٢٧٩٤ ما بين طبيب وممرض في ١٥٠ مركز صحي بطرطوس فمن يحصل على الخدمات الطبية الحقيقيّة؟؟

الخبير السوري:

جيش من الكوادر الطبية، أطباء وممرضون، متواجد في المشافي العامة والمستوصفات، مبالغ طائلة ترصد لهذا القطاع المهم، ومع هذا نجد نقصاً كبيراً في مستلزمات العلاج والأدوية في المستوصفات مع عدم وجود الأطباء البشريين في بعض المراكز، وخاصة الريف البعيد، وتباين واضح في تقديم الخدمات بين مستوصف وآخر، حسب تواجد الأدوية من جهة وتعامل الطبيب من جهة أخرى.

  • مدير مركز: تحقيق العدالة بين من يحتاجون للخدمات الطبية لا بد أن يكون بوصلة عمل هذه المراكز التي لو أحسنا استثمارها بطرق شتى لتطورت طبيعة خدماتها

وهو أمر خطير في المدى المنظور لأنه يعتبر استنزافاً للموارد المتاحة أمام الدولة، وهذا ما يتطلب إعادة النظر في تركيبة القطاع الصحي، وإعادة هيكلته بما يضمن استمراريته وتطويره وتحسين خدماته كما يرغب فيها الجميع.

١٥٠ مركزاً صحياً

حسب إحصائية مديرية صحة طرطوس، يوجد في المحافظة ١٥٠ مركزاً صحياً، منها ١٣ مركزاً متخصصاً، ٣٣٨ طبيباً بشرياً و٥٥٤ طبيب أسنان، إضافة إلى ١٩٠٢ ممرض، وبلغ عدد المراجعين للمراكز الصحية في المحافظة خلال العام الماضي 1.135 مليون مراجع، قدمت لهم 2.384 مليون خدمة.

غياب مستلزمات العلاج

في لقاء مع بعض المواطنين الذين يقصدون المراكز الصحية، أكد المواطن حسن محمد من الريف القريب لطرطوس، أنه احتاج يوماً الذهاب إلى مستوصف القرية لـ”قلع ضرسه”، فطُلب منه إحضار إبرة المخدر من الصيدلية لعدم وجود المخدر في المركز الصحي.

وبيّنت نورا أنها لا تقصد المركز الصحي إلا لإعطاء اللقاح لأبنائها رغم حاجتها الكبيرة للعلاج المجاني لعدم وجود دخل ثابت لدى أسرتها، ولكنها كما تذكر، جرّبت مرة ولم تعدها بسبب تعامل الطبيب غير اللائق، وكأنه يلمح لها “راجعيني في العيادة”.

سيدة أخرى، تؤكد عدم وجود الأطباء البشريين في مراكز الريف، ويقوم بمهمة رئاسة المركز والعلاج طبيب أسنان.

الهدف الراتب

من جانبها، بيّنت الممرضة علا أن الكثير من الأطباء تعاقدوا مع المستوصفات بهدف الحصول على الراتب فقط والتقاعد لاحقاً، وغير جاهزين لإعطاء الاستشارة لأي مريض ضمن المركز الصحي، و يقتصر علاجهم للمرضى ضمن الحد الأدنى وغير المقبول، وكله بهدف اصطياد المريض لعياداتهم الخاصة، ولكن يوجد بعض الأطباء ممن يملكون “الضمير و الوجدان”، ويقومون بواجبهم على أكمل وجه.

وأضافت: استنزاف كبير نراه بأم العين، فالكثير من المواد “المعقم والشاش و القطن” وغيرها “تؤخذ” من قبل البعض ولا يصل للمريض إلا ما ندر، وخاصة خلال السنوات الأخيرة.

  • عمار: يمكن إنشاء أقسام في المشافي الحكومية، تقدم الخدمة الطبية بنفس الجودة مع زيادة في الخدمة الفندقية وبأسعار أقل من المشافي الخاصة

توزيع الأطباء غير عادل

يؤكد مدير أحد المراكز الصحية في ريف طرطوس وهو طبيب أسنان طلب عدم ذكر اسمه، أن توزيع الأطباء في المراكز الصحية غير عادل، فنرى عشرات الأطباء البشريين في مراكز المدينة، بينما لا يوجد طبيب بشرى واحد في مركز ريفي، ويتم تعيين أطباء جدد ضمن مراكز المدن، بينما يبقى أطباء خدموا ١٥ سنة في الأرياف منسيين من قبل المعنيين بالمحافظة، إضافة إلى الرواتب القليلة التي لا تشجّع، وبيّن أن المراكز تفتقر لأدنى وأهم متطلبات العلاج، مثل المخدر في عيادات الأسنان، ومنذ مدة طويلة غير متواجد في المراكز الصحية.

مشيراً إلى أن الخدمات التي تقدمها المراكز اليوم، تقتصر على اللقاحات والتثقيف الصحي والضمادات فقط، لافتاً إلى أن تقديم الخدمات لجميع المواطنين بالتساوي حق وواجب، لكن تحقيق العدالة بين من يحتاجون للخدمات الطبية لا بد أن يكون بوصلة عمل هذه المراكز، التي لو أحسنا استثمارها بطرق شتى لتطورت طبيعة خدماتها، بما يشعر المواطنين بجدواها بعد غياب أدنى معايير الخدمة الجيدة فيها.

الخدمات الطبية حق كل مواطن

من جهته لفت مدير الهيئة العامة لمشفى الباسل في طرطوس الدكتور اسكندر عمار إلى أن الأجور المتدنية للكوادر الطبية التي تؤدي إلى هجرة هذه الكوادر، وخاصة المتميزة منها، وعدم إعطاء الصلاحيات للهيئات المستقلة لتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها.

  • إقرار قانون التفرغ للأطباء وتحسين الأجور أهم مقومات تحسين الواقع الخدمي

وأكد أحقّية كل مواطن في الحصول على الخدمة الطبية بنفس الدرجة من الجودة، طالما أن المواطن يقوم بواجبه على أكمل وجه، ولكن يمكن إنشاء أقسام في المشافي الحكومية، تقدم الخدمة الطبية بنفس الجودة مع زيادة في الخدمة الفندقية وبأسعار أقل من المشافي الخاصة، ما يحسن دخل المشافي ويحقق مردوداً جيداً للموازنة العامة، إضافة لتعديل التسعيرة الطبية والتي ما زالت حتى اليوم ٧٠٠ ليرة فقط، وفرض رسوم بسيطة على أي خدمة طبية غير إسعافية، ما يخفف من الخدمات غير المبررة، مع تصحيح عمل شركات التأمين الصحي وتنشيط هذا القطاع توفير الضمان الصحي للمتقاعدين.

تصحيح عمل المراكز الصحية

عمار أشار إلى ضرورة تصحيح عمل المراكز الصحية والمستوصفات بما يضمن تقديم خدمات جيدة و متنوعة للمريض من النواحي كافة، وبالتالي تخفيف الضغط عن المشافي العامة.

إقرار قانون التفرغ

ولفت إلى أن أهم الأمور التي تحسّن واقع الخدمات في المشافي العامة والمستوصفات والواقع الصحي بشكل عام، إقرار قانون تفرغ الأطباء، بحيث لا يسمح للعاملين في القطاع العام بالعمل خارجه…تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]