الكنوز السورية الدفينة على الواجهة بمبادرة اتحاد المصدّرين..”زرع في سورية” مصافحة ذهبية مع مقومات الثراء المؤجّل..

الخبير السوري:

استطاع معرض ( زُرِعَ في سورية ) الذي أقامه اتحاد المصدّرين السوري، على أرض مدينة الجلاء الرياضية في دمشق، أن يكشف النقاب عن بعض الجواهر التي تكتنزها الأرض السورية، ولا تزال هذه الأرض تختزن الكثير من القدرة والطاقة والإمكانية، فقط علينا التحلّي بالتصميم والإرادة والإيمان بهذه الأرض، ولعل هذه من أهم الرسائل، التي أراد أن يُطلقها منظمو المعرض، الذين أبدعوا بتوجيه رسائل زرعٍ أخرى عديدة، كان أبرزها رسالة الحمضيات الصارخة، حيث طغت الحمضيات على المشهد كله، من أوتوستراد المزة، بتلك اللوحة الجميلة والضخمة على المنصف، والمثبتة بمواجهة مدخل المعرض، والتي كُتب عليها بالبرتقال والليمون عبارة ( أطيب الزرع ما زُرع في سورية ) بالجهة المقابلة يأتي مدخل المعرض المزين بإطار من البرتقال، ولكن قبل الدخول يواجهنا حائط عريض، من سور مدينة الجلاء، على يمين المدخل، وقد امتلأ بالبرتقال المثبّت عليه، وفي وسطه تمّ تفريغه بطريقة فنية جميلة، لتظهر عبارة ( زرع في سورية ) وشعار المعرض أيضاً، كلها مشغولة بالحمضيات وخضار وفواكه أخرى، وكانت هذه اللوحة ملفت نظرٍ للكثيرين، وقد رأينا العديد من الزوّار يستخدمونها كخلفية لصورٍ تذكارية لهم.

داخل السور وعلى يمين البوابة شجرة سرو صنوبريّة ضخمة مزيّنة بحبات الحمضيات، وشريط إنارة تزييني يجذب الأبصار، وما أن يدخل الزائر حتى يجد أمامه نسراً ضخماً يُمثّل شعار الجمهورية العربية السورية، مصنوعاً من الحمضيات أيضاً، ثم على جوانب مدخل صالة العرض فُرِشت الأرض بالحمضيات، بطريقة فنية جذّابة، وفي الصالة نجد العديد من الأجنحة التي تعرض طرائق التعبئة والتوضيب الأنيقة والملفتة للحمضيات أيضاً وللخضار والفواكه الأخرى.

هذا الاهتمام الضخم من قبل المنظمين، وبهذا الشكل اللافت لثمار الحمضيات التي بدت كالطوفان، ما هي إلاّ رسالة تشير إلى ذلك الطوفان الفعلي بالإنتاج الحاصل لهذا الموسم والذي فاق المليون طن، هي رسالة من أجل العناية به، وابتكار الطرق الكفيلة باستثمار هذا الإنتاج تسويقاً وتصديراً وتصنيعاً، فعلى الرغم من كل الجهود المبذولة، ما نزال بحاجة أقوى من ذلك إلى المزيد من الجهود الكفيلة بالسيطرة على هذا الفيضان الإنتاجي الضخم، والذي لا يزال يتعرّض سنوياً لفواجع تصفع منتجيه، جراء الفائض الذي لم نعرف بعد كيف يمكننا تصريفه بشكلٍ يليق بجهود السنين التي بُذلت من أجل الوصول إلى هذا المستوى الإنتاجي الكبير..!

الرسالة الثالثة البارزة لهذا المعرض الحضاري، تمثّلت بلفتِ الانتباه إلى ما تُنتجه الأرض السورية، من أصنافٍ زراعية لم نكن نتوقّع أننا قادرون على إنتاجها بهذا الشكل على الأقل، وأبرز هذه الأصناف هي الفواكه الاستوائية، نعم لقد سمعنا بإنتاجها في سورية، ولكن كل الاعتقاد أنها يجب أن توضع بمناخٍ استوائي مصطنع، ضمن بيوتٍ زجاجية أو بلاستيكية محمية، لتوفّر لها المناخ الاستوائي المعروف بدفئه ورطوبته الشديدة، فعلى خط الاستواء حرارة مرتفعة وأمطار غزيرة طوال العام، ولكنني بصراحة تفاجأتُ بأنّ الأمر ليس كذلك، عندما توقّفت بجناح مشتل الفصول الأربعة، والمشتل في محافظة اللاذقية على أوتوستراد دمشق، سألت مدير الجناح المشارك بالمعرض عن الطريقة التي تتم فيها استنبات ورعاية هذه الأشجار الاستوائية، ومواصفات البيوت البلاستيكية أو الزجاجية التي تحتاجها، فضحك وكانت المفاجأة والرسالة الهامة عندما أكّد أنها تنمو هكذا في العراء كأي شجرة أخرى، وأنها تتحمّل البرودة كما تتحمّل الحرارة..!

وفي معرض ( زُرع في سورية ) ، خضار وفواكه موضّبة بعبوات أنيقة، جميلة المظهر والنوعية بشكلٍ واضح، ضمن أجنحة متعدّدة، تبدو وكأنها مصبوبة بقالب واحد، وكانت الوردة الشامية حاضرة أيضاً ببهائها في هذا المعرض، مع جهاز التقطير، وبعض منتجاتها، كماء الورد، والمربيات الفاخرة، وإلى جوار الوردة أجنحة أخرى للطب البديل، ولأنواع من الصابون والمكياجات المصنوعة من أزهارٍ وزيوتٍ سورية المنشأ، وصولاً إلى منتجات محمية الفرللق، من العسل، والمربيات، والتين اليابس، وكان لجزيرة أرواد السورية حضوراً مميّزاً عبر مسمكة تضم أفخر وأشهى أنواع السمك، والقريدس، وما إلى ذلك من الأجنحة التي كأنها تقول في الرسالة الرابعة : ها نحن هنا موجودون، تعبنا وأنتجنا، ولكن مازالت القدرة في أرضنا وبحرنا كبيرة لإنتاج المزيد.

الرسالة الخامسة والهامة كانت للفتِ الأنظار الحكومية إلى روعة ما لدينا، وإلى كم يحتاج هذا الإنتاج من الرعاية والتشجيع والدعم الحكومي، وقد أدركنا وصول هذه الرسالة بنسختيها الاقتصادية والزراعية عندما قام وزيرا الاقتصاد والتجارة الخارجية أولاً، والزراعة ثانياً بزيارة المعرض، وقدّما تلك التطمينات التي وردت بأخبار الموقع في حينه.

بوركت الأيادي المنتجة، وتلك الطيبة التي تسعى لأن يأخذ الإنتاج مداه، ومكانه المرموق، بوركت سورية أرضاً وبحراً، التي ما تزال تكتنز الكثير، وتبحث عن المعاول القادرة على اكتشاف كنوزها.. وتقديرها.

سينسيريا

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]