق العمل..وإن قررنا أن نعمل لنكسب ونتجاوز أزمتنا بما فيها من فقر وبطالة وما يتبع ذلك من كوارث اجتماعية حقيقية، سنجد أن ما ورد في هذا المقال كله قابل للتطبيق بشرط واحد..وهو أن نعمل.

2 تعليقات
  1. بشار المحمد يقول

    نأمل كل الخير قريبا

  2. علي محمود جديد يقول

    الكلام جداً صحيح وسليم .. وهو – على أهميته – دليل قاطع على فشل مزاعم ربط الجامعة بسوق العمل .. أو بالمجتمع .. وما دام هذا الفشل قائماً فعلى الشباب أن يتجهوا نحو هذه الأفكار النيّرة والهامة .. ولكن على الدولة أيضاً أن تدعم ذلك تشريعاً وتمويلاً .. فلعلّها تُكفّر عن فشلها بربط الجامعة بأي أمل على المدى المنظور .. ألف تحية لك .. وقد تشرفنا بإعادة النشر في السلطة الرابعة ..

    https://4e-syria.com/?p=13946

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]