رحلة إنعاش اقتصادي واجتماعي لأهمّ قطاع تنمويّ سوريّ.. بدأت

الخبير السوري:

حسمت مؤسسة ضمان مخاطر القروض جدلاً طويلاً حول الفجوة الإقراضيّة القائمة في قوام الاقتصاد المحلّي، لجهة ما يتعلّق بالتمويلات الصغيرة ذات الأبعاد الاجتماعيّة والاقتصاديّة، والتي باتت المطرح التنموي الأهم وفق التصنيفات الجديدة للأولويات.
وبدأت المؤسسة حديثة العهد في سورية، حراكاً متأنيّاً ومدروساً باتجاه توطين التمويلات الصغيرة على نطاق واسع، إذ وقّعت المؤسّسة اتفاقات بالأحرف الأولى مع المصارف العاملة في السوق المحلّية، حدّدت من خلالها نسب المصارف وعمولات المؤسسة وذلك بعد أن استكملت البنية التحتيّة اللازمة للانطلاق بمشاريعها، التي يعوّل عليها كثيراً في توفير الضمانات اللازمة لقروض المشاريع المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، وهي تمثّل الأغلبية العظمى من المشاريع في البلاد.
وبيّنت مصادر المؤسسة أنّ الاهتمام بالدرجة الأولى للمشاريع، التي تعطيها الحكومة أولوية كمشاريع الإنتاج الزراعي بشقّيه النباتي والحيواني وريادة الأعمال، ومشاريع دعم المسرّحين من خدمة العلم، على أن يتمّ التنسيق مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، بحيث تقدّم المؤسسة الكفالات اللازمة لهؤلاء، إضافة للتنسيق مع هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الجوانب الفنّيّة والإداريّة.
ولفتت المصادر إلى أن المؤسّسة تفضّل تقديم الدعم والمساعدة للمشاريع الصغيرة على حساب المتوسطة، وذلك بالنظر لسهولة تمويلها، وعدد وحجم فرص العمل التي تخلقها، بيد أنّ ذلك كلّه مرتبط، بشكل رئيس، بتوافر دراسات الجدوى المناسبة التي تتيحها الهيئة للمقترض، علماً أنّ هذه المشاريع تمثّل 95 – 97% من النشاط الاقتصادي في البلاد.
وتعتمد المؤسسة مسارين لاستهداف المقترضين، الأول لمقترضين صغار لا يمكنهم دخول القطاع المصرفي، والحصول على قرض دون أن تضمن المؤسسة هذا القرض لدى المصارف، والثاني مقترض يستطيع الاقتراض، وهنا يكمن دور المؤسّسة بتسهيل حصوله على القرض.
فهناك مشاريع صغيرة تمارس أنشطة مختلفة منذ عقود طويلة، وتحتاج بعض مستلزمات الإنتاج غير المكلفة، ولا تتوافر لديها السيولة اللازمة لذلك، مثل بعض المشاغل الصغيرة في منطقة عربين في الغوطة، التي تصنّع المربيات والقمر الدين من فوائض الفواكه، وهناك مشاغل تصنيع الألبان والأجبان المنتشرة في الأرياف، وفي ضواحٍ قريبة من المدن الكبرى، أو تلك التي تنتج الصابون أو بعض الألبسة، وغيرها الكثير من المشاريع المختلفة.
وتضيف مصادر في تصريحات إعلاميّة: إنّ الدعم الحكومي للمشاريع المستهدفة يتركّز بالدرجة الأولى على دعم سعر الفائدة بأكثر من 50 بالمئة، فلو أنّ هناك قرضاً بفائدة 14%، يمكن أن تتحمّل منه 7%، ما يعني تخفيض التكاليف على المشروع، وبالتالي زيادة قدرته على منافسة المشاريع الأخرى، مشيرةً إلى وجود أسلوب آخر للدعم يتمثّل بالتأمين على جزء من محفظة المؤسسة، ومن ذلك مثلاً التأمين على الأبقار من النفوق أو الغرق أو الحريق، أي التأمين على المخاطر التي ليست ذات صلة بالإدارة، بيد أن وثائق التأمين على الثروة الحيوانية ما زالت مكلفة، خلافاً للتأمينات الهندسية والحريق والتأمين على حياة صاحب المشروع.
هذا وتُصنّف المؤسسة كمؤسسة خاصة أُحدثت بموجب القانون 12 لعام 2016، وتدفع الضرائب والرسوم لمصلحة وزارة المالية، التي رفضت إعفاءها منها، وهي شركة مغفلة مقرّها دمشق، ورأسمالها خمسة مليارات ليرة سورية، موزّعة على 50 مليون سهم، قيمة كلّ سهم 100 ليرة، وتساهم في رأسمال المؤسسة المصارف العامة الستة بـ41.16%، والمصارف الخاصة بـ54.6%، والمؤسسات المصرفية الاجتماعية بـ4.56%، ويتألّف مجلس إدارتها من سبعة أشخاص، ستة من المصارف، وواحد من مؤسسات التمويل الصغير، إضافة لمندوب عن وزارة الاقتصاد، وآخر عن مجلس النقد والتسليف، ويترأّس المجلس المدير العام للمصرف الزراعي.
يذكر أن هيئة مكافحة البطالة، التي أصبح اسمها فيما بعد هيئة تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، منحت قبل أكثر من عقدين، قروضاً لأعداد كبيرة من المتعطلين عن العمل، ولكن أغلب هذه القروض فشلت في تحقيق نتائج تُذكر، كما عجز هؤلاء عن سداد ما عليهم من التزامات، وتقاذفت جهات كثيرة المسؤولية يومها، بيد أنّ المشكلات الرئيسة تمثّلت بضعف خبرة أصحاب هذه المشاريع، وعدم توافر دراسات الجدوى لديهم، ومحدودية قنوات التسويق، وارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل وغيرها، فهل اتخذت حاليّاً الاستعدادات لمنع تكرار مثل هذه التجربة المريرة من جديد؟ سؤال يجيب عنه كاتبه بنعم، وأنّ ثمّة دراسات أجريت على أعلى المستويات لتحليل نقاط القوة والضعف في تلك التجربة للاستفادة منها، وللحصول على النتائج المتوخاة.

المصدر : الثورة

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]