ارتباك ونصّ..؟!!

الخبير السوري:

غالباً ..الارتباك يعني الخوف، والخوف مقترن بعدم الثقة بالنفس، وضعف الثقة ناتج عن تواضع الإمكانات، وتواضع الإمكانات يأتي من التأهيل السيئ..

وبالرغم من أننا لسنا في وارد سيرة سيكولوجية وتحليل نفسي، إلّا أن ثمة متلازمة خلل خطير، تعتري معالجة معظم الملفّات الغليظة الموضوعة أو التي توضع على طاولات العلاج في المقصورة التنفيذية، نختصرها بمفردة واحدة ” ارتباك”، وفي هذا بعد نفسي مباشر، ففي هذا العالم أبحاث تختص بسيكولوجيا المجتمعات، وبالقياس يمكن الحديث عن سيكولوجيا الحكومات، والارتباك مجتمعي أم حكومي كان، هو حالة بغيضة، فماذا إذا كان هذا الارتباك حاصل حيث لا يجوز الارتباك؟

ولشدّ ما تبدو كثيرة المسائل التي بات ارتباكنا موصوفاً إزاءها، لدرجة التماهي مع الارتكاب، فإن المعالجات الخاطئة تفضي إلى ذات نتائج الإساءات المتعمدة، واعذرونا لاستخدام مفردة ” ارتكاب”، لكن الوقائع هي ما يحتّم قسوة التوصيف أحياناً.

في موضوع الدعم ارتبكنا، إن في إخراج وتقدير قيمة الفاتورة الكليّة ” أوقعنا أنفسنا في ورطة”، أو في إعادة توجيهه وتصويب مساره، وهنا كان ثمة خطأ في التناول و أوحينا بأننا ذاهبون مباشرة إلى رغيف المواطن وأسطوانة الغاز ومخصصات الوقود، ولم نتطرق إلى نزيف الأموال وسرقتها في قطاع الصحة والتربية والتعليم، وها هو بات مثار استفزاز للرأي العام، بسبب تسويقه الخاطئ والمرتبك.

ارتبكنا أكثر و أكثر في موضوع التمويل الصغير ودعم مكونات التنمية البسيطة، كخيار إنقاذ اقتصادي واجتماعي، فكان المخرج ” بوكت مني” استثمره الفقراء لشراء جهاز جوّال أو غرفة جلوس متواضعة، وبالكاد يكفي، وهاهي النتائج على الأرض تؤكد أن أعقد معوقات تنمية المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر، ما زالت مشكلة التمويل اليوم كما الأمس كما هو الحال منذ عقود!

وارتبكنا منذ سنوات إلى اليوم ونحن نقارب ملفّ الإعلام، وكأننا البلد الوحيد في هذا العالم الذي يحوي إعلاماً ووسائل إعلام، أو كأننا نعيد اختراع الدولاب، والنتيجة لا تحتاج إلى طول شرح، وقد نفرد يوماً حديثاً مطولاً لهذا الملف ” بالنقطة والفاصلة كما يُقال”.

الأمثلة كثيرة وقرائن ارتباكنا متعددة بما لا يطمئن، بل ويثير حفيظة كلّ حريص على ” أرزاق” هذا البلد، لكن سؤالاً يلح علينا كلّما لمسنا ملامح الارتباك الواضحة في مقاربة معظم الملفات وهو: إذا كنا مصرّين بعدم إشراك أصحاب الاختصاص والخبراء في الدراسة و” الجراحة”، لماذا لا نستعين بالتجارب الجاهزة لدى الآخرين؟ فعلى حدّ علمنا أن لدينا من هم غارقون في غواية القصّ واللصق واستنساخ التجارب!

وهل تبدو مشكلتنا في تنازع الرؤى داخل أوساط القرار التنفيذي..أم استحكام المبتلين بداء ” الفكرة الثابتة” بالموقف، وفي كذا مفصل ؟

هنا تحضرنا طرفة قديمة يُحكى أنها حصلت في إحدى مؤسسات قطاعنا العام، في مؤسسة صناعية كبرى تم توريد معدات إنتاج حديثة، ولدى التركيب أضاءت “لمبة إشارة حمراء” لإحدى الآلات، وهذا يعني أن خطأً حصل في التركيب، وبعد عدّة محاولات اختار أحد الفنيين المشرفين على التركيب انتزاع لمبة الإشارة “العنيدة” و أطلق الآلة للعمل.

هامش: من اللافت أن الملفات الخاصّة المحصورة في نطاق اختصاص وزارة بعينها تمرّ بسلاسة غالباً، أما الأخرى التي تتدخل فيها عدّة وزارات ولجان تتعثّر.

هامش2: حتى مهارات الاستنساخ لدينا تبدو قاصرة، أي يتم استنساخ النصوص المكتوبة حرفياً وليس الأفكار، فتظهر المفردات الفاضحة الغريبة عن أدبيات التداول المحليّة، حتى هذه لم تجد من يولفها ويكيّفها مع المصطلحات المحلية !!

ناظم عيد – هاشتاغ سوريا

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]