«الـدولرة» ودول البريكس !

 

الدكتور حيان أحمد سلمان

نقصد بمصطلح «الدولرة» توجه الإدارة الأمريكية لجعل دولارها العملة الوحيدة المستخدمة لتقييم كل السلع بما فيها العملات الأخرى (سعر الصرف)، وانطلاقاً من ذلك تسعى لتأسيس نظام نقدي عالمي يتم من خلاله إجراء جميع العمليات الاقتصادية والمالية والاستثمارية وغيرها بعملتها فقط، بهدف فرض إملاءاتها وعقوباتها على دول العالم. ووفقاً لمصلحتها فقط، ولتحقيق ذلك تستخدم قوتها العسكرية والحصار والعقوبات الاقتصادية والحرب بالوكالة وزيادة بؤر التوتر في العالم.. إلخ، ولكن ومع تغير موازين القوى والوصول إلى (توازن الرعب الدولي) بدأت الكثير من الدول والتحالفات تخرج عن الطاعة الأمريكية وتعدّ عملتها من مرتكزات سيادتها الوطنية، وفي مقدمة هذه الدول والتحالفات (مجموعة البريكس)، والسؤال المطروح حالياً هو: هل تفعلها دول البريكس في اجتماعها القادم وتقوم باعتماد عملة دولية جديدة، وتالياً تضع حداً للسيطرة الأمريكية ولعملتها؟ وهذه المجموعة قادرة على ذلك من ناحية القوة الاقتصادية وغيرها، وتجدر الإشارة هنا إلى أن العملات الوطنية لدول البريكس كلها تبدأ بحرف (R) وهي (الروبل الروسي- ران مبيني الصيني- روبية الهندية- راند في جنوب إفريقيا- ريال البرازيل)، فهل تفعلها دول المجموعة وتوجد عملة من عملاتها أو عملة جديدة متفقاً عليها تنافس الدولار، ويحل محلها رمز جديد بدلاً من (الدولار $)، وخاصة مع تراجع قيمة الدولار وارتفاع أسعار الصرف ومعدلات التضخم، وسيتعرض الدولار لما تعرض له (المارك الألماني) سابقاً، وهنا نذكر قول الاقتصاديين الأمريكيين (سموي لسون وهو أول عالم أمريكي يحصل على جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1970) و(نورد هاوس وهو مستشار اقتصادي للرئيس كارتر) ويقولان في كتابهما علم الاقتصاد الصفحة 707 حرفياً «في عشرينيات القرن العشرين قامت الحكومة الألمانية بإطلاق العنان لطباعة المزيد من البنكنوت المحلي من دون أي ضوابط اقتصادية، ما أدى إلى زيادة المعروض النقدي ورفع الأسعار إلى مستويات فلكية، فمنذ شهر كانون الثاني عام 1922 وحتى تشرين الثاني عام 1923 ارتفع مؤشر السعر من (1) إلى (10) تريليونات، أي إن الشخص الذي يمتلك مبلغ /300/ مليون مارك من السندات الألمانية في أوائل عام 1922 لم يعد بإمكانه شراء قطعة من الحلوى بهذا المبلغ الضخم بعد مرور عامين فقط»، ويذكر الكاتبان في الصفحة /703/ حرفياً «يقال أن فلاديمير لينين في معرض هجومه المعروف على الرأسمالية قد تهكم ذات مرة بقوله: إن أفضل السبل لتحطيم الرأسمالية هي طباعة المزيد من البنكنوت وإغراق الأسواق بها، الأمر الذي من شأنه إفساد النظام النقدي، فمن خلال تعزيز التضخم المتواصل، يمكن للحكومات مصادرة شريحة هامة من ثروات مواطنيها سراً دون أن يعي ذلك أحد..»، وقناعتنا أن الدولار بدأ يفقد سيطرته على الساحة العالمية، بل نتوقع أن عوامل كثيرة قد تؤدي إلى تحوله إلى عملة عادية وفي المستقبل القريب، ولكن المهم بالنسبة لنا هو أن نوسع دائرة سلة العملات التي ترتبط بها ليرتنا السورية وفي مقدمتها عملات دول البريكس، وخاصة أن الدولار منذ عام 1971 لم يعد مرتبطاً بالذهب، وتحول إلى بنكنوت عادي يعتمد على ثقة العالم بالاقتصاد والقوة الأمريكية فقط، ومعروف أن أمريكا تتراجع، ووفقاً لكل المؤشرات بدأنا نشهد معالم نظام عالمي جديد قائم على تعدد الأقطاب، فالشكل الطبيعي هو تعدد العملات المرجعية وعدم الاكتفاء بالعملات الحالية من الدولار واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني، فهل تفعلها دول البريكس والمستقبل مفتوح على كل الاحتمالات؟!

تشرين

التعليقات مغلقة.

[ جديد الخبير ]