مدير عام؟!!!

 

 

لا فرق بين مدير عام في القطاع العام السوري وآخر من نظرائه في القطاع الخاص، من حيث الشكل والقيافة، بل ربما يحظى المدير الحكومي بهالة ووهج المنصب ودفئه أكثر من مثيله “الخاص”، فعدد الموظفين أكثر وعدد المتزلفين أكثر وأكثر.

ألّا أن ثمة فروق لا تحتاج إلى ذكاء حاد لرصدها كما في لعبة “الفروق العشرة” التي كان يتسلّى بها المسافرون في الصفحات الأخيرة من المجلات التي يبتاعونها من على بسطات أرصفة كراجات الهوب هوب.

فأهم فرق أن منصب المدير الحكومي تحول غالباً إلى امتياز، بينما في “الخاص” هو مسؤولية، أي تشريف في الأول وتكليف في الثاني، لكن الامتياز يبدو مقلوباً وفق وحدات القياس المادية على قاعدة ” الغنم بالغرم” فراتب المدير الحكومي شهرياً في حسابات “الحلال زلال” يخضع لفئته وقدمه أي حوالي 50 أو 60 ألف ليرة في المتوسط، فيما يتقاضى المدير الخاص مئات الآلاف شهرياً ويصل الأمر إلى بضعة ملايين كما في المصارف وشركات التأمين الخاصة!!

هذه المفارقة تردُّنا إلى مفهوم الامتياز للمدير الحكومي الذي يجد نفسه مدفوعاً لمنافسة نظيره، وخوض سباق بالراتب معه، قد ينتهي بتفوق الأول لكن بوسائل غير منظورة أو غير مرئية، وتخضع العملية هنا إلى متوالية هندسية صاعدة لتناطح حصيلة الأرقام وحدات الحساب المليارية وهنا الطامة الكبرى!!!

لنتساءل الآن أيهما أفضل أن نمنح المدير الحكومي ما يقارب ما يحصل عليه المدير في ” الخاص” ونرضيه ونسد ذرائع “فيد واستفيد” ويكون الدخل محدد ومعلوم أي “بنور الله” كما يقال، أم نرغمه عبر ال50 ألف ليرة التي لا تكفي لشراء حذاء عالي الجودة، ليدخل عالم الدخل غير المحدود و”يزهق” المليارات في مؤسسته ليحصل على الملايين؟؟

لا بد من حل هذه العقدة وحسم الجدلية الأزلية حول مفارقات راتب المكلف بمهمة من النوع الذي مازلنا نصرّ على وصفه ب”المنصب” وإلّا اعذروا كل من يشكك بصدق نيات الإصلاح في هياكل ومفاصل مؤسساتنا للسبب ذاته الذي أوردناه أعلاه وهو” الغنم بالغرم” وليس إلا …فلنسد ذرائع الفساد والمفصل الأهم الآن هو مفصل مدير عام.

نقول ذلك ونحتفظ بتحياتنا واحترامنا لبعض المديرين العامين الوطنيين الشرفاء الذين رضوا بأن يكون “زادهم خبزاً” وكانت مهماتهم تكليفاً وليس تشريفاً.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]