الزراعات العضوية ..ثروة على طريق الاستثمار الأمثل

الخبير السوري:

تشكل عملية البحث عن غذاء يحتوي على عناصر غذائية أكثر و مفيد لصحة البشر وللبيئة معاً أحد الهواجس على المستوى الفردي وعلى مستوى التخطيط الاقتصادي ـ الزراعي الاستراتيجي للحكومات، حيث تتجه معظم دول العالم للحصول على قيمة مضافة أكبر للمنتج الزراعي ، ويعد قطاع الزراعة العضوية الأكثر حركةً والأسرع نمواً والأعلى طلباً في صناعة الغذاء العالمي ، فقد وصلت قيمة التداول بالمنتجات العضوية إلى 80 مليار يورو.
رئيسة دائرة الإنتاج العضوي في مديرية الزراعة باللاذقية الدكتورة غيداء بركات اشارت الى ان الإنتاج العضوي هو نظام إنتاج زراعي بيئي متكامل يحقق السلامة البيئية ومبدأ الاستدامة ، يحكمه قانون تشريعي يضمن في كل مراحله تقليل الآثار السلبية على البيئة وعلى الصحة العامة ، يتفوق على بقية الأنظمة الزراعية بأنه يرافق المنتج منذ بداية عملية الإنتاج داخل المزرعة، ولا يقف عند باب المزرعة ،وإنما يرافق المنتج حتى وصوله إلى المستهلك النهائي، و في كل مراحل الإنتاج العضوي يجب المحافظة ما أمكن على جودة المنتج والهوية العضوية والقيمة الغذائية للمنتجات ويحقق المنتج العضوي مجموعة من الفوائد البيئية والاقتصادية والاجتماعية ، فهو ذو قيمة غذائية أعلى نسبياَ و يعتمد على الوسائل الوقائية والعلاجية الطبيعية في إدارة الآفات ، ويمكن الاستفادة من مخلفات المزرعة وبقايا المحاصيل بطرق آمنة بيئياً وتحقق فوائد اقتصادية من خلال تحويلها إلى مخصبات عضوية (كومبوست) أو أعلاف ،لافتة الى انه يمكن استهداف الأسواق الخارجية الواعدة بدون أي قيود أو معوقات باعتبار أن شهادة المنتج العضوي تعتبر بمثابة وثيقة رسمية مؤهلة للمنتج المحلي ليأخذ مكانته التي يستحقها ، وتوفير الأموال التي تنفق على استيراد واستهلاك المبيدات الكيماوية وعلى إنتاج واستهلاك الأسمدة والمخصبات الكيماوية ، بالإضافة لزيادة إقبال المستهلكين على المنتجات العضوية في السنوات الأخيرة توفير ما ينفق في تطبيق تقنيات التخفيف من التلوث البيئي.
وأضافت د .بركات: قطاع الزراعة العضوية واحد من أهم قطاعات الإنتاج الواعدة في سورية ، وبدأت تجربة التحضير لنشر الزراعة العضوية بشكل رسمي في العام 2006 ، ونمتلك الكثير من المؤهلات التي تسمح لها بالتحول من الزراعة التقليدية إلى الزراعة العضوية، كالتنوع الكبير في الأصناف المحلية للأشجار المثمرة والخضار والنباتات الطبية البرية، التي تتميز بمواصفاتها الجيدة وتأقلمها مع الظروف المحلية ومقاومتها للعديد من الأمراض، كما ينتشر الكثير من الأصول البرية.
و تبنت وزارة الزراعة سياسة التوجه نحو المكافحة الحيوية و تطبيق برنامج الإدارة المتكاملة للآفات IPM، وخاصة على كل من الحمضيات والزيتون ، ما يتيح إمكانية التحول إلى نظام الزراعة العضوية، ويتوفر لدينا إمكانية التخلص من مخلفات المدن والبقايا الزراعية والاستفادة منها واستعمالها كسماد عضوي ، كمخلفات معاصر الزيتون الصلبة والسائلة.
وأشارت إلى أن المزارع يستعمل الأسمدة العضوية بشكل فطري ويتقبل العدول عن استخدام الأسمدة الكيماوية لإيمانه بضررها على التربة ، ويطبق الدورة الزراعية منذ القدم ما يعزز التنوع الحيوي ويخفف من الإصابة بالآفات.
دورات تدريبية
ونوهت بالعمل على إقامة دورات تدريبية للفنيين في دائرة الإرشاد الزراعي العاملين في الوحدات الإرشادية، و نفذنا على مدى العامين الماضيين عدداً من الدورات ويستمر العمل حالياً باستهداف الوحدات الإرشادية الداعمة بدورات متخصصة تبعاً للمحصول الرئيسي في مجال عمل الوحدة ، كما أقيمت دورات متخصصة للفنيين وتنفيذ مدارس للمزارعين.
وعن الأنواع القابلة للتحول أفادتنا د. بركات: يتركز عمل الدائرة بشكل رئيسي على الحمضيات التي تحتل المركز الأول في المحافظة من حيت كمية الإنتاج ، و الزيتون الذي يحتل المركز الأول من حيث المساحة المزروعة والثاني من حيث كمية الإنتاج ، و النباتات الطبية والعطرية و ما يقارب نصف إنتاج الفاكهة السورية ، وتعتبر من أكثر المحاصيل جاهزية للتحول إلى الإنتاج العضوي حسب الشروط العالمية ، فالكثير من شروط ومراحل التحول قد تم اجتيازها ، و نعمل حالياً على تشكيل مجموعة مزارعي حمضيات عضويين(20- 25 ) مزارعا بشرط تفهمهم واستعدادهم للالتزام بأساسيات الإنتاج العضوي , بحيث لن يتحمل المزارع أي تكاليف إضافية من خلال آلية عمل واضحة بين المزارع والشركة المانحة والجهة المصدرة.
ويعتبر اتباع أسلوب مجموعة مزارعي حمضيات عضويين هو الأسلوب الأكثر ملاءمة لتحول الحمضيات لنظام الإنتاج العضوي في اللاذقية، حيث تمنح شهادة جماعية لكل مزارعي المجموعة وبكلفة شهادة واحدة ، كما أنه يخفض تكاليف الإنتاج من المستلزمات /الأدوات – التخزين – التصنيع – التسويق…/ و يضمن حلقة موحدة تضم مجموعة من المزارعين من أصحاب الحيازات الصغيرة

