خبراء وصناعيون : حصر مستوردات المشتقات النفطية قرار يكافح التضخم ويسرع دوران عجلة الإنتاج المحلي

الخبير السوري :

بعد انتظار طويل, جاءت الاستجابة تحت ضغط ظروف ملحة تكمن في صدور قرار عن رئاسة مجلس الوزراء يقضي بالسماح لغرف الصناعة والصناعيين باستيراد مادتي الفيول والمازوت براً وبحراً ولمدة ثلاثة أشهر، بعد موافقة اللجنة الاقتصادية وبموجب ضوابط تضعها وزارات النفط و الثروة المعدنية والاقتصاد والتجارة الخارجية و الصناعة.
ولهذا القرار مدلول اقتصادي كبير في ظل معاناة كبيرة تفرضها حالة الحصار الاقتصادي والعقوبات التي فرضتها الدول المعادية لبلدنا . من هذا المنطلق حاولت «تشرين» رصد أهمية هذا القرار وانعكاساته على السوق المحلية ، وخاصة القوى المنتجة والمؤثرة في حجم السوق من حيث الكم والنوع.
إنعاش للقطاع الصناعي
المستشار الاقتصادي الدكتور ماهر سنجر أشار خلال حديثه إلى أن القرار صدر بناء على توصية اللجنة الاقتصادية والبنك المركزي هو أحد الأعضاء الفاعلين في هذه اللجنة ما يشير إلى أن الظروف الملائمة لقرار كهذا قد تمت تهيئتها كما حصل سابقاً لدى صدور قرار استيراد الغاز والفيول, حيث أتى هذا القرار استكمالاً للقرارت السابقة لإنعاش القطاع الصناعي, وبالتالي من الملاحظ في صلب القرار وصياغته الاهتمام بالصناعيين وبتطوير عجلة الإنتاج, مع ضرورة انتظار التعرف على ماهية الضوابط التي تم ذكرها في صلب هذا القرار.
منوهاً بأنه من المرجح الاعتماد على الضوابط نفسها التي وضعها البنك المركزي سابقاً والمتمثلة بتمويل استيراد الفيول بكميات محددة ولفترة معينة من خلال تحويلات القطع الخارجي الواردة للصناعيين خشية التأثير في سعر الصرف بطريقة غير مرغوب بها تؤثر سلباً في عجلة الإنتاج وتفرغ القرار من محتواه. ومن الضوابط التي لابد من متابعتها أيضاً حسب د.سنجر، حجم مستلزمات الصناعي للمادة المستوردة، وهنا يكمن عمل وزارة الصناعة تجنباً للمغالاة في تقدير احتياجات الصناعيين, فكل كمية فائضة سيتبعها الكثير من علامات الاستفهام عن الغاية من استيراد كمية كهذه وكيفية تصريفها. وتالياً ستكون الضوابط بمنزلة إدارة صحيحة لموارد الصناعيين وستحافظ على الدور الإشرافي والرقابي لكل من غرفة الصناعة والوزارة .
مكافحة تضخم المستورد
وعند السؤال عن قراءته لصدور هذا القرار، أوضح د.سنجر أنه نتيجة التضخم الحاصل وخاصة التضخم المستورد والتضخم الناتج عن ضعف دوران عجلة الإنتاج المحلي تسعى الجهات المعنية لمحاربة هذا التضخم بالعمل على دعم الصناعة الوطنية، فدوران عجلة الانتاج يؤدي إلى التقليل من التضخم, فالقرار حسب د.سنجر يهدف إلى دعم قطاع يعول عليه الكثير ويمثل رافعة لبقية القطاعات الاقتصادية المكونة للنظام الاقتصادي الكلي.
من دون أن ننسى أن القرار أتى رداً إضافياً على الحصار والإجراءات الظالمة أحادية الجانب من قبل أميركا والدول الأوروبية، المفروضة على الدولة ومؤسساتها، فالتشاركية هنا مع القطاع الخاص، هي تفعيل للاقتصاد السوري ورفعه لدرجة المرونة اللازمة.
استجابة سريعة
من جهتها أكدت غرفة صناعة دمشق وريفها أهمية هذا القرار في تشغيل المعامل المهدد بعضها بالتوقف نتيجة فقدان مادتي الفيول والمازوت، كما يعكس القرار الاستجابة السريعة من الحكومة للصناعيين الذين تقدموا بطلبات من أجل استيراد هذه المادة.
خطوة إيجابية
في حين أكد المدير العام للمؤسسة العامة للصناعات الهندسية أسعد وردة أن سماح الحكومة للصناعيين باستيراد المشتقات النفطية، يعد خطوة إيجابية بعد حصول أزمة في توريد هذه المنتجات إلى البلاد نتيجة الحصار الاقتصادي واشتداده خلال الفترة الأخيرة، حيث تسبب النقص في إيقاف عدد من المعامل والمصانع، ما سيلحق ضرراً كبيراً بالصناعة المحلية التي بدأت عجلتها بالدوران، وإيقاف أي معمل أيا كان حجمه سيترك أثراً سلبياً في تعطيل الإنتاج بعد محاولة الصناعيين تشغيل معاملهم وإرجاعها إلى دائرة الخدمة لتصنيع سلع تلبي حاجة السوق المحلية مع تصدير بعضها إلى الأسواق الخارجية التي بدأت باسترجاعها مؤخراً.
منوهاً بأهمية مشاركة الصناعيين للحكومة في توريد المشتقات النفطية ماسيؤدي إلى توافر المادة وتخفيض سعرها وتخفيف الأعباء على الدولة في هذه المرحلة.
