سورية الثالثة ضمن أرخص ١٠ دول للعيش .. تكاليف المعيشة مناسبة للمغتربين ولا تتلاءم مع متوسّط الدخل محلياً

 الخبير السوري:

لا عجب أن يثير التصنيف الذي أطلقته مواقع إعلامية عالمية، ومفاده أن سورية  بالمرتبة الثالثة ضمن أرخص ١٠ دول للعيش، الكثير من الغرابة والتهكم لدى البعض، وخاصة أن المواطن السوري يعيش أزمة اقتصادية ومعيشية، والأجور لا تسد الرمق.

هذا التصنيف أعادني بالذاكرة إلى سيدة لبنانية التقيتها مصادفة خلال سنوات الأزمة، وذكرت أنها تأتي بين الفترة والأخرى إلى سورية بهدف “التبضع” من الأسواق الدمشقية، بسبب رخص الأسعار مقارنة ببلدها، وقالت حينها :”كل شيء عندكم جميل ورخيص، المشكلة أنه- أنتم السوريين- “ما معكم مصاري”، ربما جملتها هذه تساعد في فك شيفرة هذا التصنيف.

شهادات مجرّبين

وللتوضيح أكثر، (السيدة ليلي) المقيمة في إحدى الدول الأوروبية والتي هي حالياً في إجازة مع عائلتها في البلاد تؤجل إجراءاتها الطبية كلها حتى تعود إلى البلاد، مؤكدة أن الخدمات الطبية أرخص بكثير مقارنة بالدولة التي تعيش فيها، وخاصة المعالجات السنية والتجميلية، فهي تصل لعشرات الأضعاف عن تكاليفها في سورية، فنظارتها الطبية التي وصلت تكلفتها إلى ٥٠٠ يورو، أي ما يعادل خمسة ملايين ليرة لم يتجاوز سعرها هنا /٤٠/ يورو، أي ما يعادل /400/ ألف ليرة سورية لذلك قامت بشراء/ ٤/ نظارات دفعة واحدة لتأخذها معها في حال كسرت واحدة فهناك بدائل.

 ويوافق (كريم) القادم من دبي السيدة ليلي  بالنسبة لفارق الأسعار الكبير وتحديداً فيما يتعلق بأسعار الإقامة في الفنادق، فيقول إن الأسعار مقبولة جداً، يمكنني الإقامة في فندق/ ٥/ نجوم بمبلغ لا يتجاوز /٢٠٠ / دولار للّيلة واحدة، أي ما يعادل مليوني ليرة، بينما لو أردت الإقامة في فندق بالتصنيف نفسه في دبي فالتكلفة ستكون الضعف، كما أن المطاعم السورية والمأكولات وأسعار الملابس رخيصة مقارنة بدبي، وتابع: لكن المشكلة في بلادنا هي بضعف القوة الشرائية للمواطن.

فروقات العملة

يرى الخبير الاقتصادي الدكتور سنان علي ديب أن التصنيف مبني على أساس سعر صرف الدولار، فربما نكون من أرخص البلدان، لكن السؤال ما متوسط الدخل السنوي للفرد؟ وما السلة الغذائية التي يستطيع تحصيلها عبر هذا المتوسط؟ وتابع: صحيح نحن الأقل تكلفة، لكن هل نحن الأفضل مستوى على الصعيد المعيشي؟

سبب المعاناة

من جانبه الخبير الإداري عبد الرحمن تيشوري أوضح أنه في علم الاقتصاد هناك ما يسمى الأجر الاسمي وهو كمية النقود التي يحصل عليها العامل مقابل عمله، أما الأجر الحقيقي فهو كمية السلع والخدمات التي يستطيع الحصول عليها العامل مقابل الأجر الاسمي، المشكلة عندنا أن الأجور منخفضة والقدرة الشرائية ضعيفة، خصوصاً في ظل الارتفاع الكبير بالأسعار والتضخم الذي يعانيه الاقتصاد السوري في السنوات الأخيرة.

وأضاف: بالنسبة لقياس خط الفقر وهو خط عالمي، يجب أن يحصل الفرد على دولارين في اليوم الواحد، فأسرة مكونة من /٤/ أشخاص يجب أن تحصل على/ ٨ / دولارات في اليوم، وعلى /٢٤٠/ دولاراً شهرياً، أي يجب أن تحصل الأسرة في بلادنا على /3/ ملايين ليرة شهرياً كحد أدنى، لكن في الواقع نحصل على سقف أجر حوالي ١٥٠ ألف ليرة في سورية..!

 وأردف تيشوري بأن التصنيف العالمي صحيح، والمشكلة في الأجور الضعيفة وهي سبب معاناتنا، فالذي يقبض في الخارج ما يعادل / ١٠٠٠ / دولار في الشهر، أي ما يعادل / ١٢/ مليون ليرة سورية يستطيع العيش برفاهية مطلقة في بلادنا، لذلك المطلوب رفع الأجور والرواتب والحد من الفقر والقيام بإجراءات إصلاحية للسياسة المالية والاقتصادية والاستثمار والاستيراد والتصدير، هذه السياسات يجب أن تعمل معاً لتحسين الظرف المعيشي للمواطن، مؤكداً أن أغلبية المواطنين اليوم يعيشون على الحوالات الخارجية وكل المدخرات التي كانت بحوزة الأغلبية من ذهب وعقارات باعوها للإنفاق على متطلبات الحياة الأساسية، ويجب أن تكون المعالجة سريعة…تشرين

منال صافي

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]