تجار الأزمات

 

نطلق عليهم تسمية “تجار الأزمات”.. يعرفهم كل من بحاجة إلى خدماتهم بدليل أنهم حاضرون علناً لتوفير جميع السلع والخدمات المفقودة في الأسواق دون حسيب أو رقيب!.

هم يعملون على مدار اليوم، فالأزمات مستمرة وإذا انفرجت أزمة واحدة أو أكثر تبرز بدائل لها في أكثر من محافظة!.

أما إذا كانت الأزمات من نوع المربح جداً فهم “حريفون” بافتعالها وجعل المحتاجين إليها يقفون في الطوابير، وهم جاهزون لتوفيرها “دليفري” للمقتدرين مالياً الذين لا يهمّهم سعرها!.

ومع أن المكتوين بنار الأزمات يصبّون جام غضبهم على تجارها، إلا أننا نادراً ما نلقي المسؤولية على مفتعلي الأزمات وعلى المتعاملين مع التجار!.

لا أحد يسأل مثلاً: من أين يأتي تجار الأزمات بالسلع والمواد والخدمات النادرة أو المفقودة في الأسواق؟

هؤلاء التجار لا يستوردون السلع تهريباً بل يستجرّونها من الجهات الرسمية بالتواطؤ مع المسؤولين عن توزيعها بالجملة والمفرق: غاز، وبنزين، ومازوت، ومياه، وسكر..الخ!.

ولا يتردّد هؤلاء باحتكار عدد من المواد الغذائية والتحكم بطرحها في الأسواق ليبقى العرض أقل من الطلب بما يضمن الربح الوفير والسريع!.

وبعض الصناعيين الذين ينتجون مواد أساسية يستجرّون الدقيق التمويني المهرّب من مصدره الأساسي بسعر أقل بكثير من سعر السوق بالتواطؤ مع ما سمّاه المسؤولون في الرقابة (مافيا الدقيق التمويني)!.

حتى مياه الشرب تحوّلت إلى تجارة رابحة في العديد من المناطق والأحياء، فهذه المياه المفقودة لعدد كبير من الناس متوفرة في صهاريج تجول في الأحياء لمن يستطيع شراءها!.

اللافت أن جميع الجهات المعنية بتوفير السلع والخدمات والحؤول دون احتكارها وفقدانها من الأسواق تهدّد وتتوعّد بالضرب بيد من حديد المتاجرين بقوت الناس!، وتطلب هذه الجهات من المواطنين التعاون مع أجهزة الرقابة لضبط المتاجرين بالأزمات دون أن نقرأ أن جهازاً رقابياً فتح تحقيقاً استقصائياً للقبض على (مافيات الأزمات)!.

المسألة ليست معجزة ولا تتطلب إمكانات استثنائية، فعند ضبط أطنان من السكر أو الدقيق التمويني في مستودع مصنع ما.. من السهل الوصول إلى المصدر الرئيسي للفاسدين!.

وبمصادرة صهريج لبيع المياه والمازوت أو بيك آب يبيع الغاز، من السهل أيضاً تتبّع طرف الخيط للوصول إلى الفاسد الكبير!.

تجار الأزمات سيستمرون في تجارتهم وشفطهم للمليارات ما دامت الجهات المعنية تكتفي بمعاقبة صغار الموزعين، وكأنه ممنوع الاقتراب من الرؤوس الكبيرة للفاسدين والمفسدين!.

 

علي عبود – البعث

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]