“الإفلاس” يستدرج الفلاح إلى أصنافٍ بديلة مدمّرة للتربة والبيئة …

 الخبير السوري:

انتشرت أنواع عديدة من النباتات المدخلة في مناطق شتى في سورية فما بين زراعات استوطنت مكان زراعات الأراضي الأصلية بغرض المكسب المادي وما بين نباتات أدخلت لأغراض مختلفة قد تكون تجارية أو تصنيعية أو كهواية شخصية للبعض خارجاً عن العرف الزراعي المعروف بالتجربة والاختبار و ترقب النتائج قبل البدء بالزراعة، و كان لبعض هذه النباتات تأثير سلبي واضح واسع المدى و مازال البعض الآخر منها قيد الدراسة.

بالنسبة للأنواع النباتية ذات التأثير السلبي فيتحدث معاون المدير العام لهيئة البحوث العلمية الزراعية د.بهاء الرهبان موضحاً أنه تم إدخال مجموعة من النباتات كانت لها آثار سلبية واضحة ومنها عشبة الباذنجان البري التي غزت المناطق الشرقية من سورية وأخذت بالانتشار في معظم المحافظات السورية وهي من الأنواع صعبة المكافحة وتحتاج السيطرة عليها إلى برنامج لعدة سنوات من المكافحات الكيميائية والميكانيكية وقد أطلقت وزارة الزراعة عدة حملات لمكافحتها بدءاً من تسعينيات القرن الماضي ولا زالت مستمرة بعمليات المكافحة.

ومن الأنواع الغازية أيضاً عشبة وردة النيل (الايكورنيا) وتعد من الأعشاب المائية صعبة المكافحة ولعل من أهم أضرارها تبخير كميات كبيرة من المياه والتأثير السلبي على الكائنات الحية الأخرى والإخلال بالتوازن البيئي وقد أدخلت بطريقة ما واحتلت المسطحات المائية في منطقة الغاب وسد محردة وأخذت بالانتقال إلى الأنهار وأقنية الري في كل من إدلب وحماة وحمص وكذلك الساحل السوري وقد استطاع العاملون في مجال الوقاية بمديريات الزراعة والبحوث استئصالها من المنطقة الساحلية وبقيت المعاناة كبيرة في مناطق الغاب وحماة والجهود مستمرة من وزارتي الزراعة والموارد المائية للسيطرة على هذه العشبة المائية الضارة وتم رسم خطة العمل لمكافحتها بعد أن قامت وزارة الزراعة بمجموعة من الإجراءات العملية لمكافحتها.

ومن الأنواع الأخرى التي تم إدخالها إلى سورية شجرة الباولونيا التي أيضاً من دون إذن مسبق من الجهات المعنية بوزارة الزراعة، ومن المعروف أن إدخال أي نوع نباتي يحتاج إلى جملة من الشروط والمعايير الدقيقة إضافة إلى إجراء الدراسات والبحوث المتعلقة ببيئة النبات القادم و سلوكه من حيث النمو و التكاثر و الانتشار و المتطلبات البيئية. بالإضافة لذلك فقد تصبح نباتات غازية تحتل مكان زراعة الأشجار المحلية المتكيفة مع بيئتنا السورية وهي كما ذكرت المراجع تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه كما أنها تنتج أعداداً كبيرة من البذور والتي يخشى من نموها وانتشارها إلى مناطق مختلفة وقد تنافس الأنواع المحلية ، و قد تصبح مصدر تهديد في وجودها و بقائها، مشيراً إلى أنه قد تمت زراعتها بشكل فردي في بعض المناطق في المحافظات السورية.

في حين يرى الخبير التنموي أكرم عفيف أنه بالإمكان اعتبار هكذا نوع من النباتات كـ”مطرح بحثي” والاستفادة منها في إنتاج البيوغاز (الغاز الحيوي) أو كمكون علفي على اعتبار أنه تمت تجربتها من مع الفيرمي “كومبوست” و كان تجربة ناجحة جداً وإذا تم تحويلها إلى”مطارح بحثية” بالتعاون مع هيئة البحوث الزراعية و يتم تعميم التجربة في حال نجاحها.

ماذا عن الزراعات الأصلية؟

يرى عفيف أن الفلاح ليس بصدد زراعة القمح الآن كونه سيقع في الخسارة حسب التسعيرة الحالية ولنا أن نتجاوز الأمر إلى الهدف الاجتماعي من الزراعة من تأمين الاحتياجات الأساسية للعيش، فكان لا بد البحث عن بدائل زراعية و بالرغم من أن بعض الزراعات المدخلة مثل المشروبات ( كالقهوة و المتة و الشاي) كانت مجرد “اجتهادات شخصية” و لكن هذه الاجتهادات جاءت في مكانها الصحيح و بالرغم من أنها زراعات غير سورية إلا أنها كانت أفضل مذاقاً من المنشأ و يعود ذلك إلى البيئة السورية التي تساعد على إنجاح أنماط عديدة من النبات.

وعلى اعتبار أن هناك كميات كبيرة من محصول الذرة الصفراء التي لم يتم استلامها إلا من بعض التجار و بأسعار بخسة، حسب رأي عفيف، و عندما تستخدم كمكون علفي فإنها ستصبح فوق قدرة المواطن الشرائية فكان من الضروري البحث عن بدائل علفية أقل تكلفة من بينها الأزولا و البونيكان و من الأفضل اعتمادها كمطارح بحثية بالشراكة مع البحوث الزراعية دعماً لتجربة المواطن و العمل بها و بالطبع إن باءت بالفشل ستتم إزالتها.

أين القرار؟

وحول من سيقرر الخطة الزراعية التي تلي هذه نتائج هذه التجارب من فشل أو نجاح، يجيب الدكتور بهاء الرهبان مؤكداً أنه قد تم بالفعل اتخاذ القرار بمنع زراعة وتداول هذه الأنواع من النباتات الغازية والدخيلة ( الباولونيا و الأزولا وزهرة النيل وغيرها من النباتات الدخيلة) وأوكلت المهمة للهيئة العامة للبحوث الزراعية بالتنسيق مع مديرية الحراج ومديرية وقاية النبات بدراسة و متابعة أشجار الباولونيا المزروعة بشكل فردي للتعرف على خصائص هذه النباتات و تكيفها مع البيئة والآفات التي من الممكن أن تصيبها واحتياجاتها المائية والسمادية.

تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]