مضاربة..وهروب إلى “اختلاس” الفرص والأرباح

الخبير السوري:

هل ما يجري في سورية من صفقات وأعمال معلنة وغير معلنة تدخل في نطاق الاستثمار أم المضاربة. وما هو الفرق بينهما وأي من الاثنين هو المهم على صعيد الاقتصاد الوطني والمساهمة في النمو والتنمية إلى ما هنالك ….
من الواضح بدايةً أن تراجع النمو الاقتصادي إلى حدود ما دون الصفر هو أمر طارئ أولاً ومؤلم ثانياً وله أسباب عديدة ثالثاً.
والنمو عادةً يحدث من الاستثمار في القطاعات المعروفة الزراعية والصناعية والتجارية والخدمية أي استثمار رؤوس الأموال في شراء أصول وتجهيزات لإقامة مشاريع ذات عائد، بالإضافة لتوافر عوامل التقانة وريادة الأعمال وكفاءة استخدام رأس المال ومن هنا تأتي أهمية التفريق بين الاستثمار وبين المضاربة.
فالاستثمار بالمعنى البسيط هو وضع المال والجهد والوقت لتحقيق ربح أو الحصول على ميزة، أما المضاربة فهي شراء أو بيع شيء على أمل زيادة قيمته وبيعه بسعر أعلى لاحقاً من أجل تحقيق الربح.
ورغم أن كلا العمليتين الاستثمار والمضاربة هدفهما الربح في النهاية إلا أن المضاربة غالباً ما تكون لفترة زمنية قصيرة وبمعدلات مخاطرة مرتفعة وباستخدام أموال مقترضة في الغالب مع التركيز على جني الأرباح من تغيرات الأسعار بسبب تأثير قوى العرض والطلب وليس من خلال خلق قيم مضافة جديدة، أما الاستثمار بجميع أشكاله ومسمياته وقطاعاته فهو عكس كل ما يتم بالمضاربة شكلاً وحقيقة رغم تشابهما في عملية هدف الربح، لأن الاستثمار يحقق تراكم رأسمالي ويحقق قيم مضافة وإنتاجية وتحريك قطاعات أخرى خدمية وتجارية بفعل التشابك والترابط بالإضافة لتشغيل الأيدي العاملة وتخفيض معدلات التضخم وارتفاع الأسعار من جانب العرض بعكس المضاربة التي لا تنجح إلا من خلال المراهنة على ارتفاع الأسعار.
في الاستثمار تزداد القيم و تتحسن الاسعار و في المضاربة تزداد الاسعار و تنخفض القيم…

الأمثلة في سورية عديدة تبدأ من خلال المضاربة في العقارات والمحلات والأراضي التي تفوق أعدادها حاجة العمل الاقتصادي وتفوق عدد السكان أصلاً والعديد من المحلات تباع وتشترى دون أن تفتح أصلاً ودون أن تمارس عملاً مهماً.
والمضاربة في المعادن الثمينة والقطع الأجنبي تشكل أعلى درجات الخطر وعدم الريعية على مستوى الاقتصاد الوطني وهي لا تقدم أية قيم مضافة بل أرباح لأصحابها وليس هذا دورها أصلاً فهي مخزن للقيمة ووسيلة لتسديد المدفوعات الخارجية وعندما تصبح محلاً للمضاربة فالكوارث قادمة..
إعادة الاعتبار للاستثمار المنتج و الفعال و الامثل وسد ذرائع المضاربة لحدودها الدنيا هو الموضوع الاكثر اهمية للاقتصاد السوري في المرحلة القادمة..

كتبه د.عامر خربوطلي
العيادة الاقتصادية السورية

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]