كلّ هذا اقتصاد ولكن….؟؟

الخبير السوري:

الاقتصاد هو علم من العلوم الاجتماعية الذي يدرس السلوك البشري والرفاهية كعلاقة بين المقاصد والأهداف التي لها استعمالات بديلة، وبين الموارد المتاحة المحدودة والنادرة.

يمكن تقسيم الاقتصاد إلى أنواع منها:

  • اقتصاد جزئي واقتصاد كلي.

  • اقتصاد موضوعي وصفي واقتصاد معياري.

وهناك استخدام لكلمة اقتصاد الدولة: أي حالتها المالية بالإضافة إلى كل ما يتعلق بها مثل الإنتاج والتوزيع والإنفاق وأسواق العمل وغيرها. وهو استخدام حديث. فبعض الدول لها اقتصاد قوي وغيرها ضعيفة الاقتصاد.

إن الاقتصاد أخذ بالتبلور في صيغته الحالية كفرع علمي مستقل منذ أن قام آدم سميث بنشر كتابه الشهير “ثروة الأمم” عام 1776.

ويعرّف آدم سميث في كتابه مصطلح الاقتصاد السياسي بأنه أحد فروع علم السياسة والتشريع، ويهدف إلى أمرين أساسيين: الأول, تزويد الأفراد بكمية كافية ومستمرة من المنتجات، أو العمل على جعلهم قادرين على توفير هذه المنتجات بشكل متواصل، والثاني، تزويد الدولة أو إثراء كل من الأفراد والحكومات. وفي كتابه (ثروة الأمم) يشير آدم سميث إلى الاقتصاد بمصطلح (الاقتصاد السياسي Political Economy) إلا أن هذا المصطلح استبدل تدريجياً في الاستعمال العام بمصطلح (الاقتصاد Economics) وذلك بعد عام 1870 بالإضافة إلى أن أول من استعمل مصطلح الاقتصاد السياسي رجل دين فرنسي يدعى أنطوان ديمونكريتيان وأول من تعامل بجدية مع علم الاقتصاد هم أصحاب المذهب الطبيعي حيث آمنوا بالزراعة كمصدر صافي للربح.

يمكن تصنيف المجالات التي يبحث فيها علم الاقتصاد بشكل متنوع ومتعدد، إلا أنه بشكل أساسي يهتم بنوعين من التحليل الاقتصادي هما الاقتصاد الجزئي والاقتصاد الكلي.

حيث يدرس التحليل الاقتصادي الجزئي السلوك الاقتصادي للعناصر الاقتصادية (بما فيهم الأفراد والشركات) وطريقة تفاعلهم من خلال الأسواق الفردية، وندرة الموارد، والأنظمة الحكومية. السوق هنا قد تشمل السلعة المنتجة كالذرة على سبيل المثال، وقد تكون خدمة من قلب الإنتاج كالبناء مثلاً. هذا التحليل يقوم على نظرية دراسة مجموع كميات الطلب من قبل المشترين وكميات العرض من قبل البائعين عند كل نقطة سعر محتمل للوحدة المنتجة. وانطلاقاً من دراسة كل من العرض والطلب بشكل غير منفصل يتوصل التحليل الاقتصادي الجزئي لتوصيف الكيفية التي تصل بها السوق إلى حالة التوازن الاقتصادي للسعر والكمية، أو الاستجابة لمتغيرات السوق عبر الزمن. وهذا ما يطلق عليه في الشائع تحليل دراسة العرض والطلب.

هيكلية السوق مثل سوق المنافسة الكاملة وسوق الاحتكار تعتبر هنا من العوامل المؤثرة على درجة كفاءة السوق. هذا وينطلق مفهوم التحليل من فرضية مبسطة بأن سلوك الأسواق الأخرى يبقى ثابتاً وهذا ما يطلق عليه تحليل التوازن الجزئي، أما نظرية تحليل التوازن العام فإنها تسمح بالتغيرات في مختلف الأسواق بما فيها حركة السوق وتفاعلها تجاه التوازن الاقتصادي.

