جدل بيزنطي حول “أبواب رزق” مغلقة في المناطق الجبلية..حيازات صغيرة تشكل 50% من مساحة بعض المحافظات خارج الاستثمار..”الزراعة” تدفع برؤيتها ومراقبون لديهم رأي آخر

الخبير السوري:

زراعة كل شبر أرض قابل للاستثمار والاستصلاح الزراعي قد تكون خطوة في الاتجاه الصحيح نحو المساهمة في تحسين الواقع الزراعي، وتأمين الأمن الغذائي في البلاد ، ولو في حدّه الأدنى على مبدأ (البحصة بتسند جرة) في ظل ظروف اقتصادية خانقة.

  • استصلاح الحيازات الصغيرة يساهم في تأمين الأمن الغذائي..وضرورة إدخالها بالخطة الإنتاجية

لكن خلال السنوات الماضية بتنا نشهد الكثير من الحيازات الزراعية الصغيرة تترك بوراً دون أي استثمار، سواء كانت أملاكاً خاصة أو تتبع للقطاع العام ، ما أثّر سلباً على الإنتاج الزراعي . علماً أنّ الحيازات الزراعية التي هي أقل من ٢ هكتار تشكل ٥٠ % من إجمالي الحيازات الزراعية في بعض المحافظات حسب ما قالته وزارة الزراعة .

زراعة كل الحيازات في سهل الغاب

مدير الهيئة العامة لإدارة و تطوير الغاب المهندس أوفى وسوف أوضح لـ” تشرين” أنٌ كل المساحات الزراعية الموجودة في مجال الهيئة مستثمرة بالزراعة وتزرع بالمحاصيل الزراعية المختلفة ، وفق الخطة الإنتاجية الزراعية ، و لا يوجد في مجال الهيئة مساحات قابلة للزراعة وغير مستثمرة ، وأمّا بالنسبة للأراضي التي أصحابها غير موجودين كشف وسوف أنّه تمّ استثمارها وفق الآليّة التي تم اعتمادها من قبل وزارة الزراعة ،عن طريق عقود استثمار في المحافظة وفق الأطر القانونية المعمول بها أصولاً، وذلك حرصاً على عدم بقاء أي مساحة قابلة للزراعة غير مستثمرة ، بهدف الوصول إلى تنفيذ الخطة الزراعية المقررة بالكامل بما يحقق الإنتاج المخطط لهذه المساحات من المحاصيل المختلفة ويؤمن الغذاء للبلد .

  • عقود استثمار لأراضٍ أصحابها غير موجودين وفق أطر قانونية

أقل من ٢ هكتار

وبيّن وسوف أنّ الحيازات الصغيرة الموجودة في مجال الهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب أغلبها أقل من ٢ هكتار ويتم استثمارها بالزراعة وفق الخطة الإنتاجية الزراعية المقررة ،سواء كانت ملكيّة الحيازة عائدة للقطاع الخاص أو بالاشتراك مع القطاع التعاوني بما يحقق الاستثمار الزراعي لهذه الحيازات.

أمّا ما يتعلق بموضوع الترخيص للمنشآت فذكر وسوف أنّه صدر عدد من البلاغات ، منها البلاغان رقم ١٦- ١٧ بهدف تنظيم عملية الترخيص لهذه المنشآت وذلك بما يحقق تنفيذ الاستثمار للمشاريع وفق دليل تصنيف الأراضي ويضمن عدم التعدي على الأراضي الزراعية.

مستلزمات الإنتاج

تحفيز استثمار الأراضي القابلة للزراعة يكون عن طريق تشجيع المزارعين على الاستثمار الزراعي، من خلال تأمين مستلزمات الإنتاج من أسمدة ومحروقات بشكل كبير وفق الكميات اللازمة للأراضي، وذلك لتحقيق أعلى إنتاجية ممكنة للمحاصيل المزروعة، كذلك تشجيعهم على الزراعة من خلال تقديم تسهيلات لهم للحصول على قروض زراعية لمساعدتهم في تمويل عملية الزراعة وتأمين مستلزمات الإنتاج لزراعة المحاصيل، إضافة إلى تشجيع الزراعة من خلال سياسات سعرية مناسبة متماشية مع الأسعار الرائجة وتحقق للمزارعين هامش ربح مجزياً حسب رأي وسوف.

