“التجار” ووزارة الاقتصاد وجهاً لوجه..والمنتج المحلّي” فوكس” تطلعات جديدة قرار لا خيار..

الخبير السوري:

ظروف اقتصادية صعبة, وحصار اقتصادي أشد منها, وعقوبات ظالمة أحادية الجانب هي الأكثر ظلماً لأنها طالت البشر قبل الحجر, وقبلها حرب مدمرة لم يستطع أصحابها النيل من قوة بلدنا, فقادوا حربهم الاقتصادية المسعورة.

لذلك من الطبيعي في ظل هذه الظروف الصعبة التفكير جدياً في البحث عن البدائل للمستوردات لتغطية حاجة السوق المحلية, هذا ما أكده معاون وزير التجارة الخارجية بسام حيدر خلال ندوة (الأربعاء الاقتصادي لغرفة تجارة دمشق) التي عقدت تحت عنوان (برنامج بدائل المستوردات) وعدّ حيدر أن اعتماد برنامج إحلال بدائل المستوردات هو خطوة مهمة على طريق الاعتماد على الذات, وهذا توجه حكومي لمعالجة بعض أزمات السوق, وتبني قاعدة الاستثمار في الأزمات التي أثبتت أنه في كثير من الأحيان تتيح أفضل الفرص لصنع الثروات، وربما أكثر ما يميز هذا التوجه, هو التفكير بعقلية المستثمر وتغيير الأساليب التقليدية لمواجهة الحصار الاقتصادي من جهة، وتحويل القطع الأجنبي الذي تستهلكه فاتورة الاستيراد المرتفعة إلى مواقع تنموية أخرى بحاجة إلى عمليات دعم لزيادة حصة مساهمتها في استقرار السوق المحلية.

وأضاف حيدر إنه منذ بداية الأزمة اتخذت الحكومة جملة من الإجراءات للسيطرة على الأسواق, وخاصة لجهة أسعار الصرف التي بدأت بالصعود وعدم استقرارها حتى تاريخه, وحماية السوق المحلية وتوفير مستلزماتها بكل الوسائل في ظل حصار اقتصادي جائر وعقوبات خانقة, لهذا السبب اعتمدت سياسة ترشيد الاستيراد وتحديد هوية المنتجات المستوردة بما تتناسب مع حاجة السوق المحلية, والتي تمت دراستها من قبل الحكومة واعتمدت قائمة فيها مؤلفة من 3700 سلعة مسموح استيرادها, وحوالي 2300 سلعة في قائمة الممنوع, وتم تعميمها على كل الفعاليات الصناعية والتجارية, وبالتالي فإن نسبة 75% من السلع المسموحة تدخل في تركيبة تأمين مستلزمات الإنتاج الرئيسة, و25% منها لسلع غير أساسية.

ومن الإجراءات التي اعتمدتها الحكومة مؤخراً هو وضع سياسة سعرية جديدة على المستوردات التي تندرج ضمن سياسة إحلال البدائل, وفق آلية يحدد فيها سعر استرشادي للسلع المستوردة والمماثلة للمنتجات المحلية, وتالياً السعر الاسترشادي لا يوضع بصورة عشوائية, وإنما تتم دراسته من قبل الجهات المعنية بكل سلعة, هذا الاجراء قابل للتغيير وفق المتغيرات لكل سلعة, والإجراء الآخر الذي يأتي ضمن السياق ذاته هو فرض ضميمة مقطوعة على السلع المستوردة, وتالياً كل ذلك يأتي من إطار تعزيز القطاعات الإنتاجية المحلية في الزراعة والصناعة وفي ضوء نقص الموارد أيضاً, الأمر الذي يقلص فاتورة الاستيراد, ويسهم في تخفيض أسعار السلع الأساسية وتوفيرها في السوق المحلية، ويدعم مرحلة التعافي، والأهم أنه يشكل الحلقة الأهم في الاعتماد على الذات.

