جواز سفر البضائع..

الخبير السوري:

كتب الدكتور عامر خربوطلي:

كما للأشخاص جوازات سفر توضح هويتهم لضمان تنقلهم بين دول العالم المختلفة بصورة رسمية فإن للبضائع والسلع جواز سفر أيضاً تتمثل (بشهادات المنشأ) التي تمنح للسلع تعريفاً بهويتها وبياناً لنسبة المكوّن المحلي منها ومنشأ إنتاجها وبالتالي تسمح لها هذه الشهادة بالعبور بين الدول والاستفادة من أية إعفاءات جمركية أو تخفيضات.

وتعتبر الغرف التجارية في العالم إحدى مؤسسات شبكة أعمال التجارة التي يقع على عاتقها التعاون مع الجهات المعنية داخل وخارج البلد للتأكد من نسبة المنشأ المحلي قبل التصديق على شهادات المنشأ ، بالإضافة إلى تعريف المصدر بقواعد المنشأ المطلوبة وتبسيط عناصرها.

وفي سورية نصت المادة الثالثة من قانون تنظم الغرف السورية رقم (131) لعام 1959 على منح الغرف صلاحية التصديق على شهادات المنشأ أو المصدر والتصديق على فواتير البضائع بعد تدقيقها.

وهناك عدة أنواع من قواعد المنشأ :

  • قواعد المنشأ غير التفضيلية: وهذه القواعد لا يترتب عليها أية معاملة تفضيلية أي أنها لا تؤدي إلى تخفيض في الرسوم الجمركية. وطبيعتها حيادية غير سياسية وبالتالي هي أقل صرامة في التطبيق من القواعد التفضيلية. وتنطبق على بعض الحالات التجارية مثل الإجراءات المتعلقة بالقيود الكمية المتخذة ضد سياسات الإغراق أو بعض إجراءات الحماية أو الرقابة.

  • قواعد المنشأ التفضيلية : وهي التي تطبق بين البلدان التي ترتبط فيما بينها باتفاقيات تجارية تفضيلية.

والمبدأ الأساسي لكل اتفاق تجاري تفضيلي هو أن يقبل كل بلد من البلدان الموقعة على هذا الاتفاق إدخال صادرات الشركاء الآخرين إلى أراضيه بشروط تفضيلية (معاملة خاصة) أي معفاة من الرسوم أو برسوم مخفضة. وبفضل هذا التعريف يمكننا أن نفرق بين المنتجات التي يمكن أن تستفيد من ميزات الاتفاق وتلك التي لا يمكن أن تستفيد.

والشكلان القانونيان لأنظمة التعرفة التفضيلية التي يتم التعامل بها حالياً على مستوى التجارة الدولية هما:

–     معاملة تفضيلية من طرف واحد أي تطبق دون تفاوض وبالتالي فهي غير متبادلة، بمعنى أن تطبيقها من قبل دولة ما على صادرات دولة أخرى لا يلزم الأخيرة بالمعاملة بالمثل. وأهم مثال على ذلك هو نظام الأفضليات المعممة Generalized System of  Preferences  بالانكليزية (GSP  ) وسورية أحد المستفيدين منه ، والنموذج المعتمد لشهادة المنشأ هو (A) FORM .

–     معاملة تفضيلية من الطرفين أي تطبق بعد التفاوض والاتفاق وبالتالي فهي تتضمن بعض التبادلية مثل الاتفاق الموقع في بروكسل عام 1977 بين سورية والاتحاد الأوروبي ، والنموذج المعتمد للشهادة هو EURO (1) بالإضافة لاتفاق منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى .

أما القواعد العامة التي يجب أن تنطبق على المنتجات كي يتم اعتبارها منتجات منشأ محلي فهي:

  1. استخدام منتجات منشأ حصراً في التصنيع : أي أن يصنع المنتج من مواد تحمل جميعها صفة المنشأ مثالها الكونسروة المصنعة في سورية موادها من الخضار والفواكه السورية .

  2. التباين في الوضعية التعرفية: أي أن تكون جميع مكونات المنتج النهائي من وضعية تعرفية جمركية مختلفة عن الوضعية التي يصنف بها المنتج ، فالموبيليا الخشبية ذات بند جمركي مختلف عن بند الأخشاب وبالتالي فهي خضعت لأعمال تصنيعية بدلت فيها البند الجمركي من بند لآخر .