  • إصدار بلاغات لتنظيم عملية ترخيص المنشآت بهدف عدم التعدي على الأراضي الزراعية

تعاون مشترك

مدير مشروع تطوير الغاب أشار إلى وجود دور مشترك للجهات العامة والخاصة، يتجلى في تأمين مستلزمات الإنتاج للفلاحين، ولا سيما في ظل الإجراءات القسرية المفروضة على مؤسسات الدولة، حيث تعمل وزارة الزراعة بالاشتراك مع الإدارة العامة للمصارف ومؤسسة إكثار البذار و الاتحاد العام للفلاحين والجهات الحكومية الأخرى على تأمين مستلزمات الإنتاج للمزارعين، وفق الكميات المتاحة ، منوها بأن الوزارة لا تدخر أي جهد في تأمينها للمزارعين، على الرغم من الحصار القسري الخانق وذلك بهدف دعم الإنتاج الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي للبلد.

قانون الإصلاح الزراعي

بدوره عضو مجلس إدارة اتحاد الغرف الزراعية الدكتور مجد أيوب أشار إلى وجود سببين رئيسيين أديّا لصغر المساحات القابلة للاستثمار الزراعي في سورية. الأول هو قانون الإصلاح الزراعي الذي أحدث في أيام الوحدة مع مصر واستمر العمل به لعدة سنوات بعدها، حيث تم تأميم الحيازات الكبيرة من الملاكين باعتبارهم (آغاوات) يستغلون الفلاحين، وتقسيم هذه المساحات على الفلاحين العاملين فيها، فتحولت الحيازات الكبيرة التي كانت تنتج كميات كبيرة واقتصادية من المحاصيل والخضار والفاكهة إلى مساحات صغيرة نسبياً يصعب على ملاكها الجدد تأمين الخدمات الزراعية اللازمة والكاملة لها، والسبب الثاني المستمر حتى اللحظة هو الإرث الذي يفتت المساحات الزراعية بعد موت ملاكيها ويوزعها على الأولاد الذين قد يزيد عددهم على ٦ أولاد ذكور إضافة إلى الإناث فتتحول الحيازة المقبولة زراعياً إلى حيازات صغيرة غير مناسبة للاستثمار اقتصادياً.

لا تسدّ قوت ملاكيها

هذه الحيازات الصغيرة غير الاقتصادية لم تعد قادرة على سد قوت ملاكيها وعائلاتهم، وخاصة أنّ كل مالك جديد بنى له مسكناً في أرضه الجديدة، لذلك فضّل الكثيرون عدم زراعتها أو تركها بوراً أو تأجيرها لمن يرغب بزراعتها أو إقامة منشأة حرفيّة أو صناعيّة صغيرة عليها، وحتى عندما قررت الدولة عدم الموافقة على إنشاء الأبنية على هذه الأراضي وهدمتها بقيت نواتج الهدم على الأرض ولم ترحّل ليصبح ممكناً الاستفادة من الأرض بأي شكل كان حسب ما قاله د.أيوب.