وضمن الإطار ذاته أكد الدكتور أسامة أبو فخر المدير العام للمؤسسة العامة للصناعات الكيميائية ضرورة العمل على ضبط عمليات التوريد من خلال منع قيام بعض الصناعيين في المتاجرة بهذه المشتقات, ما يضمن أن استيراد أي كميات ستكون موجهة إلى تشغيل المعامل، وليس استغلال الأزمة الراهنة لكسب أموال مضاعفة، وخاصة أن بيع المشتقات النفطية يعد مجدياً ومربحاً اقتصادياً، وإن حدث ذلك سيؤدي إلى اتساع السوق السوداء ومافياتها، وسيلحق الضرر بالصناعة والمواطن.
الصناعي يرفض الخسارة
وبدورها وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية قدمت مقاربة أكدت فيها ضرورة استخدام هذا القرار لتأمين حاجات الصناعة فقط، من دون المتاجرة بالمواد، فالمازوت مدعوم من الدولة بما يقارب الـ200 ليرة لليتر، وعند بيعه بسعره اليوم بالسوق السوداء يشكل مربحاً للتجار، ولكن عند استيراده من قبل الصناعيين فسيكون سعره مرتفعاً مايقلل إمكانية بيعه بسعر أعلى ويشكل خسارة لهذا الصناعي، والصناعي السوري يرفض الخسارة بكل تأكيد.
«النفط» وضوابط الاستيراد
في حين اكتفت وزارة النفط والثروة المعدنية بإصدار الشروط والضوابط المطلوب مراعاتها في استيراد مادتي المازوت والفيول لغرف الصناعة والصناعيين وفق القرار رقم 276، فعند الاستيراد براً أو بحراً يتم الحصول على إجازة الاستيراد من قبل مديرية الاقتصاد والتجارة الخارجية، مع تقديم بيان تفصيلي عن مقصد الحمولة والجهة المخصصة بها داخل السوق السورية، مصدق من غرف الصناعة السورية، إضافة لموافقة رئيس لجنة المحروقات في المحافظة على الكميات المخصصة لكل منشأة والمقدرة من قبل اللجنة الفنية.
وعن المتطلبات اللوجستية أكدت الوزارة في بيانها، أنه يتم الاستيراد عن طريق المرفأ البحري بالناقلات البحرية على خزانات مصب بانياس النفطي، إضافة لقيام شركة مصفاة بانياس وشركة المحروقات والشركة السورية بنقل النفط، بالعملية اللوجستية من قبول الناقلة وربطها، إضافة لإجراء تحليل العينات في مخبر مصفاة بانياس، ثم تفريغ الناقلة والتخزين والتحميل بالصهاريج. على أن يتم تنظيم إذن شحن للصهاريج من قبل شركة المحروقات وغرف الصناعة والصناعيين، ويتم تسليم المادة للمستورد من أرض مستودعات شركة محروقات في بانياس، بعد تسديد جميع النفقات المترتبة على استقبال وربط وتحليل وتفريغ وتخزين المادة وإعادة تعبئتها في الصهاريج.
ولابد من أن تحديد الكميات الموردة وفق العمليات الناظمة المعمول بها وبوجود شركة مراقبة عالمية ولجان فنية من قبل وزارة النفط والثروة المعدنية ومندوب من الجهة المستوردة وتقع أجور شركة المراقبة على عاتق المورد.
وفيما يخص الطلبات اللوجستية للاستيراد براً بالصهاريج من دول الجوار، تم التأكيد على ضرورة تحميل الصهاريج «كرت كيل» مصدق من جهة رسمية, في حال كان الصهريج يحمل لوحة غير سورية، إضافة للحصول على وثيقة من شركة محروقات تسمح لها بالنقل من دول الجوار إلى سورية وتوجب إبراز هذه الموافقة إلى الأمانة الجمركية للسماح بخروجها فارغة للتحميل.
أما فيما يتعلق بعملية التوزيع فيمنع تغيير مقصد الحمولة إلى أي جهة أخرى مغايرة للبيان الوارد في طلب إجازة الاستيراد لأي سبب كان من قبل الناقل أو صاحب المقصد، ويمنع تجيير المادة (مازوت_فيول) المحملة بالصهريج لأي جهة أخرى من قبل صاحب المنشأة تحت طائلة اتخاذ العقوبات الرادعة بحقه وفق الأنظمة النافذة لذلك.
وأن تقوم الجهة المستلمة للمادة بختم إذن الشحن إشعاراً باستعلام المادة وموافاة شركة محروقات بنسخة عنها، إضافة لتأكيد وزارة النفط على استخدام مادتي الفيول المازوت من قبل غرف الصناعة والصناعيين ضمن المنشآت العائدة للصناعيين وعلى مسؤوليتهم تحت طائلة المساءلة القانونية.
إضافة لضوابط تمثلت بمنع تغيير مقصد إذن الشحن إلى جهة أخرى مغايرة لإذن الشحن المنظم من قبل المصدر، وعلى الجهة المستوردة أن تعلم شركة محروقات بالكميات الموردة وأماكن تسليمها أسبوعياً وإعلام لجنة المحروقات في المحافظة بذلك… كما تعامل المواد المستوردة من قبل غرف الصناعة معاملة الغاز المنزلي المستورد في إعفائه من العمولة لمصلحة شركة محروقات، وبالنسبة للرسوم والضرائب ونفقات العملية اللوجستية، تعامل بما يسهم في تخفيض التكلفة.
وتحّدد أسعار مبيع مادتي المازوت والفيول للصناعيين من قبل وزارة النفط والثروة المعدنية ومكتب تسويق النفط بقرار يصدر استناداً إلى نشرات بلاتس العالمية لأسعار المشتقات النفطية صعوداً وهبوطاً.

المصدر : تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]