أديبة سورية مخضرمة تدعو إلى مساءلة كل من يعمل لبيع القطاع العام أكان مدرسة أم معملاً أم حديقة عامة

الخبير السوري:

نشرت الكاتبة السورية المعروفة د . ناديا خوست على صفحتها الشخصية على فيس بوك :

نبتة الأمل

أوجع الوجدان السوري استشهاد أكثر من عشرين عسكرياً سورياً. جرحنا الغدر وكأنه فاجأنا. ثم رأيناه في سياق الخريطة التي يحاول صناعها رتق ما تمزق من نسيجها. الخريطة هي الآن: مدّ العصابات من التنف إلى دير الزور والشمال، لقطع طريق العراق إلى سورية.

 تحدي روسيا بالتلامس الجوي بين الطيران الأمريكي والروسي في السماء السورية. تحدي إيران بحشد أمريكي في الخليج. انحسار “مهرجان” عودة العرب إلى سورية، و”مهرجان” قفز الخليج إلى المحور العالمي الجديد.

 انتقال أردوغان إلى محور الناتو، بعد تأرجحه الانتهازي، وتلقّيه الثمن من أموال السعودية والخليج.

خلال مهرجانات صحوة الأخوّة العربية، والمصالح الخليجية المالية في الالتحاق باتجاه التغيّر العالمي، توّهم بعض السوريين أن اللحظة أصبحت مناسبة للتحرر من واجبات الصراع المركزي، والانسياق في المجرى الخليجي. لم يكن ذلك هوى فقط، بل عبّر عن مجموعة سياسية اقتصادية قريبة من اقتصاد السوق الرأسمالي، لا من شعارات الاشتراكية والقطاع العام والضمان الصحي ودعم الخبز والدواء. رفد تلك المجموعة أثرياء الحرب. وتجلى هذا الهوى في احتفال القلعة الذي دعي إليه أحد المطبعين، واختيال السيارات الفخمة أمام الشعب الذي ينتظر مواصلات عامة مهترئة، والبذخ أمام المحرومين، وتوهج المطاعم الفخمة قرب الفقراء الذين يأوون إلى الأرصفة، وسلخ جلد الشعب السوري بفوضى الأسعار، واعتماد الدولار كعملة معيارية.

لكن الحقيقة الساطعة أكدت، بشراسة المشاركين في الحرب، أن استنبات الأمل بالانفراج للسوريين ليس في ذلك المستنقع، بل في الاستمرار بمواجهة تدمير الدولة السورية واستعادة سيادتها على نفطها وقمحها وأرضها. الاستمرار بمواجهة الاستراتيجية التي نشرتها مجلة كيفونيم سنة 1982 واعتمدتها الخارجية الأمريكية: تفكيك الجيشين العراقي والسوري لتفكيك البلدين إلى بلديات إثنية ومذهبية.

من ير هذه الحقيقة، يتبيّن أن نبتة الأمل لا تنمو حيث توهّمها السّذج، والحزبيون ذوو الهوى الخليجي، ورجال السوق، ودعاة الانفتاح على الانحطاط الفني. بل حيث صمد السوريون رافعين البوصلة التقليدية التي تميز العدو من الصديق. وتهدي إلى عالم جديد تتقدمه روسيا والصين، مع إفريقية المتحررة من النهب الغربي، والجزائر، ومالي، وبوركينا فاسو، والنيجير، وأمريكا اللاتينية.

قد يبدو الصمود معجزة بعد اثنتي عشرة سنة من الحرب. لكن تلك المعجزة مسنودة بمقاومة وطنية تمتد من إيران إلى العراق ولبنان. وتمتد في العالم في اتجاه حركة التاريخ. ولا يعني الصمود، كما نتوهم، الفقر. فكوبا بالرغم من الحصار الطويل، أفضل بلد في نهج التعليم، وأفضل بلد في السلامة الصحية والنفسية وحماية البيئة. لكن المساواة بين الناس هي السر في الصمود الكوبي! لا تستثنى في كوبا من الحصار سيارات الرفاه للأثرياء! ولا يستنفد الفساد الاقتصاد!

ننحني لشهداء الأمس وأهلهم الصابرين. ونثق بأن دماء كل شهيد تروي نبتة الأمل. لكن احترام الشهداء يفرض:

1 – تثبيت أسمائهم في لوحات على مدخل قراهم وبلداتهم. 2 – أن نضنّ بدمائهم فنلغي الباصات التي تجمعهم كهدف سهل في منطقة غير آمنة.

3 – أن تحوّل إليهم سيارات المسؤولين والمدراء، وتحوّل باصاتهم لنقل هؤلاء الآمنين.

 4 – إبعاد الحزبيين المعروفين بهوى الإمارات والخليج عن مراكز القرار.

5 – إلغاء اعتماد نهج اقتصاد السوق الذي أعلنه حزب البعث سنة 2005، على الأقل كي يتناسق المسار السوري مع الاتجاه إلى عالم جديد.

 6 – ضبط السوق لأن من يحركه يشارك في الهجمة الجديدة على الشعب السوري.

 7 – محاكمة كل من يعمل لبيع القطاع العام، أكان مدرسة أم معملاً أم حديقة عامة.

8 – محاسبة كل من ينصرف من المسؤولين والوزراء على ما أنجزه وما لم ينجزه.

 9 – حكومة جديدة يثق بها الناس، يمشي وزراؤها في الطريق دون مرافقين، يقفون مع المنتظرين في مواقف الباصات، نصادفهم في سوق الخضار، ونراهم كالناس في الصف أمام الأفران.

إقرأ أيضاً

 مبلغ الدعم المعلن من الحكومة مخالف للدستور…خبير:  برفع الدعم سترتفع الاسعار 50 % إذا لم تُضبط

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]