تعاونيّة زراعيّة

وذكر د. أيوب أنه لتفعيل استثمار هذه الحيازات الصغيرة يفترض أن تكون هناك جهة تكلف بمساعدة هؤلاء الملاكين الصغار على تجميع حيازاتهم، التي تتراوح مساحتها بين 0.5 – 2 هكتار في تعاونية زراعية، وليس جمعية زراعية يديرها شخص أو أكثر من هؤلاء، حيث تقوم التعاونية المذكورة باستثمار هذه الحيازة الكبيرة الجديدة بما يؤمن ربحاً مجزياً لكل المشاركين، من خلال تخفيض التكاليف للخدمات الآلية واليدوية وخدمات الرّي وأسعار البذار والسماد والأدوية الزراعية، لأن الشراء بكميات كبيرة يخفض السعر نسبياً، إضافة إلى تأمين أسعار مناسبة لنقل الإنتاج وبيعه، كونه سيباع بكميات كبيرة تناسب التجار العاملين بالتصدير أو الصناعيين، وخاصة أنه يناسب أعمالهم، منوهاً بأنه في نفس الوقت ستسمح هذه التعاونيّة لأصحاب الأراضي بالبحث عن مصادر رزق أخرى في أماكن جديدة، و لكون هذا العمل هو لخدمة القطاع الخاص (المزارعين) يجب أن يعمل به أشخاص من القطاع الخاص ومن مالكي الأراضي تحديداً، ويتم ذلك بالتعاون مع غرف الزراعة في المحافظات كونها الممثل الرسمي للقطاع الزراعي الخاص.

غير منصف

واعتبر د. أيوب أن اقتراحات وزارة الزراعة التي تنص على فرض عقوبات مالية على كل دونم قابل للزراعة وغير مستثمر هو أمر غير منصف، وسيزيد من تكاليف إنتاج باقي المساحات ورفع قيمة الإنتاج التي سيسددها المستهلك النهائي وهو المواطن، وربّما سيتهرب هؤلاء الملاكون الصغار من تسديد الضرائب أو سيعملون على بيع حيازاتهم الصغيرة.

  • الحيازات الزراعية الصغيرة لم تعد قادرة على سد قوت ملاكيها

وختم بالقول :إن القطاع العام لا يؤمّن للمزارع أي خدمات، باستثناء القروض من المصرف الزراعي وبعض البذور المحسنة للقمح والشعير وأيضاً القطن التي تؤمنها مؤسسة إكثار البذار.

أما باقي احتياجاته فهو يؤمنها من القطاع الخاص الذي يتحكم بالأسعار ويرفعها مع ارتفاع أسعار القطع.

وفي ذات السياق كانت وزارة الزراعة أعلنت في تقرير لها عن التشدد في المحافظة على الأراضي الزراعية، والحد من تآكلها والتعدي عليها لأغراض غير زراعية.

وبينت أن استثمار الحيازات الزراعية الخاصة حالياً، التي تتميز أغلبيتها بصغر المساحة، حيث تشكل الحيازات الصغيرة التي تقل عن 2 هكتار ما يقارب 50% من إجمالي الحيازات في بعض المحافظات، يجعل تطبيق الخطة الزراعية السنوية والدورات الزراعية التي تحافظ على خصوبتها وكفاءتها الإنتاجية أمراً صعباً.

وأضافت الوزارة : إنها تقدمت إلى رئاسة مجلس الوزراء ببعض المقترحات لتحفيز استثمار الأراضي القابلة للزراعة نظراً لظروف تفتت الحيازات والصعوبات التي يواجهها الفلاح في تأمين مستلزمات الإنتاج ، حيث تضمنت الآلية التنفيذية التي تمت الموافقة عليها مؤخراً زيادة المساحات المروية، وتأمين احتياجات القطاع الزراعي من الأسمدة والمحروقات واستخدامها في الزراعة حصراً، إضافة إلى دعم الصناعات الغذائية والزراعة التعاقدية، وتطوير أنظمة التسويق الزراعي الضامنة للإنتاج، إضافة إلى تطبيق المرسوم 40 لعام 2012 الخاص بهدم المخالفات القائمة، والتشدد في تطبيق القوانين والبلاغات ذات الصلة بتنفيذ الخطة الزراعية، وأيضاً توجيه الجهات المعنية للتنفيذ الصارم لقرارات نزع اليد والإجراءات المتخذة بحق المتجاوزين على أراضي أملاك الدولة، وكذلك إنشاء خارطة لأراضي أملاك الدولة الشاغرة ومدى ملاءمتها للاستثمار الزراعي، وأخيراً الإسراع بإصدار الصك التشريعي القاضي بإحداث هيئة عامة لإدارة وحماية أملاك الدولة.تشرين

ميليا إسبر

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]