لا تسألوا مجربا….

نهى علي

الحاجة أم الاختراع.. هذه قاعدة قديمة باتت من بديهيات سيرورة حياة البشر، لكن بالنسبة لنا نحن فلا نبدو في ظرف يسمح بالمزيد من التجارب والتجريب، خصوصاً إن كانت من أشكال الارتجال و”المغامرات” فردية الطابع، لاسيما في القطاعات الاستراتيجية ذات الأثر المباشر في معيشة المواطن وبالتالي البلاد.
ما ظهر خلال السنتين الأخيرتين، أن القطاع الزراعي كان حقلاً واسع الطيف للكثير من التجارب، التي يجري نقلها عبر الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي “المنابر الإعلامية المجانية وسريعة الوصول”.. من الأصناف الزراعية الجديدة والبديلة، إلى الأسمدة العضوية، إلى أصناف المبيدات.. وكله من وحي الحاجة التي فرضتها ظروف الأزمة.
لكن المقلق في الموضوع هو شبه الغياب الرسمي المختص عما يجري، أو التدخل الخجول قبولاً أو رفضاً، وتابعنا أن وزارة الزراعة حذرت من مضار بعض أصناف الأشجار التي تم إدخالها إلى سورية، بقصد الاستفادة من أخشابها على اعتبار أنها سريعة النمو بمعدلات غير مسبوقة في بلدنا، كشجرة الباولونيا التي يفاخر كثيرون بتوطينها كاستثمار مربح.. لكن لم نسمع عن إجراء عملي للوزارة أو استئناف لوجهة نظرها في الموضوع وبقي الحبل متروكاً على الغارب كما يقال.
المثال الآخر يتعلق بتجربة السماد العضوي “فيرمي كومبوست” التي يتحدث مجربوها عن نجاحات باهرة، وأن الوزارة -الزراعة -باركتها، لكن السؤال يبقى: ماذا بعد؟؟
هي تجارب على كل حال، وقد تكون ناجحة سواء بالنسبة للباولونيا أو فيرمي كومبوست.. أو غير دقيقة، بالتالي المطلوب أن تكون بصمة وزارة الزراعة أكثر وضوحاً من مجرد التحذير أو المباركة.
كل تجربة بحاجة إلى ورشة عمل علمية – حوار بحثي لحسم الموقف إما باتجاه المنع القاطع أو السماح وبالتالي الدعم بطريقة ممنهجة ومتبناة رسمياً.. أي إن كان صواباً فلنعممه ولندعمه، وإن كان خطأ فلنحجبه ونعالجه.
ليس من المقبول أن تبقى الجهات المعنية مكتفية بدور الناصح، لابد أن تنتقل إلى دور الفاعل لاسيما وأن كل وزارة هي صاحبة القرار في مجالها.
الوزارة عموماً ليست جهة استشارية ناصحة.. وإنما هي سلطة قاطعة مانعة.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]