منتجات المرأة الريفية تتعثّر أمام عقدة التسويق .. مرغوبة شعبياً وممنوعة رقابياً

الخبير السوري:

كان مدهشاً أن نعلم أن منتجات المرأة الريفية هي منتجات مخالفة في أعراف دوريات حماية المستهلك، لأنها لا تحمل شهادة منشأ ولا فاتورة رسمية، بالتالي بإمكان أي مراقب تمويني أن يصادر المنتجات التي تعرضها النساء الريفيات البسيطات الطيبات في المدن الرئيسة، إن في دمشق أو بقية المحافظات، وغالباً تُعرف هذه الأسواق بـ” سوق النسوان” أو سوق الباعة أو.. أو.. بغض النظر عن التسمية تبقى المشكلة هي ذاتها..المنتج مخالف وغير معترف به، أي لا يسمح بعرضه ؟!!

أمام هذا الخلل.. كان لابدّ من التحري عن شكل الحماية أو الاحتضان الذي أتاحته الجهات المعنية لإنتاج المرأة الريفية، وخاصة المنتجات الحيوانية من ألبان و أجبان و عسل وبيض…إضافة إلى المنتجات النباتية كلها نزعم جميعاً بأننا وضعنا الخطط والبرامج الداعمة للإنتاج الريفي..أي منتجات المرأة الريفية؟

لفت انتباهنا وجود صالة متخصصة ببيع منتجات المرأة الريفيّة أمام مبنى وزارة الزراعة بدمشق، وقد زرناها ووجدنا أنها تحتوي على الكثير من المنتجات الجاذبة وحتى الرخيصة الثمن قياساً بالأسعار المتداولة في الأسواق، وأمام طموحات الربح السريع التي تستحكم بالتجار هذه الأيام… كان السؤال الملح هو: لماذا ليس لدينا الكثير والكثير من هذه الصالات.. لماذا لا ننشر أفقياً أعداداً كبيرة من صالات بيع منتجات المرأة الريفية في المدن والمحافظات.. لماذا لا يتم التسويق إعلامياً لهذه الصالات ..؟ .. فحتى الآن هناك الكثيرون أو أغلبية السوريين لم يسمعوا بهذه الصالات بتاتاً!!

بشيء من الثقة والنظرة الإستراتيجية للتعاطي مع ملف المرأة الريفية، تتحدث مديرة التنمية الريفية بوزارة الزراعة الدكتورة رائدة أيوب عن أن مديريتها لم تعد تعنى بالمرأة الريفية وحدها بل تم توسيع ودمج صلاحيات المديرية لتشمل كامل الأسرة الريفية وكل ما يتعلق بالتنمية الريفية.

وتلفت إلى واقع صالات بيع منتجات الأسر الريفية وترويج المنتج الريفي المنزلي ومنتجات (المونة) وبعض المصنوعات التراثية التقليدية بأسعار مدروسة وتكاليف بسيطة على المواطن، مؤكدة أن عددها بلغ 13 صالة.. منها واحدة في منطقة البرامكة بدمشق، و أخرى عند البانوراما بدرعا.

أما في محافظة اللاذقية فتتوزع أربع صالات؛ في شارع المغرب العربي باللاذقية وبالقرب من حديقة القرداحة المركزية في القرداحة وفي جبلة قرب شعبة الحراج وفي الحفة على طريق صلنفة.

كما توجد ثلاث صالات في محافظة حمص تتوزع في منطقة؛ تلبيسة- الوحدة الإرشادية، وفي مديرية زراعة المحافظة، وفي الوحدة الإرشادية لمنطقة المخرم.

إضافةً لصالتين في حلب إحداهما في مديرية زراعة المحافظة والثانية في الوحدة الإرشادية لقرية تلعرن بالسفيرة.

وهناك صالة واحدة في حماه بدائرة زراعة مصياف، وأُخرى في مديرية زراعة القنيطرة في خان أرنبة.