  3. عامل السعر : بحيث أن المواد المستوردة يمكن أن تستخدم في تصنيع منتجات تحصل على صفة المنشأ شرط أن لا تتجاوز قيمة تلك المواد (40./.) من السعر الذي يحدده المصنع للمنتج .

  4. عمليات التصنيع الخاصة : أي القيام بعمليات تصنيع محددة على بعض المنتجات كي تكتسب صفة المنشأ مثل التطريز على الأقمشة .

وفي جميع الأحوال ينبغي أن ترفق البضائع بشهادة (E URO 1) .

أما العمليات البسيطة التي لا يمكن أن تمنح صفة المنشأ فمنها مثلاً (تهوية – نشر – تجفيف – تبريد – حفظ – فرز – تصنيف – غسيل – تقطيع – خلط – لصق بطاقات – تغيير العبوات .. ) .

وبسبب الاتجاه العالمي لتخفيض نسب التعريفات الجمركية فإن التهرب من الجمارك ليس السبب الوحيد لإعطاء منشأ غير صحيح للسلعة , وإنما أيضاً الرغبة في الدخول إلى سوق خارجية في حالة وجود قيود كمية (كوتا) ، والحكم الصحيح على منشأ أي سلعة هو مسؤولية الأطراف المتعاقدة وكذلك سلطات الجمارك ( ولا تنحصر هذه المسؤولية في معاملة السلع المستوردة وإنما أيضاً في تصديرها) ، والمستورد بمجرد اكتشافه وثيقة خاطئة لمنشأ (EUOR1) عليه دفع الرسوم الجمركية السابقة في بلده واعتبارها رسوماً مرتجعة للبائع الأجنبي .

لذلك أصبحت قواعد المنشأ أداة مهمة لتسهيل ومراقبة التجارة وتطبيق الميزات التفضيلية.

أما عناصر التراكم التي يمكن أن تجعل المواد المصنعة من مواد مستوردة تحمل صفة منتج منشأ، فتنقسم إلى نوعين رئيسيين :

* التراكم الثنائي : وهو ينطبق على حالة التصنيع من مواد منشؤها من الطرف المتعاقد (أي الاتحاد الأوروبي) وفي هذه الحالة لا يتعين أن تخضع المواد المصنعة للمعالجة الكافية .

أما إذا كانت المواد من منشأ غير أوروبي فإنها بحاجة لعمليتين تصنيعيتين متمايزتين في البلد لكي يحصل المنتج على صفة منتج منشأ ويحصل على مزايا تفضيلية من ناحية الرسوم الجمركية .

* التراكم المحوري : وهذا النوع يشمل جميع الشركاء الذين يتمتعون بميزة تفضيلية لمنتجات بلدانهم، ومثال ذلك إذا تم تصنيع منتج محلي من مواد أولية غير محلية وغير أوروبية نتيجة ارتفاع أسعارها مثلاً وندرة كمياتها، فيمكن استيرادها من بلد آخر غير أوروبي ولكنه ملتزم بالشراكة الأوروبية – المتوسطية كالدول العربية المتوسطية مثلاً، وعندها يكون المنتج النهائي يحمل صفة منتج منشأ بشرط أن تكون المواد الأولية أو الوسيطة قد حصلت أصلاً على صفة منتج منشأ، وهذا النوع من التراكم سيتيح لدول الشراكة الأوروبية – المتوسطية ومنها سورية مستقبلاً فرصاً أكبر للتعاون والتبادل التجاري للحصول على المزايا التفضيلية

ولعل هذا الموضوع رغم طابعه الفني والتخصصي فإن أهميته تزداد اليوم في سورية لتمكين المنتجات السورية من الاستفادة من جميع الاعفاءات الجمركية التفضيلية، لتكون أكثر منافسة في الأسواق العربية والعالمية، وهذا ما تحتاجه سورية لتوسيع قاعدة التصدير والاستفادة منه في تحقيق نمو أفضل للاقتصاد السورية.

إقلرأ أيضاً:

بين فاتورة الفساد وتكاليف مكافحته ؟؟؟

بين فاتورة الفساد وتكاليف مكافحته ؟؟؟

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]