بينما يهتم التحليل الاقتصادي الكلي بدراسة الاقتصاد ككل، ليوضح تأثير العوامل الاقتصادية على اقتصاد البلدان، كتأثير الدخل القومي ومعدلات التشغيل، معدلات التوظيف، وتضخم الأسعار، ومعدل الاستهلاك الكلي، ومعدل الإنفاق الاستثماري ومكوناته. كما يدرس التحليل الاقتصادي الكلي تأثيرات كل من السياسة النقدية والسياسة المالية المتبعة في البلد، ومنذ ستينات القرن العشرين, أخذ التحليل الاقتصادي الكلي يأخذ منحى أكثر تكاملاً، وبرزت فيه نماذج جديدة كتحليل القطاعات على أساس جزئي، ورشد اللاعبين الاقتصاديين، الاستخدام الكفء لمعلومات السوق، والمنافسة غير الكاملة. كما يهتم التحليل الاقتصادي الكلي أيضاً بالعوامل ذات التأثيرات طويلة الأجل على الاقتصاد ونمو الدخل القومي. وكمثال على هذه العوامل نذكر تراكم رأس المال، التطور التكنولوجي (التقني)، ونمو قوة العمالة.

المحاولات للتوحيد بين هذين الفرعين أو إلغاء التمايز بينهما كان محفزاً مهماً في معظم الفكر الاقتصادي في المرحلة الأخيرة، خصوصاً في أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات. توجد اليوم وجهة تجمع على ضرورة أن يكون الاقتصاد الكلي الجيد مؤسس على بنى الاقتصاد الجزئي الصلبة، بكلمة أخرى، هيكلية الاقتصاد الكلي يجب أن تكون مدعمة بشكل واضح من قبل الاقتصاد الجزئي.

ويعتمد الاقتصاد كمادة أكاديمية بشكل أساسي على أساليب رياضية، إلى جانب اعتماده على الأساليب الأدبية. ويتم اعتماد الأساليب الرياضية والكمية لأغراض تحليل اقتصاد ما بدقة، أو لتحليل مناطق بعينها داخل الاقتصاد. وكأمثلة على هذه النماذج والأساليب في التحليل نذكر:

مصطلح اقتصاد رياضي الذي يطلق على تطبيق المناهج الرياضية لفهم وتفسير النظرية الاقتصادية بطرق علمية أو لحل المسائل الاقتصادية المطروحة، ويستخدم الاقتصاد الرياضي أساليب تحليل التفاضل والتكامل ومناهج المصفوفات الجبرية.

ولقد أشاد الكتّاب الاقتصاديون بالفوائد الكبيرة لهذا الأسلوب والمتمثلة بإتاحة صياغة واشتقاق مفتاح العلاقات في النموذج الاقتصادي بوضوح، وصرامة، وبساطة، وقد حدد (بول سامويلسون) في كتابه “أساسيات التحليل الاقتصادي” عام 1947، البنى الرياضية العامة في عدة مجالات اقتصادية والتي عن طريقها يتم تحليل المسائل والقضايا الاقتصادية بطريقة كمية يمكن أن يعبر عنها بنظريات ومعادلات كما فعل بعض علماء الاقتصاد الحائزين على جوائز نوبل في الاقتصاد كالعالم جون فوريس ناش الذي حاز على جائزة نوبل عن نظريته (نظرية التوازن) وكان اعتمادها الأساسي على الجانب الرياضي البحت.

الاقتصاد القياسي: في حين تطبق في الاقتصاد القياسي الأساليب الرياضية والإحصائية لتحليل البيانات المنبثة من النماذج الاقتصادية. مثال، قد تفترض نظرية ما أن الشخص المتعلم يكسب دخلاً- بالمعدل- أعلى من الدخل الذي يكسبه شخص مشابه له بجميع الخصائص إلا أنه غير متعلم (أو أقل مستوى تعليمي) هنا يأتي الاقتصاد القياسي فيقيس قوة العلاقة وأهميتها الإحصائية، ويستعمل أسلوب الاقتصاد القياسي لاستنتاج تعميمات كمية، كإيجاد علاقة بين معطيات موجودة مسبقاً والتنبؤ بما ستكون عليه الحال في المستقبل.

النتيجة التي تهمنا بعد هذا التعريف التثقيفي بأنواع الاقتصاد إلى أن الاقتصاد الجزئي الذي يشاهد ويدرس الأمور الجزئية على مستوى المشروعات والأفراد إذا كان هذا الاقتصاد ناجحاً ومتيناً وقائماً على أرضية السوق فإن الاقتصاد الكلي على مستوى الدولة سيكون ناجحاً ومتيناً وهذا ما يحتاجه الاقتصاد السوري وتوازنات المنافسة الكاملة لتحقيق نهوض اقتصادي سريع ومهم.

دمشق في 7/10/2020.

كتبه: د. عامر خربوطلي

العيادة الاقتصادية السورية

      فيسبوك

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]