ووفقاً لأيوب تقوم تلك الصالات بعمليات تبادل بالمنتجات بين المناطق وخاصة في المدن بحيث ينتقل المنتج للمكان الذي تكون فيه الحاجة ماسة له ويتم استجرار قسم كبير من إنتاج تلك الأسر الريفية دفعة واحدة أو على دفعات كبيرة، ما يشجع تلك الأسر على الإنتاج ويحقق ارتباطهم بالعملية الإنتاجية سواءً الزراعية أو التصنيع الزراعي.

ضمانات لانسياب المنتج

وفي ظل التساؤلات الكثيرة حول جودة وضمانات منتجات الأسر الريفية وإجراءات وزارة الزراعة لتعزيزها وضمان انسيابها للأسواق الداخلية وحتى الخارجية، أشارت المديرة إلى أن المديرية تجتهد باتخاذ مجموعة من الإجراءات والضوابط التي تجعل المنتج الريفي ذا نوعية جيدة وقابلاً للتسويق من خلال تدريب كادر التنمية الريفية والمستفيدين على مختلف المواضيع التي تخص جميع مراحل العمليات الإنتاجية التصنيعية والتسويقية من خلال تعريفهم بالممارسات الزراعية الجيدة لمختلف المحاصيل الزراعية، والتركيز على التدريب على التصنيع الغذائي الريفي لمختلف المنتجات الريفية، وضمن المناطق التي تشتهر بزراعتها وتصنيعها تاريخياً، مع التدريب أيضاً على استخدام مهارات التسويق، من خلال دراسة متطلبات المستهلكين والأسواق لجهة التعبئة والتوضيب والتغليف وشكل المنتج.

كذلك يحظى المنتج، والكلام لأيوب، بالإشراف المباشر من قبل كادر تنمية المرأة الريفية على تصنيع هذه المنتجات بحيث يتم تسويق المنتجات التي تحقق المواصفة القياسية السورية للمنتج الريفي، إضافةً لاعتماد ماركة ريفية مسجلة لدى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك للمنتجات الريفية، مع إجراء الاختبارات التموينية للمنتجات الريفية بشكل متقطع نظراً لغلاء تكاليفها.

البقية أكثر

يتحدث أحد الخبراء فضّل عدم ذكر اسمه، عما عدّه فرصة نضيعها من أيدي المستهلك، عندما لم نفلح في إيصال منتجات المرأة الريفية إليه، كذلك حجبنا فرصة أكبر عن الريفيات الدؤوبات لبيع منتجاتهن إلى طيف أوسع من المستهلكين..ويرى الخبير أن مشهد الفلاحات اللاتي يبعن إنتاجهن أمام مبنى وزارة الزراعة بدمشق، هو في حد ذاته ” تهمة” للمعنيين، فهذا المكان والتموضع والتوزيع ليس هو الأنسب لهؤلاء القرويات الطيبات، اللواتي يتكلّفن مصاريف النقل من قراهن إلى العاصمة، وكان يجب أن تكون هذه المنتجات موجودة في صالات عرض خاصة، ويجري نقل الإنتاج على نفقة من يملك الصالة…ويرى الخبير أنه بالقرب من ” بسطات الفلاحات” هناك صالة لوزارة الزراعة لكنها صالة مجهولة ووحيدة على كل حال..ويتساءل: ما الذي يمنع وزارة الزراعة من نشر أعداد كبيرة من هذه الصالات…وبما أن الجهات الأخرى تلكأت في مثل هذه المهمة ..لماذا لم تتبنَّ ” الزراعة” الأمر على الأقل من باب الحرص على أرزاق من هم رعاياها الذين تحرص عليهم كما يجري الحديث دوماً.

بالفعل لا تبدو الصالات الـ 13 كافية على مستوى جميع المدن والمحافظات.. بل يجب أن تكون كل محافظة تحتوي هذا العدد لمنتجات المرأة الريفية…ففي أريافنا ما يكفي من الخير الذي علينا تحييده من بين أيدي السماسرة حرصاً على الفلاح المنتج وعلى المستهلك أيضاً.
تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]