إن كان لحديث سابق بقية فهذه هي..المشروعات الصغيرة والمتوسطة تئن تحت وطأة انعدام المبادرات الاستثنائية لإنعاشها

 

 

يشي واقع حال المشروعات الصغيرة والمتوسطة بأنها لا تتعدى مجرد “إتيكيت اقتصادي” لابد من تناوله أو التطرق إليه في المحافل والملتقيات الاقتصادية، بغض النظر عن متابعة تجسيد هذا المكون الإستراتيجي والحيوي على أرض الواقع، فهي إلى الآن (أي المشروعات) لم تحظ بالاهتمام الفعلي المطلوب من الجهات المعنية، رغم كل التأكيدات الرسمية وغير الرسمية ومن أعلى المستويات بضرورة دعمها وتأمين جميع متطلباتها اللوجستية، وربما لا نبالغ بالقول: إن كل ما أنجز بخصوص هذا الموضوع من تشريعات ومديريات وهيئات ..الخ أشبه بالنفخ في قربة مثقوبة..!

تشخيص

لا نريد الحديث هنا عن أهمية هذا النوع من المشروعات وما يتمخض عنها من مفرزات ذات أصداء إيجابية على الاقتصاد الوطني كتوليد فرص عمل ومساهمتها بتفعيل الاقتصاد الإنتاجي والحقيقي..الخ، التي باتت معروفة للقاصي والداني..، فالمهم تشخيص المعوقات التي تحول دون تفعيلها بالشكل الأمثل. والتركيز على الخطوات الكفيلة بتجسيد هذه المشروعات على أرض الواقع بعيداً عن التنظير والشعارات..!.

عرّاب

لاشك أن إحداث الهيئة العامة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة يأتي ضمن سياق دعم هذه المشروعات، لا بل تعتبر العرّاب المعتمد لها، كون أن أحد أهدافها الرئيسة هو توليد فرص عمل جديدة للباحثين عن عمل، عن طريق تفعيل مناخ التشغيل وتنشيطه، وتنمية المشروعات البالغة الصغر والصغيرة والمتوسطة، ومواجهة التغيرات الطارئة المتعلقة بنسب البطالة، إضافة إلى نشر ثقافة المبادرة والعمل الحر والعمل بالقطاع الخاص… إلا أن مجموعة من الصعوبات تعترض تجسيد هذا النوع من المشروعات على أرض الواقع ، وتحد من انتشارها بالزخم المطلوب، وكأن هناك عقبات قانونية تحول دون انتعاش هذه المشروعات..!.

اختزال

يمكننا اختزال جلّ العقبات المعترضة لهذه المشروعات بالتمويل وما يعتريه من ضمانات مصرفية وارتفاع نسبة مساهمة المستفيد، فالتمويل هو الحلقة الأصعب في سلسلة حلقات تنمية هذه المشروعات (فكرة المشروع – دراسة جدوى – تدريب- تمويل)، فبعد أن كانت هذه السلسلة مكتملة أيام مكافحة البطالة حيث خصصت الحكومة أموالاً للهيئة لتمويل المشروعات عن طريق المصارف، ارتأت الحكومة بعد دخول المصارف الخاصة عام 2003 إلى القطر أن تأخذ المصارف دور التمويل، وأثبتت هذه الرؤية فشلها لأن المصارف تمول بشروط مصرفية بحتة، إلى جانب أنها تتخوف من تمويل هذا النوع من المشروعات وما ينتابها من مخاطر، فالمصرف يفضل تمويل مشروع كبير بقيمة 100 مليون على أن يمول عشرة مشاريع كل واحد بقيمة 10 مليون، لاعتبارات تتعلق بالملاءة المالية والمقدرة على السداد ونجاح المشروع.

مساهمة مرتفعة

ويبين واقع التجربة العملية أن أغلب المصارف تشترط أن يقدم المستفيد نسبة مساهمة من إجمالي التكلفة الاستثمارية للمشروع، حيث أنها تصل إلى 60% وفق شروط المصرف التجاري، وفي معظم الاتفاقات مع المصارف الأخرى لا تنخفض عن مستوى الـ 50% باستثناء بعض المصارف الخاص التي قد تطلب من 25% إلى 30 %، مساهمة نقدية، أي أن على المستفيد أن يؤمن نصف إجمالي التكلفة الاستثمارية للمشروع، وهذا ما لا يقدر عليه معظم من تقدم للاستفادة من خدمات الهيئة، كما أن المصارف لا تعتبر في بعض الأحيان أن قيمة الأرض والبناء (العقار) جزءاً من إجمالي التكلفة الاستثمارية للمشروع وهي تطلب من المستفيد مساهمة ذاتية تبلغ نصف تكاليف المشروع عدا قيمة الأرض والبناء.