بدورها رانيا أحمد- معاون وزير التجارة الخارجية لشؤون التنمية والعلاقات الدولية أكدت حالة التعافي للقطاع الصناعي الذي يعدّ الأساس في تطبيق خطة احلال بدائل المستوردات وذلك بعد الدعم الذي قدمته الحكومة للمنشآت الصناعية لإعادة الإقلاع من جديد وتوسيع وتفعيل عمل المدن والمناطق الصناعية، لذلك من الضروري التطبيق الدقيق لهذه السياسة من خلال الدراسة المعمقة للاقتصاد السوري ومراعاة الميزات النسبية له، وتوفير كل مستلزمات تشجيع إقامة المعامل والمنشآت التي من شأنها تأمين احتياجات السوق المحلية من السلع التي يتم استيرادها حالياً بما يسهم في تخفيض الحاجة خلال المراحل القادمة، لافتة إلى أنه تم السماح خلال الفترات السابقة باستيراد المواد الأولية والتجهيزات اللازمة لإعادة إحياء الصناعات التي تضررت بفعل الحرب الأمر الذي أدى إلى استعادة العديد من القطاعات عافيتها وذلك من خلال مجموعة من البرامج التي تم العمل عليها في مقدمتها التوجه نحو التصدير والاهتمام بهذا القطاع ودعمه, وإيجاد فرص استثمارية للقطاع الخاص, وتشغيل فرص عمالة, وتأمين مصادر دخل للمواطنين, واختيار سلع المستوردات وفق حاجة القطاعات, ووضع قائمة للمستوردات, واختيار قطاعات قابلة للنمو, وتحقيق نتائج أفضل, واستقرار الحالة الاقتصادية ما أمكن ضمن هذه الظروف الصعبة.

لذلك تم تحديد متطلبات العمل للوصول للحالة المذكورة في مقدمتها توجيه موارد الدولة نحو القطاعات الأساسية, وإعطاء دور للقطاع الخاص في المشاركة بما يحقق منفعة الجانبين, وإنتاج سلع مسوقة محلياً وخارجياً تتمتع بميزات تنافسية, حيث تمت دراسة حوالي 40 مادة في الخطوات الأولى لبرنامج الدعم التي هي من أساسيات السوق المحلية, وتم استكمالها بدراسة 27 مادة أخرى والسماح باستيرادها لتأمين حاجة السوق المحلية, إضافة لإدخال المواد الزراعية بإنتاج بدائل المستوردات, والاستفادة من التجارب السابقة للدول الصديقة والسماح بإدخال مستلزمات العديد من الصناعات التي تحتاجها السوق المحلية كالخميرة والطاقات المتجددة وأجهزة الإنارة, ومكونات قطع تبديل السيارات وغيرها.

لذلك اعتمدت الحكومة سياسات داعمة يمكن تحقيق ذلك من خلالها منها على سبيل المثال: تخفيض تكاليف الإنتاج, وتخفيض الرسوم الجمركية على مستلزمات الإنتاج, وتخصيص مقاسم لهذه البدائل في المدن الصناعية لإقامة منشآت صناعية تؤمن السلع البديلة, وتخفيض رسومها, والأهم تطبيق برنامج دعم الفائدة بالاتفاق مع المصارف العامة والخاصة.

وبالمجمل, فإن الظروف التي يمر بها بلدنا تستدعي التعامل بأدوات وسياسات مختلفة، وفقاً لكل قطاع أو مجال، وفي هذا الإطار برزت أهمية صناعة بدائل المستوردات كواحدة من أهم الأدوات التي يمكن أن تسهم في دعم استقلالية القرار الاقتصادي، عبر دعم الإنتاج المحلي وتجنيبه منافسة المستورد في الفترة الحالية، بالتوازي مع تشجيع الصناعة المحلية كذلك تحقيق الاكتفاء الذاتي للمواد التي يمكن إنتاجها محلياً ولديها كفاءة اقتصادية، إضافة الى تشغيل اليد العاملة السورية.

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]