تحكمها إدارة مركزية بحيث لا يمكن لأي مزارع التفرد بأي إجراء فردي، وتخضع للمراقبة و الإشراف المستمر على كل مراحل الانتاج وفق نظام مراقبة داخلي. I.C.S .
وفيما يتعلق بالزيتون فهو يتصدر مع الحمضيات قائمة الزراعات السورية القابلة للتحول بسهولة ونجاح نظراً لما يتمتع به من خصائص مؤهلة لذلك .
أما بالنسبة للنباتات الطبية والعطرية بينت أن هناك توجها كبيرا في اللاذقية لزراعة النباتات الطبية وخاصة الزعتر ويمكن العمل على نشر زراعة هذه الأنواع النباتية ذات الخصائص الطبية والعطرية ضمن مشاريع أسرية وفق نظام الانتاج العضوي في مناطق الهضاب ذات الحيازات الصغيرة ومحدودية موارد التربة والمياه. إن تقديم الدعم الفني والمادي اللازم لهؤلاء المزارعين بكافة مراحل الانتاج وصولاً إلى التوضيب والتغليف وحتى التصنيع وفق شروط الانتاج العضوي يحقق قيمة مضافة للمزارع ويعطيه فرصة للتسويق المحلي او التصدير الخارجي .
وعن آفاق التطوير أشارت رئيسة دائرة الإنتاج العضوي إلى أن المشكلة الأساسية التي تقف عائقاً أمام التحول لنظام الإنتاج العضوي الظروف الاقتصادية والاجتماعية وحجم الحيازات الزراعية الصغيرة نسبياً ، يرجح اعتماد تطبيق أسلوب مجموعة المزارعين.
وذلك بالتزامن مع العمل على التوعية والتعريف بأهمية ومبادئ نظام الانتاج العضوي وذلك من خلال التدريب الشامل والمتكامل لكل من الفنيين و المشغلين ، الدعم المادي والفني للمشغلين العضويين في المراحل الأولى للتحول ، وضع الأسس التي من شأنها التأمين المستدام لمستلزمات الإنتاج العضوي وبكل مراحله ، المساهمة في تسويق المنتج العضوي النهائي.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]