زراعي ولكن..!.

على اعتبار أن بلدنا زراعي بالدرجة الأولى، فمن الطبيعي أن يكون التوجه نحو المشروعات الزراعية والصناعات الزراعية، وبالتالي يفترض أن يلعب المصرف الزراعي دوراً كبيراً في هذا الشأن كونه المصرف الوحيد الذي يمتلك الخبرة في تمويل المشروعات الزراعية، ولديه عدد كبير من الفروع المنتشرة في الأرياف البعيدة، ويتوقع أن يكون له دور في تنفيذ برامج التمويل البالغة الصغر، لكن وحسب مصادر الهيئة لم يمول المصرف أية مشروعات زراعية أو ذات صلة بالثروة الحيوانية، كما أن المصارف الأخرى قد اعتذرت أيضاً عن تمويل المشروعات الزراعية، وهذا يعود لأيام الهيئة السابقة ولا يقتصر على الهيئة الوليدة التي لا تزال تعمل على إعداد وتجهيز أنظمتها الداخلية…!.

حتمية لازمة

ما سبق يحتم ضرورة وجود مبادرات فعالة وخطوات جادة لإنعاش المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبثها ضمن مفاصل اقتصادنا الوطني، وترسيخ ثقافة العمل الحر، وذلك من خلال إحداث صندوق لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة يرتبط بالهيئة الوليدة، تستطيع من خلاله منح التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وبالغة الصغر بشروط تحفيزية، أو بدعم أسعار الفوائد للقروض اللازمة لهذه المشروعات، ومنح المشروعات الممولة عن طريق الهيئة ترخيصاً مؤقتاً (أو إذناً بالعمل) لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، والإعفاء من الترخيص الإداري خلال هذه الفترة، إضافة إلى تخفيض رسوم التراخيص التي تستوفى من المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبالغة الصغر، إلى جانب إعفاء المشروعات الصغيرة وبالغة الصغر من الضرائب بجميع أشكالها خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر المشروع، وتخصيص جزء من الأراضي الشاغرة المتاحة للاستثمار في المناطق الصناعية والسياحية والحرفية لا تقل عن 10% لإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبسعر الكلفة.

دمشق – حسن النابلسي

 

 

 

يشي واقع حال المشروعات الصغيرة والمتوسطة بأنها لا تتعدى مجرد “إتيكيت اقتصادي” لابد من تناوله أو التطرق إليه في المحافل والملتقيات الاقتصادية، بغض النظر عن متابعة تجسيد هذا المكون الإستراتيجي والحيوي على أرض الواقع، فهي إلى الآن (أي المشروعات) لم تحظ بالاهتمام الفعلي المطلوب من الجهات المعنية، رغم كل التأكيدات الرسمية وغير الرسمية ومن أعلى المستويات بضرورة دعمها وتأمين جميع متطلباتها اللوجستية، وربما لا نبالغ بالقول: إن كل ما أنجز بخصوص هذا الموضوع من تشريعات ومديريات وهيئات ..الخ أشبه بالنفخ في قربة مثقوبة..!

تشخيص

لا نريد الحديث هنا عن أهمية هذا النوع من المشروعات وما يتمخض عنها من مفرزات ذات أصداء إيجابية على الاقتصاد الوطني كتوليد فرص عمل ومساهمتها بتفعيل الاقتصاد الإنتاجي والحقيقي..الخ، التي باتت معروفة للقاصي والداني..، فالمهم تشخيص المعوقات التي تحول دون تفعيلها بالشكل الأمثل. والتركيز على الخطوات الكفيلة بتجسيد هذه المشروعات على أرض الواقع بعيداً عن التنظير والشعارات..!.

عرّاب

لاشك أن إحداث الهيئة العامة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة يأتي ضمن سياق دعم هذه المشروعات، لا بل تعتبر العرّاب المعتمد لها، كون أن أحد أهدافها الرئيسة هو توليد فرص عمل جديدة للباحثين عن عمل، عن طريق تفعيل مناخ التشغيل وتنشيطه، وتنمية المشروعات البالغة الصغر والصغيرة والمتوسطة، ومواجهة التغيرات الطارئة المتعلقة بنسب البطالة، إضافة إلى نشر ثقافة المبادرة والعمل الحر والعمل بالقطاع الخاص… إلا أن مجموعة من الصعوبات تعترض تجسيد هذا النوع من المشروعات على أرض الواقع ، وتحد من انتشارها بالزخم المطلوب، وكأن هناك عقبات قانونية تحول دون انتعاش هذه المشروعات..!.

