استعراض على تخوم النجوم…بقلم: ناظم عيد

 

لعل زحاماً كثيفاً سيعتري الأجواء السورية، لن يحل تبعاته التنظيمية إلّا وكالات فضاء كبرى، ورجال مرور افتراضيون من طراز “سوبر مان” يتخذون من حواف كواكب المجموعة الشمسية مرصداً، ويؤرجحون أطرافهم في الفضاء وهم ينظمون حركة طائرات التحالف الأميركي والأخرى الفرنسية ثم البريطانية الداخلة على الخط للتو، وبعدها الألمانية وتواليها، التي قد تنضم إلى “معرض” طيران حربي هو الأول من نوعه في تاريخ هذا المنتج، في سماء لا تتجاوز إحداثياتها وإسقاطاتها الأرضية مساحة 185 ألف كيلو متر مربع، حمل عنواناً جاذباً يزعم “منظموه” من خلاله سعياً لمكافحة “داعش”، التنظيم الذي غدا حاملاً حقيقياً لجهود إحياء غرائز كمنت لعقود في العقل الباطن لدول الاستعمار الغربي القديم!.

هو مشهد فانتازي وجدنا أنفسنا أمام استحقاق تخيّله، كما معدّي برامج الخيال العلمي ومنتجي برامج الأطفال في استوديوهات شركات “البزنس الدرامي والإعلامي”، بعد متوالية سباق الاستعراض المحموم لـ “صانعي الموت” في أحدث فصول تعاطيهم مع مستجدات سجالات الحرب مع الإرهاب الذي يضرب سورية!.

فبعد أشهر -بل سنوات- من توثيق الفشل الأميركي في مواجهة “داعش”، يراقب العالم اليوم اجتراراً مقيتاً للتجربة بهويات متعددة الجنسيات صوّتت برلماناتها لصالح مخالفات سافرة تنتهك الشرعية الدولية ومواثيق الأمم المتحدة، تاركةً سيلاً من التساؤلات حول الأسباب والدوافع والتوقيت، وحيثيات أخرى تشكل علامات استفهام كبيرة عند الباحثين عن الحقائق، وسط ركام الأوراق المختلطة في سفر المواجهة مع الإرهاب؟.

الواقع أن احتمالين اثنين لا ثالث لهما من مجمل المغامرات الأميركية والفرنسية والبريطانية، والأخرى المرشحة للظهور على مستوى التعاطي مع الإرهاب، الأول هو أن شعوراً تولّد لدى هؤلاء بدنو أجل “داعش وأخواته” في سورية على يد التحالف القوي السوري– الروسي، فتفتقت نباهتهم عن ضرورة تسجيل حضور في “كرنفال الانتصار” أمام شعوبهم، وحجب الأوسمة عن الجانب السوري والروسي، كما لا يمكننا إغفال حالة التنازع التقليدية بين الغرب وأمريكا رغم التحالفات التي جمعتهم تاريخياً، عندما تؤدي مآلات الأمور إلى مضمار المصالح المكتظ بعبارات “ممنوع الاقتراب”.

أما الاحتمال الثاني فهو أن هؤلاء استنفروا قواهم دفعة واحدة للتشويش على العمليات السورية-الروسية، وإنقاذ الجماعات الإرهابية التي أنتجوها ودعموها لتحقيق هدفٍ لم يتحقق حتى الآن، بل وتتبخر الآمال تباعاً بإمكانية تحقيقه، مع تواتر الأخبار من الميدان السوري وروايات التقهقر اليومي واللحظي للجماعات الإرهابية، فاختاروا افتعال الصخب الإعلامي وإثارة الضجيج بمحركات طائراتهم لنشر مزيد من الفوضى في المنطقة.

ويبدو على المتمعّن في التفاصيل ترجيح الاحتمال الثاني، بالاستنتاج من مجمل المقدّمات المتاحة حتى الآن، فلو كانوا جادين في محاربة “داعش” لنسّقوا مع الحكومة السورية، وهذا كان سيوثّق لهم مواقف تتيح لهم ادعاء المشاركة الفاعلة في حسم النتائج، أو على الأقل ما كانوا ليرفضوا التنسيق مع الجانب الروسي في حركة الطيران، ويمتنعوا عن تقديم خرائط بمسارات طائراتهم تفادياً للحوادث الجوية، وبما أنهم يتقاسمون مناصفة نتائج احتمالات وقوع أي حادث تصادم، فهذا يؤكد أن مغامرتهم كلامية لن يكون لها نصيب وافٍ من التطبيق الواقعي، كما يؤكد أن هدفهم التشويش وتشتيت جهود التنسيق السوري-الروسي ضد الإرهاب في سورية، وغير بعيد عن ذلك جاء التوغل التركي في الأراضي العراقية لخلق مناخ مساعد للجماعات الإرهابية هناك.

على العموم يبدو الغرب الأوروبي في غاية الارتباك، بل الجنون الآن، وصراخه واستعراضه دليل إدانة أكيد، ولعل في علاقته مع الأميركي أكبر مصادر الإرباك، لأنهم باتوا على قناعة ويقين من أن واشنطن “رمتهم بدائها وانسلّت”.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]