اختزال

يمكننا اختزال جلّ العقبات المعترضة لهذه المشروعات بالتمويل وما يعتريه من ضمانات مصرفية وارتفاع نسبة مساهمة المستفيد، فالتمويل هو الحلقة الأصعب في سلسلة حلقات تنمية هذه المشروعات (فكرة المشروع – دراسة جدوى – تدريب- تمويل)، فبعد أن كانت هذه السلسلة مكتملة أيام مكافحة البطالة حيث خصصت الحكومة أموالاً للهيئة لتمويل المشروعات عن طريق المصارف، ارتأت الحكومة بعد دخول المصارف الخاصة عام 2003 إلى القطر أن تأخذ المصارف دور التمويل، وأثبتت هذه الرؤية فشلها لأن المصارف تمول بشروط مصرفية بحتة، إلى جانب أنها تتخوف من تمويل هذا النوع من المشروعات وما ينتابها من مخاطر، فالمصرف يفضل تمويل مشروع كبير بقيمة 100 مليون على أن يمول عشرة مشاريع كل واحد بقيمة 10 مليون، لاعتبارات تتعلق بالملاءة المالية والمقدرة على السداد ونجاح المشروع.

مساهمة مرتفعة

ويبين واقع التجربة العملية أن أغلب المصارف تشترط أن يقدم المستفيد نسبة مساهمة من إجمالي التكلفة الاستثمارية للمشروع، حيث أنها تصل إلى 60% وفق شروط المصرف التجاري، وفي معظم الاتفاقات مع المصارف الأخرى لا تنخفض عن مستوى الـ 50% باستثناء بعض المصارف الخاص التي قد تطلب من 25% إلى 30 %، مساهمة نقدية، أي أن على المستفيد أن يؤمن نصف إجمالي التكلفة الاستثمارية للمشروع، وهذا ما لا يقدر عليه معظم من تقدم للاستفادة من خدمات الهيئة، كما أن المصارف لا تعتبر في بعض الأحيان أن قيمة الأرض والبناء (العقار) جزءاً من إجمالي التكلفة الاستثمارية للمشروع وهي تطلب من المستفيد مساهمة ذاتية تبلغ نصف تكاليف المشروع عدا قيمة الأرض والبناء.

زراعي ولكن..!.

على اعتبار أن بلدنا زراعي بالدرجة الأولى، فمن الطبيعي أن يكون التوجه نحو المشروعات الزراعية والصناعات الزراعية، وبالتالي يفترض أن يلعب المصرف الزراعي دوراً كبيراً في هذا الشأن كونه المصرف الوحيد الذي يمتلك الخبرة في تمويل المشروعات الزراعية، ولديه عدد كبير من الفروع المنتشرة في الأرياف البعيدة، ويتوقع أن يكون له دور في تنفيذ برامج التمويل البالغة الصغر، لكن وحسب مصادر الهيئة لم يمول المصرف أية مشروعات زراعية أو ذات صلة بالثروة الحيوانية، كما أن المصارف الأخرى قد اعتذرت أيضاً عن تمويل المشروعات الزراعية، وهذا يعود لأيام الهيئة السابقة ولا يقتصر على الهيئة الوليدة التي لا تزال تعمل على إعداد وتجهيز أنظمتها الداخلية…!.

حتمية لازمة

ما سبق يحتم ضرورة وجود مبادرات فعالة وخطوات جادة لإنعاش المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبثها ضمن مفاصل اقتصادنا الوطني، وترسيخ ثقافة العمل الحر، وذلك من خلال إحداث صندوق لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة يرتبط بالهيئة الوليدة، تستطيع من خلاله منح التمويل للمشروعات الصغيرة والمتوسطة وبالغة الصغر بشروط تحفيزية، أو بدعم أسعار الفوائد للقروض اللازمة لهذه المشروعات، ومنح المشروعات الممولة عن طريق الهيئة ترخيصاً مؤقتاً (أو إذناً بالعمل) لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، والإعفاء من الترخيص الإداري خلال هذه الفترة، إضافة إلى تخفيض رسوم التراخيص التي تستوفى من المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبالغة الصغر، إلى جانب إعفاء المشروعات الصغيرة وبالغة الصغر من الضرائب بجميع أشكالها خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر المشروع، وتخصيص جزء من الأراضي الشاغرة المتاحة للاستثمار في المناطق الصناعية والسياحية والحرفية لا تقل عن 10% لإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبسعر الكلفة.

 حسن النابلسي

 

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]